” علف بطعم السكر في سوريا ” !

ثالث المحاصيل المصنفة استراتيجية في سوريا يذهب علفا للحيوانات، وجميع ظروف زراعة الشوندر السكري تشير إلى أنه يسير باتجاه التوقف التام، في المرحلة الراهنة على الأقل.

الحرب التي تعيشها البلاد وتركت آثارها على كل شيء، أدخلت محصول الشوندر السكري العناية المشددة منذ نحو 4 سنوات، ولم يغادرها حتى الآن.

من نحو 1.7 مليون طن إنتاج سوريا عام 2011، إلى نحو 17 ألف طن هذا العام، تراجع إنتاج المحصول الذي كان يؤمن نحو 20 في المئة من حاجة البلاد من السكر الأبيض، والذي يأتي في الأهمية ثالثا بعد محصولي القمح والقطن، وله جوانب متعددة في الأهمية، لم يبق منها سوى جانب واحد: علف للحيوانات، بعدما تراجعت مساحات زراعته، وإنتاجيته، وتوقفت المعامل التي كانت تحوله إلى سكر.

هكذا صار أمرا اعتياديا أن تقرأ خبرا على صفحة وزارة الصناعة، يؤكد مصير المحصول علفا ويقول: بهدف تجنيب الأخوة الفلاحين الأضرار والخسائر، ودعما لمربي الثروة الحيوانية ولعدم الجدوى الاقتصادية من عملية التصنيع لانخفاض الكميات … تم البدء باستلام محصول الشوندر السكري .. وتم فرمها وتسليمها مجانا للجمعيات الفلاحية.

وزارة الزراعة السورية كانت أوضح حين ذكرت على صفحتها ومنذ نحو أربع سنوات: “إن إحجام الفلاحين عن زراعة محصول الشوندر السكري له مسوغاته المنطقية إذ من غير العادي أن يقبل الفلاح بزراعة محصول لا يحقق له ريعية اقتصادية مقبولة”.

وتؤكد الوزارة أن “توقف زراعة الشوندر لا يعني فقط توقف تصنيع السكر الأبيض في شركة سكر تل سلحب وهي شركة السكر السورية الوحيدة المستمرة بالعمل… بل يترتب على هذا التوقف فيما لو حصل فقدان دخل بمئات الملايين من الليرات لليد العاملة بزراعة الشوندر وهذا يستدعي معالجة سريعة للأسباب التي أدت إلى هذا الانخفاض الحاد بالمساحات المزروعة بالشوندر في محافظة حماة” 352 هكتارا فقط .. صالحة خرجت مساحات كبيرة من الاستثمار، ولم يبق إلا بعضها في ريف حماة وخاصة في منطقة الغاب.

أحد المزارعين في ريف حماة يقول إن أهم الأسباب التي دفعت الفلاحين إلى الإقلاع عن زراعة الشوندر تتمثل بالتسعيرة المحددة التي تقل عن التكلفة، إذ يحدد سعر الطن بـ 25 ألف ليرة، بينما تكلفته قد تصل إلى 30 ألفا، يضاف إلى ذلك قلة توافر اليد العاملة، وعدم وصول المياه إلى بعض المناطق بسبب خراب الأقنية، ويشير إلى أن الخطط الزراعية تبقى ضمن إطار النظري، إضافة إلى أن بعض مناطق زراعته ما تزال غير آمنة. النقطة الأخيرة هي التي ترى فيها وزارة الزراعة أبرز أسباب التراجع، يقول مدير الإنتاج النباتي في الوزارة عبد المعين قضماني “إن معامل السكر بدأت تخرج من الاستثمار مع بدايات الأزمة، ولم يبق سوى معمل سكر تل سلحب في منطقة الغاب في حماة، والخطة التي توضع للمحافظة بحدود 6400 هكتار، لا ينفذ منها سوى 352 هكتارا” ويشير إلى أن الكميات المنتجة لا يمكن أن تشغّل المعمل الذي تصل طاقته اليومية إلى نحو 4 آلاف طن، بينما الإنتاج كله لا يتجاوز 17 ألفا. (لم تتجاوز 6 آلاف طن العام الماضي).

النقطة ذاتها يؤكدها مدير هيئة تطوير الغاب أوفى وسوف يقول: “إن 70 في المئة من الأراضي التي كان يزرع فيها الشوندر خرجت من الاستثمار لأسباب أمنية، مثل مناطق: كفرنبودة، كرناز، قلعة المضيق” يضاف إلى ذلك أن دورة الشوندر كبيرة وتكاليفه عاليه، وعمال الورش التي كانت تعمل في المحصول وترعاه منذ بدايته، هم أيضا في تلك المناطق” حلقة مفرغة ويبدو أن مصير المحصول ما زال ضمن حلقة مفرغة، فالمعامل متوقفة بسبب أن الإنتاج غير كاف لتشغيلها، والإنتاج لا يمكن أن يزيد إن بقيت الأوضاع الأمنية كما هي، والحل؟ لا مجال إلا بعد أن تعود مناطق زراعته، ثم إعطاء تسعيرة مجزية للمزارعين.

يقول وسوف. بينما يرى قضماني أن التريث في زراعة الشوندر هو الحل الأمثل، ويقول: إن خيار وقف الزراعة ليس سهلاً لكن ما العمل؟ “مو حرام نفرمه ونبيعه علف؟” خاصة أن مراحل زراعة الشوندر ليست سهلة ويحتاج جهدا وزمنا غير قليل.

وحول سعر الطن، ودوره في الإحجام عن الزراعة، يقول قضماني: حتى لو تم رفع سعر الطن، أين سيزرع الفلاحون؟ معظم مناطق زراعته في الريف الشمالي متوترة، وفي كل محافظة حماة مع الغاب هناك 352 هكتارا تمكن زراعتها حاليا، وهي مساحات لا تنتج ما يمكن أن يجعل المعامل تعمل، والحل يكمن في التريث بزراعة الشوندر، واستبداله بزراعة القمح مثلا.

اقتراح .. ورحلة أجوبة ومع التوقف الذي أصاب معمل سكر تل سلحب ثمة من يرى أن من الممكن أن تقوم وزارة الصناعة بتشغيله، دون انتظار الإنتاج من الشوندر كي يصير كاف لتشغيله، وذلك عبر استيراد السكر الخام وتكريره في المعمل، كما في شركة سكر حمص، وهذا سيوفر في كميات السكر الأبيض المستوردة، ويضمن استمرار العمل.

أسامة يونس – روسيا اليوم

*النص والعنوان كما وردا في القناة الروسية[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها