نيويورك تايمز : تركيا التي كانت ملاذاً للسوريين لوقت طويل .. تعيدهم اليوم إلى بلادهم
قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، في تقرير مطول، نشرته الثلاثاء، إن تركيا التي رحبت واستضافت الملايين من السوريين لسنوات، عكست توجهها، ودفعت الآلاف لمغادرة المدن الرئيسية الكبرى، وقامت بعمليات ترحيل، بالتزامن مع السعي لإقامة منطقة آمنة في سوريا.
وتحدثت الصحيفة عن سعي تركيا لإنشاء منطقة آمنة وعن المفاوضات والخلافات المتعلقة بها، سواء مع أمريكا أو روسيا، إلى جانب الإشارة للسياسة الصارمة الجديدة المتبعة مع السوريين، وتهديد الرئيس التركي بفتح الحدود أمام اللاجئين الراغبين بالتوجه إلى أوروبا، إن لم تقدم الأخيرة المساعدة اللازمة لتركيا.
وقالت الصحيفة، بحسب ما ترجم عكس السير: “ينكر المسؤولون المحليون، وكثيرون منهم من حزب العدالة والتنمية، أي ترحيل للسوريين، ولكنهم يدعمون هذا التوجه بالقول إن على السوريين العيش في سوريا بشكل قانوني”.
“التغييرات الأخيرة تبدو واضحة في منطقة أسنيورت في اسطنبول، وهي منطقة للطبقة العاملة، المتحدث باسم المنطقة فاتح يلماز قال إن السلطات تقدم خدمة التوصيل لحوالي 100 شخص أسبوعياً، يعودون (بشكل طوعي على حد تعبير السلطات) إلى سوريا، ويؤكد يلماز أن مغادرة هؤلاء أمر يسعد المواطنين الأتراك، على الرغم من من شكاوى أصحاب المصانع والمنازل لفقدانهم عمالاً ومستأجرين”.
يشكل التحول الأخير في السياسة التركية الداخلية إزاء السوريين، صدمة مؤلمة لهم، وعن ذلك نقلت الصحيفة قول مهند، وهو سوري عامل في إحدى المنظمات غير الحكومية بمدينة غازي عنتاب، إن ما يحصل “كارثة بالنسبة للسوريين”.
يضيف مهند: “يتم إخبار العمال السوريين بضرورة الحصول على تصاريح عمل وضمان اجتماعي، وهو أمر بالغ الصعوبة بالنسبة لكثيرين ممن لا يستطيعون تحمل تكاليف إضافية، وحتى إن كانوا يستطيعون تحملها، فإنهم يخافون أن تليها قوانين وقواعد أخرى، بما في ذلك توظيف 5 أتراك مقابل كل سوري في الشركة.
في غازي عنتاب زارت الشرطة بقالية سورية ومتجر معجنات سوري، وطلبت من ملاكهما إزالة اليافطات العربية، في إنفاذ للقانون (منع اليافطات بغير اللغة التركية إلا بنسبة معينة) الذي تم التغاضي عنه لسنوات.. قام محمد الأزور الذي كانت عائلته تملك متجر حلويات شهير في حلب، بتغطية لوحة كتبت عليها جملة لجلال الدين الرومي وعلقت على جدار متجره من الداخل.
علق الأزور على ما يحصل بالقول: “غرامة واحدة من الشرطة كفيلة بالقضاء على عملي.. أنا لا أشكل عبئاً على تركيا، لقد أتيت إلى هنا ومعي أموالي، نطلب فقط ألا تضغطوا علينا وتخنقوننا.. دعونا نعيش”.
السوريون الذين باتوا يشكلون نسبة 20 بالمئة من سكان غازي عنتاب قاموا بتحويل المدينة واستثمروا وجلبوا رؤوس الأموال ومهارات العمل والعمالة الرخيصة.. معظمهم ينحدرون من حلب، لقد قاموا ببناء منطقة كاملة لمصانع النسيج، وفيها تجد الشركات السورية والتركية تتقاسم الأبنية والعمال، أضف إلى ذلك مئات من المقاهي والمطاعم ومحلات الحلويات، والحرفيين المهرة.
تحدثت الصحيفة عن نور موصلي، رجل أعمال في مجال النسيج، خسر 12 مليون دولار في حلب، جراء الحرب، وقدم إلى تركيا مع عماله المهرة، وبدأ، وهو الذي يمتلك زبائن كثر في الشرق الأوسط، من جديد في غازي عنتاب.
يقول موصلي الذي ينشط الآن في مجال تصنيع الملابس الداخلية: “لدينا شركاء عالميون، وبالتالي يمكنك وضعنا في أي مكان وسنتمكن من العمل”، العمل الذي يعود بالفائدة على الاقتصاد التركي، بطبيعة الحال.
قال كبار أرباب العمل السوريين، إنك إن اتبعت القوانين في تركيا، فإنك قادر على الاستمرار بالعمل، وإن كان هامش الربح منخفضاً، إلا أن العمال وصغار الكسبة عبروا عن مخاوفهم جراء التغيرات الأخيرة والغرامات التي فرضت وأدت لإغلاق مصانع.
تنقل الصحيفة عن السوري أحمد (24 عاماً) قوله، وهو ينتظر مع آخرين لعبور الحدود إلى سوريا: “استغنت المصانع (في اسطنبول) عن خدماتنا لعدم امتلاكنا أذونات عمل”، وكان أحمد غادر المدينة قبل شهر، وبحث عن عمل في مكان تسجيله الرسمي (مكان حصوله على كمليك) دون جدوى، ليقرر المغادرة إلى سوريا.
وقالت رئيسة بلدية غازي عنتاب، فاطمة شاهين، التي تعتبر من الداعمين للاجئين السوريين لما يقدمونه من إضافة اقتصادية للمدينة، إن عليهم اتباع القوانين التركية، وأضافت: “ما نقوله للسوريين هو أنه يوجد قوانين يجب الالتزام بها للعيش في تركيا”.
وتؤيد شاهين إقامة منطقة آمنة في سوريا، وتقول إنها تتوقع عودة نصف السوريين المقيمين في غازي عنتاب (حوالي 500 ألف) إلى تلك المنطقة حال إنشائها وإقامة المدارس فيها وتوفير الفرص المناسبة وضمان الأمان.
تضيف الصحيفة، بحسب ما ترجم عكس السير: “لكن السوريين يرون أن السياسات التركية الجديدة تهدف لدفعهم لمغادرة تركيا”، وتنقل عن عبد الكريم الرحمون، وهو مالك متجر عطورات سوري شهير، قوله: “هم بحاجة لجعلنا نعتقد أنه من الأفضل عودتنا للمنطقة الآمنة”.
تضيف الصحيفة أيضاً: “تصل الحافلات التي تحمل السوريين إلى كليس الحدودية، ويقول السوريون الذين يعيشون فيها إن الشرطة ترسل السوريين غير المسجلين إلى سوريا عبر الحدود مباشرة.. لا يشكل المرحلون إلا جزءاً من اللاجئين السوريين في تركيا، لكن عمليات الترحيل تبعث برسالة حادة لخصوم الرئيس التركي السياسيين، مفادها أن الحكومة تتخذ إجراءات لتقليل عدد اللاجئين، كما أنها ترسل إشارة لأمريكا وأوروبا تفيد بحاجته لحل جديد”.
وتنقل الصحيفة عن لانا والش، المتحدثة باسم المنظمة الدولية للهجرة قولها، إن “الظروف الحالية لا يمكن لها أن تفضي أو تساعد على إعادة السوريين إلى بلادهم بشكل منظم، ولا تضمن لهم الأمن والكرامة.. نحن ندرك في نفس الوقت أنه ليست جميع المناطق في سوريا غير مستقرة، ونقر بحق السوريين بالعودة”.
وتختم الصحيفة بالقول إن العديد من السوريين ما يزالون يرون في تركيا الحليف الأفضل، والمنطقة التي تخضع لسيطرتها مفضلة أكثر من تلك التي تخضع لسيطرة النظام أو الوحدات الكردية، وتنقل عن هشام السكيف، وهو قيادي سابق معارض (حلب) يعيش في غازي عنتاب، قوله: “لقد عانى شعبنا من النزوح بما يكفي.. الناس بحاجة للعودة إلى أراضيهم”.[ads3]
اتمنى من النيورك تايمز ان تتحدث بشفافيه عن دور أمريكا في قصف حلب و ريفها بالتنسيق مع روسيا ما بين ٢٠١٦ و ٢٠١٧ و كم هو العدد القتلى الحقيقي في حلب و الرقة نتيجة للقصف الأمريكي و كم هو عدد المهجرين من منبج و ريف حلب و الرقة و دير الزور نتيجة للقصف الأمريكي.