تذوق الشرق : ذكريات الطهاة عن أشهى الأطباق الألمانية قبل سقوط جدار برلين

حتى بعد مرور 30 عاما على سقوط جدار برلين، تكثر الأحكام المتحيزة على أطباق مطبخ ألمانيا الشرقية. بسيطة، لا طعم لها، ولا روح لها: هي بعض الكلمات التي يربط بعض الألمان بينها وبين تلك الأطباق.

ولكن هل كان الطعام في جمهورية ألمانيا الديمقراطية بهذا السوء؟.

ويوضح ستيفن فوله، من متحف جمهورية ألمانيا الديمقراطية في برلين أنه: “لم يكن هناك مطبخ مناسب لجمهورية ألمانيا الديمقراطية بالفعل”. ويضيف أن هذا كان ناتجا عن نقص في الفواكه والخضروات الطازجة، والتي تم تعويضها بالبطاطس والمعكرونة والصلصات الغنية. ويقول: “لم يكن الناس يعانون من ضيق ذات اليد، لكن الكثير من الأشياء كانت نادرة”.

ويضحك الطاهي البارز روبن بيتش عندما يفكر في مطبخ ألمانيا الشرقية. ويتذكر قائلا: “أول ما يتبادر إلى الذهن هو الموز الذي لم يكن متاحا حقا”. وعلى الرغم من أن بيتش ولد عام 1988، إلا أن المطبخ الألماني الشرقي ليس مجرد شيء من الماضي بالنسبة له.

ويوضح أن أسرته كانت مستمرة في الطهي بشكل مقتصد وموسمي وإقليمي. ويقول: “أحب أن أخبر الناس عن حساء الجزر الذي كانت تعده جدتي، وهي وجبة غنية وقليلة التكلفة”.

من الأطعمة الأخرى المرتبطة بألمانيا الشرقية “السوليانكا”، وهو حساء على الطريقة السوفيتية، والدجاج “المشوي” و”فورزفليش”، وهو يخني معد من لحم الخنزير أو الدجاج – اما الأغذية الأكثر ثقلا فلم تكن معروفة بشكل خاص بسبب ما تحتاج من توابل.

وقبل عام 1989، كان الطهي متعلقا بالارتجال والتنظيم الجيد والوقوف في طوابير بسبب نقص الغذاء، حسبما يقول هربرت فراونبرجر، وهو طاهي من ولاية تورينجن الألمانية الشرقية.

ولكن لا أحد كان يعاني من الجوع رغم الندرة. ويقول إن المنتجات المحلية المصنعة أو المزروعة في ألمانيا الشرقية كانت تستخدم كمكونات، مشيدا بالعودة الحديثة للأطباق البسيطة والمستساغة.

وتتذكر الطاهية المتميزة ماريا جروس وتقول: “أمي خبزت فطيرة الجبن الألذ طعما”. إنها وصفة بسيطة للغاية مع جبنة اللبن المتخثر قليلة الدسم والكثير من زيت الطهي. وتوضح قائلة: “طعمها يماثل تماما ما يفترض أن يكون عليه طعم كعكة الجبن … “. وحصلت جروس على أول نجمة ميشلان (الخاصة بجودة ورقي الطعام) لها في عام 2013 وهي معروفة بتقديم برامج للطهي على شاشات التلفزيون.

كما تمثل وصفات الجدة ذكرى رائعة للطاهي روني بيتزنر، مدير الفريق الوطني الألماني للطهي، ويقول: “كانت أوما أفضل طاهية في كل العصور…”. ويتذكر كيف علمته كيفية تحويل المكونات البسيطة إلى ألذ الأطباق، مثل الملفوف المطهو ببطء أو فطائر البطاطس مع صلصة لحم الخنزير المقدد.

يمكن العثور على معظم هذه الوصفات في كتاب الوصفات الشهير “Cooking Well”. وكان الكتاب، الذي تم نشره في عام 1979 ووصل إلى طبعته الحادية والأربعين، عنصرا أساسيا لمعظم الأسر في جمهورية ألمانيا الديمقراطية، ويتضمن المفضلات مثل كعكات المقلاية بالبيض. وتقول سوزانا جاينش المتحدثة باسم الناشر: “أجرؤ على القول إن معظم أسر ألمانيا الشرقية ما زالت تعد الوصفات التقليدية وفقا للكتاب”.

وتتذكر جروس، التي لا تزال تمتلك نسخة من الكتاب لأسباب تتعلق بالحنين إلى الماضي: “الوصفات مفيدة، وكانت موفرة للغاية وتستحق الإعداد”. لكنها لم ترغب في التغاضي عن بعض الوصفات الأقل جودة في مطبخ جمهورية ألمانيا الديمقراطية .

لكن الطهاة يرفضون الأحكام المسبقة المتهورة من جانب سكان ألمانيا الغربية بشأن الوجبات التي كانت تعد وقت طفولتهم، وتقول جروس: “لا أريد أن أشرح ذلك في كل مرة، إنه غباء”.

ويندهش الناس عندما يشير بيتزنر إلى حساء السوليانكا أو شريحة لحم تعد مع الجبن المشبع كأطعمة مفضلة لديه. (DPA)

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها