مستشفى ألماني يستخدم حيواناً آلياً لتدليل المرضى
تبدو القطة اللعبة “ليزي” من الوهلة الأولى وكأنها دمية تقليدية على شكل قطة محشوة بالقطن، إلى أن تصدر صوت مواء، على غير المنتظر منها، وتهز أذنيها وتستدير برأسها.
تعجبت مريضة مسنة، مصابة بالسكتة الدماغية، في المستشفى الكائن عند بحيرة “فوليتس زيه”، بالقرب من مدينة أوكرمارك، شمال شرقي ألمانيا، من هذه القطة، وراقبتها بعض الوقت، قبل أن تمسح فروها متحسسة إياها بحذر.
وعندما بدأت هذه القطة الإلكترونية تصدر صوت الرضا، ابتسمت المريضة وبدأت في التحدث مع الحيوان الدمية، قائلةً لها بعد أن وجدت أن فروتها شعثاء: “تحتاجين فرشاة”.
تابع كريستيان بروغيمان، كبير أطباء قسم الأعصاب في مستشفى إعادة التأهيل التابع لشركة (GLG) للمنشآت الصحية، المشهد، وأومأ برأسه مستحسناً إياه، وقال: “لقد كان الصدى الذي وجدناه لدى أصحاب الأمراض العضال جيداً حقاً، سواء المرضى المصابين بقصور حركي شديد أو المصابين باضطرابات تحديد المكان وأمراض عصبية، أو الذين لا يستطيعون الإفصاح عما بداخلهم.
“تلمس القطة ليزي هؤلاء المرضى بشكل عاطفي، ما يسهل علينا التواصل مع المرضى”، يحسب الطبيب بروغيمان، الذي يعترف على أية حال بأنه لا يحب القطط على المستوى الشخصي.
كما أكدت يانين بيلده، نائبة رئيس قسم الرعاية الصحية بالمستشفى، قناعتها بالتأثيرات الإيجابية للفكرة، “حيث إن تأثير الحيوانات جيد، خاصةً لدى كبار المرضى، والذين يتذكرون غالباً حيوانهم الأليف الذي يفتقدونه”.
وأضافت بيلده أن قرب هذه القطة الآلية من المرضى شديدي القلق يجعلهم يشعرون باسترخاء واضح، وأشارت في ذلك إلى تجاربها مع كلب علاج أصلي، وقالت إنه لا يمكن استخدام الحيوانات الحية في بعض نطاقات المستشفيات لأسباب تتعلق بالنظافة والتعقيم، وذلك لارتفاع نسبة احتمال حدوث تلوث وعدوى، وهو ما أيده بروغيمان.
بل إن الأمر نفسه ينسحب على “ليزي”، إذا طبقت المعايير الصارمة للتعقيم، “حيث لا يمكن خلع الفرو لغسله، ولكن ذلك يصبح مطلوباً إذا داعبته أياد كثيرة”، يحسب ما أوضح كبير الأطباء.
لذلك فإن القطة اللعبة ليست إلا “بالون اختبار”.
وفقا لإدارة المستشفى فإن سعر الحيوان الآلي الذي تتوفر فيه هذه المواصفات ويبدو أصلياً أكثر، يتراوح بين 1500 و 2000 يورو، “لذلك، فلا بد، وقبل إنفاق هذا المال، تحليل تأثيرات القطة ليزي أولاُ”، بحسب بروغيمان، والذي يدعم توفير مثل هذه القطة الآلية في المستشفى، إلى جانب نائبة قسم التمريض، بيلده، واللذان يسعيان لتوفير أقصى درجات الراحة للمرضى.
وأشارت بيلده إلى أن طاقم التمريض يفتقد في كثير من الأحيان الوقت الكافي لمنح المرضى الاهتمام الفردي ، “وحيث إن لدينا في المستشفى غرفاً فرديةً، فإن بعض المرضى الذين لا يستطيعون مغادرة السرير يشعرون بالوحدة أحياناً”، بحسب ما أوضحت بيلده، لذلك فإن وجود القطة “ليزي” يساعد على التسرية على هؤلاء.
ورغم ذلك، فإن مؤيدي فكرة الحيوانات الروبوتية يدركون جيداً أنها تواجه بالكثير من الانتقاد ، “حيث إن الحيوان الآلي ليس بديلاً عن الإنسان ولا بديلاً عن العلاج، فهو ليس إلا وسيلة مساعدة للتواصل مع المريض المعني”، بحسب ما أوضح كبير الأطباء، مشيراً إلى أن هذه الفكرة لها تأثيرات علاجية أيضاً.
وأوضحت كاتيا زيبولت، أخصائية العلاج الوظيفي أن: “التحسيس يدرب المهارات الحركية الحساسة لدى المريض، بشكل لا شعوري”.
ليس لدى وزارة الصحة بولاية براندبورغ، شمال ألمانيا، معلومات حتى الآن بشأن استخدام الآلات ذاتية الحركة في العلاج بمستشفيات الولاية، ولكنها تعتقد بأن ذلك سيتغير قريباً، “فعند الحديث عن استخدام الوسائل الحديثة في مؤسسات العلاج والرعاية الصحية فإن هذه الوسائل جزء لا يتجزأ من العلاج”، بحسب المتحدثة الإعلامية باسم الوزارة، غيرلينده كرانيرت.
ليس لدى ميشائيل ياكوب، المسؤول بقطاع الصحة في الولاية، أي تحفظات على استخدام الحيوانات الآلية في الرعاية الصحية، “لأن أي شيء يمكن أن يساعد المرضى، مرحب به من ناحية المبدأ، و الآلة ذاتية الحركة هي أداة، والطبيب المعالج هو المسؤول عن كيفية استخدام هذه الآلات، لذلك فمن الممكن أن يكون استخدام هذه الآلة مفيداً جداً وله مميزات”.
ولكن ياكوب أوضح أنه لا يعرف مستشفى آخر في الولاية ينشغل بهذه القضية.
ورحب ياكوب بقرار المستشفى استخدام شيء إضافي من أجل مصلحة المرضى، والانفتاح على الأفكار الجديدة.
وهذا هو بالضبط ما تعتزم شركة مستشفيات “GLG” فعله، خاصةً وأن القطة “ليزي” قد ساعدت أثناء التجربة على إدخال السرور على المرضى، واسترخائهم، بحسب ما أوضحت بيلجه.
وقالت بيترا لايسته، المديرة الإدارية لمجموعة شركات المديرة الإدارية لشركة مستشفيات “GLG”: “إن هذه التجارب أكدت لنا أن استخدام الوسائل العلاجية التي تعتمد على آلات ذاتية الحركة مفيد، إذ نستطيع التأثير بهذه الأدوات إيجابياً على العمليات العلاجية، وزيادة درجة رضا المرضى والتخفيف عن طاقم العاملين”.
وأوضحت لايسته أن شركات “GLG” تعتزم الاستثمار مستقبلاً في استخدام تقنيات الروبوتات العلاجية ، وذلك خلال عملية الرقمنة الشاملة التي تتم في المستشفيات. (DPA)[ads3]