” لا أعلم أين زوجي و أولادي الآن ” .. سيدة سورية تتحدث عن الأهوال التي قاستها في سجون بشار الأسد و عن التهم التي لم تسمع بها في حياتها

تخفي السجون في سوريا قصصًا كثيرة لأبرياء ألقى بهم النظام في جحيم التعذيب، على أمل إخماد الثورة ضده منذ عام 2011.

من بينها قصة السورية عنود الملحم، إذ تم اعتقالها على خلفية “تشابه أسماء”، وقضت عدة أشهر في السجن، واتهموها بـ”جهاد النكاح”، وهو مصطلح كانت تسمعه للمرة الأولى.

عنود من حمص القصير (وسط)، وجرى اعتقالها في نوفمبر/ تشرين ثانٍ 2014، بمنطقة دوار تدمر في حمص، وأُفرج عنها في مارس/ آذار من العام التالي.

وقالت عنود للأناضول: “عندما اعتُقلت بقيت في (فرع) الأمن السياسي 15 يومًا.. كان هناك شباب ونساء وكنت في (زنزانة) منفردة صغيرة”.

وأضافت: “بعدها نُقلت إلى فرع أمن الدولة بحمص، داخل مهجع صغير فيه 23 فتاة من مختلف المحافظات، وبينهن جامعيات.. كان هناك تعذيب ومراقبة وقلة طعام ومنع من الصلاة والصيام”.

وتابعت: “بقيت نحو شهر وأسبوع في أمن الدولة، ثم نُقلت إلى دمشق.. اشتباكات بين المعارضين والنظام، أصابت عجلة السيارة وانقلبت بنا.. كنت الفتاة الوحيدة و15 شابا.. تأذيت كثيرًا، تعرض ظهري للألم ولم أستطع تحريكه، ووصلنا إلى فرع الخطيب بدمشق”.

واستطردت: “لم أستطع الوقوف على رجلي، وبقيت شهرًا طريحة الأرض، وأعطوني نصف حبة مسكن فقط”.

** ضرب وإهانات

عن ظروف التحقيق، قالت عنود: “كل يوم تحقيق.. كانت هناك فتيات من محافظات كثيرة، كان لهن خمسة أشهر متحفظ عليهن، لحين اعتراف أقربائهن المعتقلين”.

وأضافت: “كان يتم يوميًا اصطحابي إلى التحقيق بالقوة عبر ثلاثة شبان، والمحقق يتقصدني، كل يوم تحقيق مرة أو مرتين، ورغم آلامي كان هناك ضرب، كنت أجلس على الركب ويداي مربوطتان للخلف، وأعيني معصوبة، وصوروني ووقعوني على أوراق لا أعرفها.. وكانت هناك إهانات لفظية”.

وزادت بقولها: “كان أخي وأقربائي كلهم مستشهدين في معارك مع النظام، وكانوا (المحققين) يتهمونني بجلب التمويل من السعودية وتركيا”.

وتابعت: “قالوا لي: عملت جهاد النكاح.. وكانت هذه أول مرة اسمع به في حياتي.. وجهت لي تهم كثيرة بأنني ذهبت للبنان بطرق التهريب لجلب السلاح، وتمويل الإرهابيين.. ولأنني عملت في مستشفى لكي أكسب ولا أعتمد على أحد اعتبروا ذلك مساعدة لإرهابيين”.

واستطردت: “قيل لي إنني مطلوبة للإعدام، فقالت لهم ليست هناك مشكلة إذا كنت مذنبة.. ويرافق ذلك رفس وضرب على الوجه”.

** طعام كل 24 ساعة

السيدة السورية، وهي أم لثلاثة أبناء، قالت: “اعتقلت على أنه يوجد تشابه أسماء، وما زلت طيلة أكثر من شهرين اتنقل (بين الأفرع الأمنية).. وجهت لي إهانات وكلام بذيء جدًا.. عندما أعود للمهجع كان مجرد أرض جرداء، والطعام مرة كل 24 ساعة، برغل مع حمص، أو أرز مع حمص، وإن كانوا كرماء يضعون حبة بطاطا”.

وأردفت: “كل يوم تحقيق والأسئلة نفسها، وصوروني مرتين وثلاثة.. التعذيب كان بالضرب بواسطة حزام جلدي، ومع الحادثة لم أستطع التحرك من الألم.. لم أكن أعرف أحدهم، كنت أشعر أننا تحت الأرض، ويصعدون بنا الأدراج”.

** أسوأ من الاغتصاب

رغم أنني لم أتعرض للاغتصاب، أضافت عنود، فإن “ما تحدثوا به أسوأ من الاغتصاب، كلامهم القاسي ينال من الشرف، فضلًا عن الاتهام بجهاد النكاح هذه ليست سهلة.. عملنا مع المجاهدين وساعدناهم، ولم نر منهم خطأ، لكن في سجون النظام كانت التهم هكذا”.

وتابعت: “كان هناك رفس وضرب على الفم، تكسر سنين لدي.. ننزل للمهجع مدميين، وحتى فترة قريبة عالجت أماكن الضرب”.

وأردفت: “حُبست أربعة أشهر، وطلبوني للإعدام.. نقلت إلى مهجع آخر في شباط (فبراير) 2015، وعندها بدأ موضوع المصالحات”.

** ساعتان إخلاء سبيل

حول وسائل التعذيب، قالت عنود: “علقونا بالجنازير والسلالم، أيدينا كانت تخلع من مكانها، وتلقيت علاجًا قبل قدومي إلى إدلب (شمال) من دمشق، عبر التهريب”.

ولم تنته معاناتها حتى بعد قرار الإفراج عنها: “بعد فرع الخطيب نُقلت إلى الأمن العسكري في دمشق، وبقيت فيه 10 أيام، وكانوا ينادون أسماء لإعدام ميداني، وبعدها حصل تبادل ودفع أموال، وتمكنت حينها من الخروج من الأمن العسكري”.

وزادت: “وضعوني في مخفر 12 يومًا، ويوم واحد في سجن عدرا بدمشق، ومنه إخلاء سبيل.. ذهبنا إلى الفندق، وبعد ساعتين جاء عشرة شبان عسكرييين بلباس مدني لأخذي مجددًا، لم أكن قد تناولت سندويتشي بعد”.

وتابعت: “أخذوني على فرع لم أكن أعرفه، وبقيت يومين بين تحقيقات واتصالات، وقيل لي: أنت مطلوبة.. رغم قولي لهم: إنني حصلت على ختم البراءة”.

وأوضحت أن “الحديث كان بذيئًا، ويتم البصق علينا.. بعدها تركوني في الشارع، فعدت إلى الفندق”.

وتابعت: “كانت لدي إسوارة ذهب فاتهموني بأنني اشتريتها من جهاد النكاح، فقلت لهم هذا من عملنا في البساتين.. بعتها لركوب سيارة والتنقل، وبعدها لمدة 15 يومًا ذهبت إلى محكمة الإرهاب إلى حين إخلاء السبيل، وخرجت في آذار/مارس 2015”.

** آمل بلقاء الأسرة

عن مشاهداتها في السجن قالت عنود: “شاهدت تعذيب الرجال من فتحات الباب، يضربونهم ويعذبونهم بالجنازير والكرباج في كل مكان، مع التعليق، والتعذيب بالكهرباء والدولاب.. شاهدت كثيرًا”.

وتابعت: “وكذلك النساء كانوا يخضعون للتعذيب، ويعيدون التحقيق في حال تغير الاعتراف كلمة واحدة، ويتم التعذيب والتعليق ساعات طويلة.. كان هناك رجال ونساء من مختلف الأعمار، وبينهم مرضى”.

وأوضحت أن “أصعب شيء هو الاعتقال في الأفرع (الأمنية)، فالعناصر (هناك) يستمتعون بممارسة التعذيب مع شرب الشاي والقهوة والتدخين، لا أعرف سبب العداوة هذه، لم أر الموت، لكن هناك مناظر لا أنساها”.

وأضافت: “امرأة عمرها 45 عامًا اتُهمت بأنها تخفي زوجك وابنها العسكريين، لمحتها معلقة بالجنزير ومليئة بالدماء وثيابها ممزقة.. ومرة عندما نقل الرجال للحمامات كانت أرجلهم متورمة ومنتفخة وثيابهم ممزقة من الضرب”.

وختمت المعتقلة السورية السابقة بوقلها: “الله هو الذي يصبر.. آمل أن ألتقي مع أولادي، ولا أعلم أين هم.. زوجي وولداي مختفيان، أتمنى من الله أن يجمعني بهم، حاليًا لدي بنت وحيدة، وانتظر بقية أولادي، ربما يكون القبر أرحم من سجون النظام”. (ANADOLU)

*النص كما ورد في وكالة أنباء الأناضول بنسختها العربية[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

تعليق واحد