أمريكا : نزاع قضائي بين أب و أم بشأن الهوية الجنسية لطفلهما يثير جدلاً
قررت قاضية أمريكية في ولاية تكساس منح حضانة مشتركة لوالدين يخوضان نزاعا قضائيا مريرا حول الهوية الجنسية لطفلهما، في قضية أثارت جدلا أوسع حول السن المناسب لإجراء عمليات التحول الجنسي.
وخلال المحاكمة، قالت آن جورجولاس إن طفلها، الذي سمى جيمس عند ولادته، حددت هويته الجنسية على أنه أنثى وترغب في أن تسمي نفسها لونا، لكن الأب، جيفري يونغر، ادعى أن السيدة جورجولاس قد ضغطت على طفلها لتعريفه كأنثى، واتهم زوجته السابقة بانتهاك حق الطفل.
وقررت القاضية، كيم كوكس، الخميس الماضي أن القرارات المتعلقة بقضايا، مثل الإجراءات الطبية والعلاج النفسي، يجب أن يتم التوصل إليها بعد اتفاق الوالدين معا.
وبذلك، تكون القاضية قد نقضت قرارا سابقا من قبل هيئة محلفين في دالاس، صوتت بعدد 11 صوتا مقابل واحد، لصالح منح الأم حق اتخاذ قرارات بشأن الرعاية الطبية والفسيولوجية للطفل.
وفي تكساس، يمكن لأطراف النزاعات بشأن حضانة الأطفال أن يختاروا أن تجرى المحاكمة من قبل هيئة محلفين، لكن يمكن للقاضي مراجعة قرار الهيئة.
ولدى إصدراها الحكم، قالت القاضية كوكس إنه لا يوجد دليل، يدعم تعرض الطفل لسوء معاملة على يدي الأب أو الأم.
ومُنع كل من الوالدين من التحدث علنا بشأن القضية. ويعني هذا إغلاق الموقع الالكتروني للأب، الذي يعترض بشدة على معاملة طفله كفتاة. وكان الموقع قد اجتذب دعم اليمين السياسي في الولايات المتحدة.
وقالت جورجولاس، التي تعمل طبيبة أطفال، وفق ما اوردت “هيئة الإذاعة البريطانية”، إن طفلها الذي لديه أخ توأم بدأ يعبر عن رغبته في أن يكون فتاة في عام 2015، حين كان الطفل في الثالثة من عمره، وطلب ارتداء الفساتين، وأن يبدو بمظهر الشخصيات النسائية في فيلم “فروزن” الذي أنتجته شركة ديزني.
وانفصل يونغر عن زوجته جورجولاس في عام 2016، بعد زواج دام أربع سنوات، وحينذاك منحت الأم حق اتخاذ القرارات المتعلقة بالمسائل الطبية والنفسية والتعليمية للطفل.
وقالت جورجولاس، في شهادتها أمام المحكمة، إنه في الفحص الطبي الاعتيادي للطفل، حين كان يبلغ من العمر خمس سنوات، شخص الطبيب إصابته “باضطراب الهوية الجنسية”، وبعد الفحص السنوي التالي، كتب الطبيب أن الطفل “لا يزال يشير إلى نفسه كأنثى”.
وفي المحاكمة، قالت السيدة جورجولاس أن علماء النفس نصحوها بالسماح للطفل “بأن يقدم نفسه بأي طريقة يرغب فيها”، مؤكدة أن الجميع بمن فيهم المعلمون وشقيق الطفلة والطفلة ذاتها يتعاملون معها باعتبارها أنثى، وأن أحدا لم يجبرها على ذلك.
وأكد المعالجون والمستشارون الذين أدلوا بشهاداتهم رواية السيدة جورجولاس. وينادي المعلمون في المدرسة الطفلة باسم لونا.
لكن السيد يونغر قال إن زوجته السابقة قد ضغطت على طفلهما، لتحديد هويتة كمتحول جنسيا، وقال في المحكمة أن طفله كان “سعيدا تماما كصبي”.
وتحدث الرجل بقوة عن الأضرار، التي يعتقد أنها ناتجة عن إخضاع طفل لعملية تحول جنسي.
وقال في المحاكمة: “الأطفال الصغار لدرجة لا تمكنهم من تحمل مسؤولية الاختيار، لا يمكنهم الاختيار”.
