ألمانيا : مخاوف الشهود على وظائفهم تدفعهم لعدم الحياد في المحاكم !

“هناك شيء نحتاجه في كل الأحوال، وهو سماع الشهود”، حسبما أكد فولفجانج كاراش، رئيس الجلسة بمحكمة العمل بولاية بافاريا في ميونخ، والذي ينظر في مشروعية فصل عامل مستعار، كان يعمل لدى شركة “بي إم دبليو”، وخسر وظيفته، حسب روايته الشخصية، لأنه دافع عن نفسه ضد تصريحات عنصرية صدرت عن أحد زملائه الذين يعملون لدى الشركة بشكل ثابت.

رأت محكمة العمل في ميونخ في مارس الماضي، أن العامل محق فيما ذهب إليه.

ولكن الدرجة الأعلى من التقاضي تعتزم إعادة النظر في القضية، حسبما تبين بعد أول جلسة للقضية الثلاثاء.

السبب في إعادة فتح القضية هو أن شركة برونِل لإعارة العمال، والتي كان الرجل يعمل لديها، تنفي وجود التصريحات العنصرية، وذلك خلافا لأقوال مسؤولي الشركة أثناء نظر القضية أمام المحكمة الأولى، حسبما أوضح كاراش، حيث نفت شركة برونل آنذاك فقط أن احتجاج العامل المعار كان سبب الفصل.

يختصر القاضي كاراش الوضع الذي وصلت إليه القضية بالقول: “هناك طرف يقول أسود، وطرف آخر يقول أبيض. لا يمكننا التكهن بالحقيقة في الوقت الحالي”.

رغم أن شركة “بي إم دبليو” ليست طرفا في القضية، إلا أنها أوضحت أن التحقيق الداخلي لم يستطع تأكيد حدوث التصريحات العنصرية.

وشددت متحدثة باسم الشركة على أن الشركة “لا تسمح بأي اضطهاد”.

رفض العامل المعار اقتراح القاضي، أمس الثلاثاء، التوصل لاتفاق من خلال التصالح. وقال العامل مبررا رفضه التصالح: “إنها عنصرية يومية، لا أسمح، كطفل نشأ في ألمانيا الشرقية، برؤية ذلك”.

وشدد العامل على أنه لن يسمح بأن يشتري نفسه بالمال من هذه القضية، وقال عقب الجلسة: “أريد أن أبعث رسالة مفادها أنه ينبغي ألا يغض الإنسان الطرف عن الخطأ”، مضيفا: “لأن من يغض الطرف يكون موافقا”.

يسعى العامل البالغ من العمر 40 عاما من خلال دعواه أن يدعم وطنه، ولاية سكسونيا، مؤكدا أن “الغرب ليس كله متطرف يمينيا”، مضيفا أن على ولاية بافاريا هي الأخرى أن توجه لنفسها نظرة نقدية.

من المنتظر الآن أن يستمع القضاة لشهادة خمسة شهود خلال الجلسات التالية.

وربما استأنفت المحكمة جلسات القضية أواخر يناير أو بداية فبراير.

أبدى ينز رونج يو، الخبير القانوني الذي يقدم الدعم للعامل باسم اتحاد النقابات الألمانية، تفاؤله بشأن المسار القادم للقضية، وقال إنه في حالة شهد الشهود بالحقيقة فسيؤكدون ما قاله العامل.

غير أن الخبير القانوني أكد أيضا أن “الشهود الذين يخافون على مكان عملهم ربما كانوا غير محايدين، وربما كانت أقوالهم بعيدة عما حدث في الواقع جراء ذلك”.

وأشار الخبير إلى أنه كثيرا ما يلجأ الشهود في مثل هذه المواقف للهروب إلى ما يعتبرونه ثغرات في التذكر.

كان العامل صاحب الدعوى يعتقد بعد أول جلسة للنظر في الدعوى، أن فرص نجاح دعوته تساوي فرص فشلها.

قال العامل مشيرا لاستجواب الشهود: “لا يسعنا سوى مناشدة الناس أن تكون لهم شخصية، وأن يتمسكوا بقول الحقيقة”.

في حالة تأكيد الشهود وقوع أقوال عنصرية، وأن العامل تعرض للفصل عقب احتجاجه على هذه التصريحات فربما كانت فرص نجاحه في الدرجة الثانية من التقاضي جيدة.

يقول القاضي كاراش، الذي يرأس جلسات القضية، إنه في حال تأكدت رواية العامل “فمن الممكن أن يدافع الإنسان عن نفسه بضمير جيد”، وإذا كان قرار الفصل يستند إلى الاحتجاج على التصريحات العنصرية فسيتبين أن قرار الفصل سيصبح باطلا.

أما هيدفيج كريمر، من نقابة فيردي العمالية، فتأمل “من صميم قلبها” أن يكون قرار محكمة ولاية بافاريا موافقا لحكم الدرجة الأولى، مؤكدة على مدى أهمية هذا الحكم كرسالة، وتابعت: “نحن نتحدث عن الشجاعة الأدبية ونقول إن علينا جميعا أن نمتلك هذه الشجاعة، والتي تعني أيضا الاحتجاج على التصريحات العنصرية، ثم يكون من الواجب على المجتمع أن يقول: “نحن نحمي أصحاب الشجاعة الأدبية”. (DPA)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها