سمكة ” دخيلة ” تغزو المتوسط .. و حملة في لبنان للتشجيع على تذوقها
كان الصياد اللبناني، حسن يونس، يغطس في المياه نفسها قبالة بلدته الساحلية على مدى 30 عاماً، لكنه لم ير شيئا مثل ما حدث هذا العام عندما اختفت السلالات المحلية وحلت محلها أسماك الأسد الغازية.
انتهت الأيام التي كان يخرج فيها بصيد كبير من السلطعون الأحمر وقنافد البحر وسمك السلطان إبراهيم. فقد أصبح الآن يعتبر نفسه محظوظا لو اصطاد القاروص المعروف بـ “اللقز”.
لكن المتوفر الآن هو سمكة الأسد، وهي سمكة عدوانية سامة موطنها الأصلي في البحر الأحمر، ومنطقة المحيط الهادي الهندية وتأكل الأسماك الأصغر حجما كما تأكل بعضها البعض.
ويقول خبراء البيئة والأحياء المائية إن توسعة وتعميق قناة السويس التي تربط البحر الأبيض بالبحر الأحمر في عام 2015 وارتفاع حرارة مياه البحر بسبب التغير المناخي دفع سمكة الأسد لاتخاذ موطن جديد لها في البحر المتوسط.
وظهرت سرعة انتشار سمكة الأسد على نطاق واسع مما يهدد الشعاب المرجانية ومصائد الأسماك.
وقالت الإدارة القومية للمحيطات والغلاف الجوي الأميركية إن أعداد سمكة الأسد زادت بدرجة كبيرة للغاية على مدى 15 عاما. وأرجعت هذه الظاهرة جزئياً إلى إطلاق الناس لأسماك غير مرغوب فيها من أحواض السمك المنزلية في المحيطات. وأكدت أن هذه الأسماك تضر بالشعاب المرجانية في المحيط الأطلسي وفي خليج المكسيك والبحر الكاريبي.
وقال يونس، خلال طلعة بزورق في الصباح الباكر: “البحر لم يعد البحر نفسه الذي كنا نعرفه، كل الأسماك تغيّرت، هناك أنواع جديدة من الأسماك ظهرت مثل السمكة الأسد والنفّاخة ونوع من سمكة سلطان إبراهيم لم نكن نعرفه”.
وأكد أن أعداد الأسماك باتت قليلة، وأنه ورفاقه من الصيادين أحياناً لا يصطادون ما يكفي لدفع تكاليف رحلة الصيد من مازوت وغيره.
من جهته، شرح عالم الأحياء المائية جيسون هول سبنسر أن الأسماك ذات الزعانف السامة رصدت لأول مرة في البحر المتوسط في عام 1991 ولم ترصد بعد ذلك حتى عام 2012 قبالة ساحل جنوب لبنان. ومنذ عام 2015 انتشرت باطراد في المنطقة.
من جهته، قال الصياد عطا الله سبليني المتخصص في الصيد بالرمح إنه بدأ برؤية السمكة الأسد قبل ثلاثة أعوام، لكنها كانت نادرة.
وأضاف أنه أصبح يوجد منها الآن من 30 إلى 50 سمكة في مكان واحد. ووصفها هذه السمكة بـ”الإبادة”، مضيفاً: “تأتي هذه السمكة وتستوطن وتأكل كل شيء”، شارحاً أن مكان تواجدها هو نفس مكن تواجد سمكة “اللقز” لذا اختفت هذه الأخيرة بدرجة كبيرة.
من جهتهم، اعتبر الناشطون في مجال البيئة في لبنان أن أرزاق الصيادين والحفاظ على مجال البيئة البحرية ربما يعتمدان على تناول الناس لسمكة الأسد.
ويمثل انتشار هذا النوع من السمك مشكلة على وجه الخصوص للبيئة البحرية للبنان التي أنهكتها عقود من الصيد الجائر والتلوث.
وقالت الناشطة في مجال البيئة البحرية جينا تلج عن تلك السمكة: “إنها تأكل الكثير وتتكاثر على مدار السنة، لذا من السهل عليها أن تسيطر على نظامنا البيئي وأن تسبب له خلالاً”.
وأضافت تلج التي تدير حملة لتشجيع الناس على تناول سمكة الأسد: “من حسن حظنا أن هذه طعم السمكة جميل جداً.. نحن نشجع الصيادين على اصطيادها”. ولم يستجب حتى الآن لدعوتها سوى الصيادين لكن تلج تأمل في نجاح حملتها لتشجيع اللبنانيين على تذوقها.
وترأس تلج منظمة غير حكومية تعرف باسم “جمعية يوميات المحيط”، ورغم أنها تحظى باعتراف الدولة لكنها لا تتلقى أي تمويل وتعتمد على المتطوعين.
وقالت تلج: أكبر مشكلة هو الجهل. نحن لا نعرف الكثير عن بحرنا. كيف يمكن أن نحافظ إذاً على الثروة السمكية التي لدينا وعلى التنوع البيولوجي”.
وتضع الأسماك الغازية البيض كل أربعة أيام ويمكنها أن تضع كل عام ما يصل إلى مليوني بيضة قادرة على تحمل تيارات المحيطات.
وفي هذا السياق، قال هول سبنسر إن انتشار هذه السمكة هذا العام كان “بنسب تشبه الطاعون” في أنحاء شرق البحر المتوسط بما في ذلك اليونان وتركيا وإسرائيل وقبرص.
وللحد من المشكلة على المدى البعيد، فإنه يرغب في إنشاء هويس لإغلاق المياه المالحة في قناة السويس وهو ما سيمنع انتقال أنواع الأسماك من بحر إلى الآخر.
وأضاف هول سبنسر أنه لحين القيام بذلك، فإن أفضل شيء هو صيد سمكة الأسد “والاحتفال أيضا بحقيقة أنها صالحة للأكل على نحو جيد”. (REUTERS)[ads3]