صحيفة بريطانية : فتى سوري يتيم يتحدى الصعاب و ينجح بالوصول إلى بريطانيا لمتابعة دراسته
أوشك نور البالغ من العمر 17 عاماً أكثر من مرة أن يتحوّل إلى مجرّد رقم من الأرقام والإحصاءات الكئيبة. فالاحتمالات عاكسته دائماً.
كان مجرّد فتى صغيراً حين اندلعت الحرب في سوريا وقصفت القوات الحكومية مدينة المعضّمية مسقط رأسه وحاصرتها.
وكان من الممكن أن ينضمّ بكلّ سهولة إلى أكثر من 4859 طفلٍ قتلوا في سوريا.
وعندما لقي والداه مصرعهما بفارق شهرٍ فقط، وأصبح يتيماً من بين 100 ألف مثله، كان من الممكن أن تتحددّ هويته وتنحصر بهذا الوصف.
ثم بعد هروبه إلى لبنان المجاور حيث اضطرّ للعمل في وظيفتين كي يؤمن قوته، كان من الممكن أن ينضم إلى صفوف أكثر من 50 في المئة من الأطفال السوريين الذين لم يلتحقوا بالمدرسة.
وحتى بعد تخطّيه هذه المرحلة، كان من الممكن أن يصبح واحداً من أصل 488 ألف طفل سوري عالق في لبنان يشكّلون جزءاً من جيل ضائع، تنعدم آماله تقريباً بالفرار من هذا المصير.
ولكن بدلاً من ذلك، وبفضل عزيمته وتصميمه، استطاع أن يصبح الاستثناء لهذه القاعدة. فهذا الأسبوع، وبعد عملية اختيار طويلة ومضنية، وصل إلى المملكة المتحدة لاستلام منحة في إحدى المدارس الداخلية العريقة في ويلز.
وبهذا أصبح واحداً من ضمن قلّة قليلة من اللاجئين السوريين الذين نجحوا في الوصول إلى المملكة المتحدة دون أن ينضموا إلى برنامج إعادة التوطين أو أن يتلقّوا مساعدةً من الحكومة.
وقبل أيام قليلة من سفره إلى المملكة المتحدة، يجلس في شقته في بلدة برّ الياس التي أصبحت خالية الآن، ويقول للإندبندت “لم أحلم يوماً بالنجاح”.
“في البداية عندما تقدمت بالطلب، كنت مستاءً وتعيساً ويائساً. كثيرة هي البرامج والمنح المشابهة لهذه وتقدّمت بالطلب على الرغم من ثقتي بأنّ النتيجة ليست لصالحي.”
من السهل تحديد سبب تشاؤم نور. فبلدة برّ الياس التي أمضى فيها السنوات الثلاث الماضية من حياته تضمّ أيضاً آلاف اللاجئين القادمين من سوريا المجاورة. وتقع البلدة على مقربة من الطريق الرئيسي الذي يربط بيروت بدمشق على بعد 10 أميال تقريباً من الحدود السورية.
تنتشر حول البلدة مخيمات اللاجئين التي تغمرها خلال كل فصل شتاء مياه الأمطار المنهمرة على سهل البقاع في لبنان.
أما في فصل الصيف، فتحترق الخيام بلهيب أشعة الشمس ويعمل الأطفال السوريون في الحقول فيملؤون الأشوال التي يحملونها على ظهورهم بحبات البطاطا.
قبل وصوله إلى لبنان، مرّ نور بالكثير من المحن. فمنذ سبع سنوات، حين لم يتعدّ عمره السنوات العشر، قُتلت والدته في قصفٍ جوي استهدف حيّهم. ولم يكد يمرّ شهر على هذا الحادث حتى لقي والده المصير نفسه.
ثم تولّى شقيق نور رعايته، إلى أن قُتل هو الآخر بعد مرور سنة واحدة على ذلك. وتبقّت له أختان سرعان ما تزوّجتا فأصبحتا عاجزتين عن العناية به. وقبل أن يوضع في الميتم، تدخل أحد أقربائه وأحضره معه إلى لبنان.
ثابر نور بفضل حبّه للتعليم. فالطالب السوري المجتهد أراد بشدّة متابعة تحصيله العلمي في لبنان ولكن فور وصوله إلى البلد أُرسل للعمل في مصنع مشتقات الحليب الذي يملكه قريبه.
ويقول “لم يكن لدي أي وقت فراغ أخصّصه لنفسي. رغبت بدراسة اللغة الإنجليزية ولكن الوقت لم يتّسع لقراءة كتاب حتى. ولم يسمح لي قريبي بالدراسة.”
وينطبق هذا الواقع على الكثير من الأطفال السوريين. فوفقاً لمنظمة الطفولة التابعة للأمم المتحدة، يساوي الدخل الشهري لعائلات اللاجئين في سهل البقاع بالمعدّل 50 دولاراً أميركياً (41 جنيه استرليني) مقابل مصروف يقارب 120 دولاراً أميركياً. ونتيجة لذلك، يُرسل العديد من الأطفال للعمل من أجل معادلة الكفة.