وقال الرجل في مقابلة تلفزيونية إنه سيسمح لطفله بارتداء ملابس فتاة، وربما التحول الجنسي، عند بلوغه سن 18 عاما.
لكن الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP) وصفت نهج “الانتظار والترقب”، الذي يدافع عنه السيد يونغر بأنه “عفا عليه الزمن”.
وأثارت القضية ردا قويا من المحافظين، بمن في ذلك نجل الرئيس دونالد ترامب، دونالد ترامب جونيور، والسيناتور عن تكساس تيد كروز.
وكتب دونالد ترامب جونيور في تغريدة: “هذا اعتداء على الأطفال”.
وأعلن المدعي العام لولاية تكساس، كين باكستون، عن إجراء تحقيق شامل في القضية، وقال إن إدارة خدمات الأسرة والحماية “ستجري تحقيقا شاملا وتحمي هذا الطفل”.
وأثناء المحاكمة، قالت السيدة جورجولاس إنها ستفكر في استخدام مثبطات الهرمونات بمجرد وصول التوأم إلى سن البلوغ، وفقط إذا “استمر” الطفل في تحديد هويته كفتاة.
وكانت السيدة جورجولاس قد طلبت من المحكمة طلب موافقة خطية من كلا الوالدين، قبل أي علاج ينطوي على مثبطات الهرمونات ومثبطات البلوغ، وجراحة إعادة تحديد الهوية الجنسية.
وتمنع مثبطات الهرمونات تطوير الخصائص المتعلقة الجنس، مثل الحيض أو نمو الثديين أو خشونة الصوت.
واعتبر منتقدون أن مثل هذه العلاجات لن تكون مناسبة لهذا الطفل الصغير.
لكن خبراء صحيون يشددون على أن مثبطات الهرمون لا تستخدم أبدا للأطفال قبل سن البلوغ، ويؤكدون أنها يتم وصفها فقط في مرحلة معينة من البلوغ، عادة في أعمار تتراوح بين 10 و 14 عاما، وأن آثار الأدوية قابلة للتراجع عنها.
وتقول لورا إدواردز- ليبر، خبيرة علم النفس الإكلينيكي بجامعة باسيفيك والمتخصص في الهوية الجنسية، إنه من الصادم أن “يعتقد الناس أن مزودي الخدمات الطبية يقدمون مثل هذا العلاج للأطفال الصغار”.
وقال لبي بي سي: “عندما تكون عناوين الأخبار عن التحولات الجنسية عند الأطفال، فإن هذا ليس صحيحا بالمرة”.
بالإضافة إلى الطبيب، سيتم أيضا فحص العديد من المرضى من قبل معالج، مثل الدكتورة إدواردز- ليبر، لإجراء تقييم قبل أن يوصف لهم مثبطات البلوغ.
ويؤيد الطبيب النفسي، ويسلي باركس، رأي الدكتورة إدواردز- ليبر، وقال في المحاكمة إنه “لن يكون من الممكن” أن يأخذ ابن السيدة جورجولاس والسيد يونغر مثبطات الهرمون، وهو في سن السابعة.
وقالت الدكتور إدواردز- ليبر إن مثبطات البلوغ “مهمة”، بالنسبة للأطفال الذين يعانون من اضطراب هويتهم الجنسية. وأضافت إنها “تخفف من الضيق، الذي يسببه البلوغ للعديد من هؤلاء الأطفال، قبل أن يضطروا لاتخاذ قرارا بشأن التدخلات التي لا رجعة فيها”.
حتى بالنسبة إلى “حفنة” المرضى، الذين تعالجهم واختاروا التخلص من مثبطات الهرمونات، لم تلاحظ الدكتورة لورا أي ضرر نفسي للتأخير المؤقت في سن البلوغ.
وقالت: “من الخطأ القول إن دعم طفل صغير في تحديد جنسه المؤكد هو انتهاك للأطفال. إنه في مصلحة الطفل تماما”.
وتشير التقديرات الحديثة إلى أن عدد البالغين المتحولين جنسيا في الولايات المتحدة يبلغ نحو 1.4 مليون شخص، ما يوازي 0.6 في المئة من عدد السكان في سن 18 عاما فما فوق.
ويعرف الشخص المتحول جنسيا بأنه من يعاني من هوية جنس تختلف عن جنسه المحدد وقت مولده.[ads3]