” الثقب الأسود ” .. صحيفة بريطانية تتحدث عن مناخ الخوف و الرعب الذي ينتظر العائدين إلى سوريا و تروي تفاصيل عودة شاب حمصي و ما حصل له
نشرت صحيفة “فاينينشال تايمز” البريطانية مقالاً بعنوان “مناخ الخوف يمنع اللاجئين السوريين من العودة إلى بلادهم”، تحدثت فيه عن “الثقب الأسود” الذي ينتظر العائدين.
وتحدثت الصحيفة عن رضا (29 عاماً) الأب لثلاثة أطفال، والذي كان قرر الصيف الماضي العودة من لبنان إلى حمص، بعد 7 سنوات من مغادرتها.
وبحلول شهر تشرين الأول، كان رضا ما يزال يعتقد أنه قراره بالعودة صحيح، وعن ذلك قال حينها: “الناس يعملون ويعيشون حياتهم بشكل طبيعي.. هناك أمان نسبي”، ولكن بعد مرور عام، حمل رضا السلاح وارتدى زي الجيش وأرسل بعيداً عن حمص، ولم يعد يعتقد أن قرار العودة الذي اتخذه كان حكيماً.
تم سوق رضا للخدمة الاحتياطية وأرسل إلى ريف دمشق، حيث معقل المعارضة السابق والأحياء التي سوتها الضربات الجوية بالأرض، يعلق رضا: “هناك آخرون يتم سوقهم أيضاً.. الفساد وصل لدرجة لا تطاق، من لديه واسطات يمكن أن يتدبر أموره، أما البقية فعليهم أن يصمتوا ويتحملوا الظلم، أو سيتم اعتقالهم”.
وقالت الصحيفة، بحسب ما ترحم عكس السير، إن بشار الأسد حث اللاجئين على العودة واتهم الدول المستضيفة بأنها تتمسك بقضيتهم بأظافرها وأسنانها طعماً بالمساعدات الخارجية، ومع ذلك فإن من بين 5.7 مليون لاجئ لم يعد سوى 3 بالمئة (حوالي 170 ألفاً) منذ العام 2016.
وإلى جانب الاقتصاد المحتضر والبنى التحتية المدمرة، فإن ما يردع اللاجئين من العودة هو التجنيد القسري والاعتقالات العشوائية ومناخ الخوف السائد.
وأشارت الصحيفة إلى أن الدول المانحة قدمت مليارات الدولارات للأردن ولبنان وتركيا لمنع موجة لجوء جديدة، بعد أن ساهمت الأولى بزعزعة الاستقرار وصعود اليمين المتطرف، إلا أن الدول المستضيفة تشهد تنامي المشاعر المعادية للاجئين، إلى جانب ضغوطات من السلطات نفسها بهدف حملهم على العودة.
ويرى لاجئون سوريون أن العودة إلى سوريا تعني المجازفة إما بالموت أو بالاعتقال والاختفاء في السجون، وهذا ما تؤكده وثائق الجماعات الحقوقية المتعلقة بعمليات تعذيب المعتقلين.
يقول رضا العائد من لبنان، بحسب ما ترجم عكس السير، إن أسوأ شيء في سوريا التي عاد إليها هو جو الارتياب الذي يعيش فيه، والقلق من أن جاره الخبيث قد يبلغ عنه، ويضيف: “إذا اعتبر أحدهم أنك أزعجته فسيكتب تقريراً للمخابرات لتختفي أنت لاحقاً، ولن تظهر (لن يعرف أحد مكانك) إلا بعد ألف اتصال”.
تعلق سحر مندور، الباحثة في منظمة العفو الدولية، على ما سبق بالقول إن الأمر أشبه بالثقب الأسود، وجماعات حقوق الإنسان الدولية تقول إنه من الصعب تعقب العائدين، في حين تقول الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن حوالي 2000 لاجئ سوري عادوا إلى سوريا، تم احتجازهم بين أعوام 2017 و2019.
يقول محللون إن أجهزة أمن النظام لم تتغير وإصلاحها أمر مستبعد، وعن ذلك تعلق نورا غازي، مديرة منظمة “نوفوتوزون” المتخصصة في تقديم الدعم لأسر المعتقلين، بالقول: “سوريا ليست آمنة على الإطلاق لأولئك الذين غادروها خوفاً من الاعتقال أو الإخفاء القسري”.
وتحدثت الصحيفة عن لاجئة سورية خمسينية في لبنان، روت كيف تم اعتقال ابنها بعد عودته لسوريا بحثاً عن علاج طبي أرخص ثمناً عام 2014، وأشارت إلى أنها غارقة في الديون وتعاني من مرض في القلب، إلا أنها لن تعود إلى سوريا فاسمها موجود في اللائحة (أي أنها مطلوبة)، ومن وضعه مثل وضعها لن يجرؤ على العودة.
ونقلت الصحيفة عن سارة كيالي، الباحثة في منظمة هيومان رايتس ووتش، قولها إن السوريين يواجهون مصاعب وتهديدات أخرى في مناطق سيطرة النظام التي لا معارك فيها، وهي التعرض لمضايقات الميليشيات المحلية والابتزاز عند نقاط التفتيش والحواجز، وسيطرة السلطات المحلية.
وتختم الصحيفة بالقول إن جماعات حقوق الإنسان الدولية تخشى من تحرك أوروبي -رغم كل ما تم ذكره من مخاطر- لاعتبار سوريا مستعدة لاستقبال العائدين ويمكن أن يعود اللاجئون إليها.[ads3]