استمرّ نور في ارتياد المدرسة بموازاة شغله مع قريبه ولكن عمله أعاق طريقه.
ويشرح بقوله “شكّل العيش معه جزءاً صعباً من حياتي. كنت أعاني أشدّ المعاناة ولذا قررت أن أتركه وأن أعيش وحدي.”
وهكذا انتقل الفتى البالغ من العمر 15 عاماً فقط، وهو اللاجئ في بلد يصارع فيه معظم السوريين للبقاء على قيد الحياة، كي يعيش في غرفة وحده. وعثر على عملٍ في طلاء جدران المنازل كما عمل في تقطيع الفاكهة في أحد المطاعم خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وعن منزله، قال “أظنّه أسوأ مكان عشت فيه على الإطلاق. لم يُزوّد ببابٍ حتّى وقمت فيه بكافة المهام وحدي. طبخت ونظّفت ودرست. عملت خلال العطل كي أكفي حاجاتي. لم أفكر سوى في سبل البقاء على قيد الحياة.”
واجهت نور مصاعب أخرى لم يعان منها وحده فقط. فبعد انقضاء ثمانية أعوام على بدء الحرب الأهلية الطاحنة في سوريا، ما زال أكثر من مليون لاجئ عالقون هنا، يعتريهم الخوف من العودة إلى بلد يعاني إلى الآن من النزاع ويشيع فيه التجنيد الإجباري والاعتقالات العشوائية.
على الرغم من الإشادة باستقبال لبنان للاجئين السوريين في بداية الأزمة، زاد الضغط عليهم كي يرحلوا عن البلد مع استمرار الحرب وطولها. وتزيد الآن موجات طرد اللاجئين من بيوتهم ومداهمات الجيش لمخيماتهم كما بدأت بعض البلدات بفرض نظام منع التجول على السوريين تحديداً وطالبهم العديد من الوزارء والسياسيون بالعودة إلى بلادهم.
كما زاد تدهور الاقتصاد اللبناني من حدّة هذا التوتر. وشعر نور بهذا الغضب الكامن.
ويقول “أحب لبنان لكن لبنان لا يحبّني. صعب جداً أن تكون سورياً في المجتمع اللبناني. ومع أنه لديك أصدقاء مقرّبون جداً، لا تستطيع أن تمحي من ذهنهم أنك سوري وهم لبنانيون”.
“جمعتني علاقة لأكثر من خمس سنوات ببعض الأصدقاء وعلى الرغم من ذلك، تفوّهوا أحياناً بأمور عنصرية جرحتني في الصميم. فعلى الرغم من اندماجي الكبير في المجتمع، لم تتغير معاملتهم لي كغريب.”
تخطّت جهود نور مجرّد الاستمرار ، إذ حلّ في المرتبة الثامنة والعشرين على كامل البلاد في امتحانات المدرسة الثانوية.
عندها، لاحظه موظفو الجمعيات الخيرية. وبدأ بتلقّي بعض المساعدة من منظمة “أنقذوا الطفولة” كي يبقى في المدرسة. وفي العام 2018، التقى برئيسة المنظمة في ذاك الوقت، وهي رئيسة الوزراء الدنماركية السابقة هيلي تورنينج-شميت. وخلّف هذا اللقاء أثراّ بالغاً على مسار حياته.
ويقول “أتت إلى منزلي واقترحت عليّ التقدم بطلب للانضمام إلى مدرسة داخلية. لم أعرف حتّى ما هي المدارس الداخلية. كتبَت لي إسم المدرسة على ورقة وبعدها بأشهر قليلة تقدّمت بالطلب. ”
عرضت المدرسة الداخلية التي تمتنع الإندبندنت عن ذكر اسمها حفاظاً على خصوصية نور، منحة للاجئين لكن المنافسة عليها كانت شرسة. وتبع تقديم الطلب عملية مضنية من الاختبارات والمقابلات عن بعد.
ويتذكر نور ما حصل معه فيقول “بعد المقابلة الأولى قلت لنفسي “لا تهمّني النتيجة”. لم أعتقد أنّني سأتخطى المرحلة الأولى. وعندما أدركت أنّ الأمور تأخذ مساراً جدياً بدأت التفكير فيها بشكل أعمق.”
انتظر كثيراً ورود أي نبأ. وعندما وصلته الأخبار في آخر المطاف، جاءت خلال أسوأ وقت ممكن. كان عليه الخضوع لثلاثة امتحانات يومها ولم يقوَ على التفكير في أي شيء سوى القرار الأكبر في حياته.
