دراسة : قلوب سكان المدن تعج بمليارات الذرات الدقيقة من المعادن
كشفت دراسة حديثة أن قلوب سكان المدن من الشباب تحتوي على مليارات من جزيئات الهواء الملوث بالمعادن. وتشير الدراسة إلى أن هذه الجزيئات الغنية بالحديد، التي تنتجها السيارات والمصانع، يمكن أن تكون السبب الكامن وراء الارتباط الإحصائي الوثيق بين الهواء الملوث وأمراض القلب، ويتنفس أكثر من 90٪ من سكان العالم هواءً ملوثاً، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، التي أعلنت أن الوضع يستدعي “طوارئ صحة عامة” عالمية.
وكانت البروفيسور بجامعة لانكستر، باربرة ماهر وفريقها من العلماء، كشفوا في عام 2016 أن هذه الذرات الدقيقة نفسها موجودة في أمخاخ البشر، وهي مرتبطة بمرض شبيه بالزهايمر، ذي علاقة بتلوث الهواء. وبينما تتأثر جميع الأعمار، فإن ماهر أكدت أنها تشعر بقلق خاص إزاء الأطفال. وقالت: “بالنسبة للأطفال، فإن الضرر سيكون مبكراً للغاية، سواء في القلب أو في المخ، لدينا عنصر (جسيم) قادر على الوصول إلى كلا العضوين، مع وجود أدلة مرضية تظهر حدوث الضرر”.
وخلصت مراجعة شاملة حديثة إلى أن تلوث الهواء قد يلحق الضرر بكل عضو في الجسم، وتقريباً كل خلية في جسم الإنسان، فعندما يستنشق الشخص جزيئات صغيرة، تنتقل إلى مجرى الدم، وتتوزع في جميع أنحاء الجسم، وهناك الكثير من الأدلة على حدوث ضرر، من مرض السكري إلى انخفاض الذكاء إلى زيادة حالات الإجهاض، فهي وبائية. كما كشفت إحدى الدراسات في عام 2018 وجود جزيئات من تلوث الهواء في المشيمة لدى النساء اللائي ولدن لتوهن.
البحث الجديد هو أول دليل مباشر على أن الجسيمات النانوية الغنية بالحديد قد تسبب أمراض القلب. كانت الجسيمات الدقيقة معروفة بالفعل من خلال الاختبارات المعملية بأنها تلحق أضراراً بالغة بالخلايا البشرية، وبأنها عنصر مهم في تلوث الهواء على جانب الطريق. وتقول ماهر “وجود الكثير من الجسيمات النانوية الغنية بالحديد في مكونات الخلايا الفرعية لأنسجة عضلة القلب ليس بالمكان المفترض أن توجد فيه، فهي توجد داخل الخلايا المولدة للطاقة، التي تتضرر وتبدو غير طبيعية، هذه الخلية هي مصدر الطاقة الخاص بالإنسان، والتي تضمن ضخ القلب إلى الدم بشكل فعال”.
ويقول الخبير في الآثار القلبية الوعائية لتلوث الهواء بجامعة إدنبره، مارك ميلر «هناك حاجة إلى بذل مزيد من الجهد لتقليل انبعاثات الجسيمات من المركبات، خصوصاً تقليل عدد المركبات على الطريق من خلال تشجيع الناس على المشي وركوب الدراجات في رحلات قصيرة».
هذا البحث، الذي تم نشره في مجلة «انفايرونمنتال ريسيرش»، قام بتحليل أنسجة القلب المأخوذة من 63 شاباً ماتوا في حوادث مرورية، لكنهم لم يتعرضوا لصدمات في الصدر، وكانوا يعيشون في مكسيكو سيتي، التي تعاني ارتفاع تلوث الهواء، وكان متوسط أعمارهم 25 عاماً، وجرى البحث في جزأين رئيسين: حساب عدد الجسيمات النانوية الغنية بالحديد الموجودة في الجسم واعتبار موقعها داخل الأنسجة، والأضرار المرتبطة بها. وكان عدد الجسيمات الموجودة بين مليارين و22 ملياراً لكل غرام من الأنسجة الجافة، وكان وجودها أعلى من مرتين إلى 10 مرات في سكان مكسيكو سيتي، مقارنة بتسع عينات عاشت في أماكن أقل تلوثاً.
وأفاد علماء الطب في الفريق بأن “التعرض للجسيمات النانوية يبدو مرتبطاً بشكل مباشر بالتلف القلبي المبكر”، وتقول ماهر إن النتائج كانت مناسبة لجميع الدول: “ليس هناك أي سبب على الإطلاق لتوقع أن هذا سيكون مختلفاً في أي مدينة أخرى”، واستناداً إلى عمل سابق، من المحتمل أن تحمل الجزيئات أيضاً ملوثات إضافية “يمكننا أن نتخيل أن هذه الجسيمات النانوية تأتي محملة بمزيج سام”.
وتبدأ الجسيمات النانوية الغنية بالحديد الدخول في الجسم كقطرات منصهرة ناتجة عن احتراق الوقود، ثم تبرد سريعاً في كرات ذات أسطح منصهرة. الجزيئات الموجودة في أنسجة القلب لها مثل هذه الخصائص، وليس مثل البلورات الممغنطة الصغيرة الغنية بالحديد، التي تتركز بشكل طبيعي في عضو واحد على الأقل، وهو الدماغ. ولا يمكن استخدام التقنية المستخدمة لتحديد الجسيمات النانوية في أنسجة القلب لقياس تكوينها، وبدلاً من ذلك، قام العلماء بفصل الجزيئات عن الأنسجة لتحديد تكوينها ومحتواها المغناطيسي، ثم استخدموا متوسط حجم ومغناطيسية الجزيئات لتقدير العدد الإجمالي.
*صحيفة غارديان البريطانية – الترجمة: صحيفة الإمارات اليوم[ads3]