صحيفة ألمانية : العالم تخلى عن السوريين منذ زمن طويل

عندما أتحدث مع أصدقاء سوريين هذه الأيام، في برلين أو بيروت أو إسطنبول، يسود دائمًا صمت محبط في نهاية المحادثة، ثم يتبعه سؤال ليس لدينا إجابة عليه: “لماذا لا يهتم أحد بسوريا؟”، أو: “لماذا لم نهتم أكثر بمعاناتنا؟” يقول البعض بهدوء، لا يعرف الناس أنه ما تزال هناك حرب في سوريا، “وإلا لكانوا فعلوا شيئًا ما”.

وقال الكاتب “أندريا باكهاوس”، في مقال نشرته صحيفة “دي تسايت“، بحسب ما ترجم عكس السير، إن ذلك يلي صمتاً آخر محرجاً، لأنهم بالطبع يدركون أن القادة الغربيون والدبلوماسيون والشعوب، يعرفون جميعًا ما يحدث في سوريا.

منذ نهاية نيسان، وقع في محافظة إدلب بشمال سوريا، الهجوم الأخير والأكثر قسوة، الذي شنه بشار الأسد وأنصاره، روسيا وإيران.

قبل أيام قليلة، استولى النظام على مدينة خان شيخون، التي اكتسبت سمعة سيئة في نيسان 2017، عندما توفي فيها ما يقرب من 90 شخصًا، وأصيب المئات بعد هجوم بغاز سام، مع استعادة المدينة ذات الأهمية الاستراتيجية، إنها مسألة وقت فقط، قبل أن يستعيد الأسد السيطرة على بقية المقاطعة.

إدلب، التي أعلنت رسمياً أنها منطقة للوقوف ضد نظام الأسد، هي موطن لحوالي ثلاثة ملايين شخص، بمن فيهم مدنيون ومتشددون، سبق طردهم من حلب ودرعا، يتم قصفهم كل يوم تقريبًا، ويتم نقلهم من مكان إلى آخر، ويختبئ الكثير من الناس في الحقول وتحت الأشجار، لا يمكنهم الهروب.

الحدود مع تركيا مغلقة، ومن الجنوب تتقدم قوات النظام، الآلاف قد قتلوا بالفعل، إذا كان المجتمع الدولي ما يزال سلبياً، ولا يريد التحرك، فإن الآخرين هم أيضاً تحت رحمة الموت أو العقوبة من قبل النظام.

من حيث خبرتي، هذا هو السيناريو المحتمل، لأن العالم تخلى عن سوريا منذ زمن طويل.

لم تتدخل أي دولة غربية واحدة، عندما سحق نظام الحاكم بشار الأسد، الاحتجاجات السلمية لشباب سوريا من أجل الديمقراطية والحرية في عام 2012 بكل وحشية، وعندما اعتقل النظام وعذب أو قتل المزيد والمزيد من الشباب والطلاب والناشطين والصحفيين، وعندما أسقط الغاز السام لأول مرة، متجاوزاً “الخط الأحمر” الذي حدده الرئيس الأمريكي باراك أوباما.

لم يتدخل أحد عندما انضمت روسيا، حليفة الأسد، إلى الحرب في أواخر عام 2015، وبدأت بشن غارات جوية مدمرة، تستمر حتى يومنا هذا، وتتبع استراتيجية شنيعة، إنهم لا يستهدفون في المقام الأول مستودعات الأسلحة أو أماكن تجمع الإرهابيين، الذين يزمع النظام قتالهم، ولكن أيضا المنشآت المدنية، المستشفيات والمراكز الصحية المتنقلة، والأحياء والأسواق والمدارس.

بعد هجوم بالقنابل، تمر بضع دقائق قبل وصول أول مدنيين لمساعدة الجرحى، ثم الهجوم الثاني يحدث لقتل المساعدين.

إن حقيقة أن الأسد يقتل المدنيين والأطفال والنساء والمسنين عمداً، لها علاقة مع خطته الشاملة، فهو لا يريد فقط استعادة السلطة على البلد بأسره، ولكن أيضًا يريد خلق مجتمع “أكثر صحة”، وأكثر تجانسًا في سوريا، كما أكد مرارًا وتكرارً.

الهجمات السابقة ما تزال تحظى باهتمام مؤقت، حيث أنه عندما استولى النظام على شرق حلب في نهاية عام 2016، وبدأت الميليشيات في الشوارع في النهب والقتل، نُظمت مظاهرات في المدن الأوروبية، وتم إرسال التماسات إلى الحكومات، والتقى السياسيون لحضور جلسات طارئة، بغض النظر عن أنها كانت غير مجدية.

عندما تمت استعادة الغوطة الشرقية في ضواحي دمشق في العام الماضي، تم مشاركة الهاشتاجات وتعبيرات التضامن على الأقل، في شبكات التواصل الاجتماعي.

في ألمانيا، على سبيل المثال، يقتصر النقاش في الغالب على السوريين الذين يعيشون في البلاد.

من ناحية أخرى، فإن القصف والقتال، والاضطهاد والاعتقالات المهددة، التي أجبرت هؤلاء الناس على الفرار، بالكاد يتم الحديث عنها، حتى لو كانت هذه الأفعال ما تزال قائمة في سوريا.

قُتل نحو نصف مليون شخص في الحرب، وأصيب الملايين، واختفى عشرات الآلاف من الرجال والنساء في أماكن التعذيب التابعة للنظام، وما يزال الكثير منهم حتى اليوم مختفون، وأكثر من 11 مليون سوري فروا إلى الخارج أو داخل سوريا.

هذا كله مخز ومخيف، ويجعلك عاجزاً عن الكلام في كل محادثة بخصوص هذا الموضوع.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫2 تعليقات

  1. أنا سوري و مليت، بدكن الغريب يسأل؟
    انا لو محل هي الناس الي جوا كنت اخترت الموت الرحيم ومتت لحالي احسن ما موت بشي برميل وصير قطع. بقترح تعملو هيك. اسف ما بقدر اعملكن شي ولا حدا رح يعمل شي بعد 10 سنين حرب. للأسف هيك .. الدنيا فيها ظلم وهاد حظنا.