ويقول نور “استيقظت عند الساعة الخامسة صباحاً ونظرت إلى هاتفي فلم أجد أي خبر وفكّرت “يا إلهي لقد رفضوني”. ثم تذكّرت أنّ جهاز استقبال الإنترنت غير مضاء فشغّلته ووجدت الرسالة الالكترونية.”
“بدأت الصياح. ولم أشأ الذهاب إلى المدرسة من أجل الخضوع للامتحانات. وشرعت في الكتابة فيما اعتراني شعور كبير بالنعاس. لم أقو على التركيز ورغبت بالعودة إلى المنزل والرقص.”
فيما عاش نور نهاية سعيدة لقصّته، ما يزال 2.5 مليون طفلٍ سوري منتشرون في أرجاء المنطقة ويكاد أمل السير على خطى نور ينعدم لديهم.
وتقول مديرة عمليات منظمة “أنقذوا الطفولة” في لبنان أليسون زيلكويتز “تُظهر قصة نور أهمية التعليم بالنسبة للأطفال. فهو حارب كافة الظروف والاحتمالات للوصول إلى المملكة المتحدة ومع أننا دعمناه خلال عملية تقديم الطلب، فقد نجح بنفسه بفضل إرادته الملفتة وعلاماته العالية”.
“لكن إعادة توطين اللاجئين في دول خارج المنطقة في تراجع. وتستطيع المملكة المتحدة أن تلعب دوراً أساسياً في ضمان توفير عدد أكبر من مواقع التوطين للاجئين وزيادة فرصهم في التقدم لمسارات مختلفة ومنها تأشيرة الطلاب. فلدعم التعليم القدرة على إنقاذ حياة بعض اللاجئين السوريين ذوي الأداء المتميّز.”
مرّت أشهر قليلة من التوتر، عاشها نور فيما أنهى التحضيرات لحياته الجديدة. فالكثير من الأمور ممكن أن تأخذ منحى خاطئاً خلال هذه الفترة. وليس من غير الاعتيادي أن يُحتجز السوريون في مطار بيروت بسبب مخالفات بيروقراطية كما يمكن أن يواجه مشاكل على الطرف الآخر أيضاً أي في المملكة المتحدة.
فيما يجلس بجانب حقائبه المرتبة في شقته، يفيض نور حماسةً. تفتنه أمور الطيران والمطارات بالتحديد، وقد انكبّ خلال الأسابيع القليلة الماضية على دراسة مخطّط المحطة الخامسة في مطار هيثرو حيث ستحطّ طائرته.
لا يعرف تماماً ما الذي يريد أن يفعله بعد انتهاء دراسته ولكنه على يقين من رغبته بإطلاع أكبر عدد ممكن من الناس على قصّته.
ويقول “جلّ ما أعرفه عن الشخص الذي أصبو أن أكونه مستقبلاً هو رغبتي في التعبير عن أفكاري كاملة. شعرت في صغري بأنني مقيّد في التعبير. والآن أريد أن أشارك العالم قصّتي ولا أريد البقاء في مكان واحد. بل أرغب في التنقل باستمرار”.
وصل نور إلى المملكة المتحدة أخيراً ويتحضّر حالياً لبدء الفصل الدراسي.
*النص لصحيفة إندبندنت البريطانية (النسخة العربية)[ads3]
الله يوفقو و ينور طريقو
لك أرحل يا جحش دمرت حياة الاجيال المستقبلية
الله يوفقو و يسخر الخير له . و الله يهد جبروت من صب جبروته و حقده و همجيته على الشعب السوري . الله يجعل كل من ساهم في تشريد الشباب السورين عبرة بإن يذله في الدنيا و الاخرة و يلاقي اكبر المصائب في اولاده و يجعل المصيبة بأحب الناس عنده .
الله يخذل الهمج المجرمين المغوليين و الطائفيين و شذاذ الافاق يلي اجتمعو على قتل و سحق الشعب السوري . الله يبتليهم بأولادهم .
و اخيرا حكام ما يسمى الدول العربية صنيعة سايكس بيكو . الله ياخدهم قشة لفة و يجعل الفقر و الذل بين أعينهم . حكام العرب الحاليين هم من اسفل و اسقط الحكام يلي مروا على مر البشرية . دمرهم الله شر تدمير
يا نور، انت انسان ملهم.. بتمنالك مستقبل رائع.. بس تعيش ببريطانيا لا تسكت.. عيش حريتك واشتغل لمستقبلك و احكي قصتك.. و لا تخاف..
الله ينوّر طريقك يا نور و يوفقك ويعزّك ويحميك ويعوضك عن كل العذاب والتعتير يلي مرّ عليك ويرحم والديك
اهم شي ابتعد عن جيل القيء و قشر البطيخ. كل جيل قبل بحافظ و بشار رئيس لاله و ما ثار ولو لثانية فهو جيل فاشل. الثورة اجت متاخرة و نحن عم ندفع سبب تاخرها…