ملك التوابل كثيف العمالة .. ألمانيا تبدأ بزراعة الزعفران
يلتقط غيرت فايدنر بصيلة الزعفران الأرجوانية ويضغطها بلطف حتى تنكسر، ثم يضع الزهرة الرقيقة في سلة.
في هذا اليوم الخريفي المشمس في أحد الحقول في ألتنبيرغ، بشرق ألمانيا، سيكرر هذه العملية عدة مرات، وفي وقت لاحق، سوف ينزع زملاؤه الأجزاء الأعلى الحمراء من مدقة الزهرة باليد حتى يمكن تجفيفها.
هذه هي الطريقة التي يتم بها حصاد الزعفران.
بفضل هذه العملية المضنية، يرغب الخبراء في جميع أنحاء العالم في دفع مبالغ كبيرة من المال لشراء المنتج.
وهناك حاجة إلى أكثر من مئة زهرة من أجل الحصول على جرام واحد من الزعفران.
عادةً، يزدهر الزعفران في مناخ معتدل ودافئ وينمو في إيران أو المغرب أو جنوب أوروبا، والآن أصبحت صناعة متنامية في ألمانيا حيث تمكن المزارعون في هذه المدينة الصغيرة من زراعة المحصول.
يقول فرانك شبيت، الذي ينسق المشروع: “إن حصاد الزعفران كثيف العمالة إلى حد كبير”، وقام هو وزملاؤه بزراعة 128 قطعة أرض مساحة كل منها ثمانية أمتار مربعة وزرعوا 50 ألف نبتة زعفران في العام الماضي.
منذ ذلك الحين، كانوا يراقبون بعناية مدى نمو النباتات في ظروف مختلفة، وما اذا كانت تستجيب للأسمدة وفي أي نوع من التربة تعمل بشكل أفضل وإذا كانت تنمو بشكل أفضل جنباً إلى جنب مع الأعشاب الأخرى مثل الزهور المخملية ولسان الثور.
ويختبر المزارعون أيضاً ما إذا كان من المفيد استخدام مبيدات الأعشاب الضارة أو مبيدات الفطريات كما يلاحظ شبيت أن “الزعفران معرض للفطريات”.
وتتمتع ولاية تورينغن، التي تقع فيها ألتنبيرغ، بتقاليدها التي تفخر بها والمتمثلة في زراعة النباتات العلاجية والبهارات، ومحاصيلها الرئيسية حتى الآن اقتصرت على البابونج والنعناع، ولكن فقط في ألتنبيرغ يتم زراعة الزعفران بشكل احترافي، وفقاً لجمعية تمثل مزارعي الأعشاب الطبية.
ويسعد رواد الأعشاب بالنتائج حتى الآن.
وتقول ريتا بوشلر وهي صيدلانية تعمل في شركة فارمهيم في بوزنيك “إنه زعفران جيد”، لقد حللت الزعفران ووجدت أن “جودة لونه ونكهته مثل أي نوع ينمو في الخارج”.
الشيء الوحيد هو أن الزعفران في ألتنبيرغ يستغرق وقتا أطول قليلاً للتخلي عن لونه، ولكن إذا طهي المستخدمون طعامهم لفترة أطول قليلًا، فسوف يحققون النتائج المعتادة.
فريق ألتنبيرغ ليس الوحيد الذي يزرع الزعفران في ألمانيا حيث يمكن العثور على الزهور الأرجوانية في الحقول القريبة من فويشتفانغين في ولاية بافاريا الجنوبية، أو في درسدن إلى الشرق.
وقام علماء الأحياء في الجامعة التقنية في دريسدن بفك شفرة الأصول الوراثية للزعفران واكتشفوا أن ذلك النبات ينحدر من مصدر واحد، وهو موطنه اليونان.
يجذب أحدث مشروع في تورينغن اهتماماً كبيراً خارج المنطقة، حيث تقوم وزارة الأبحاث الاتحادية بدعم المبادرة بمنحة تبلغ قيمتها أكثر من 320 ألف يورو (900ر354 دولار) حتى شباط 2020 كجزء من مسابقة مخصصة لدعم “منتجات جديدة للاقتصاد الحيوي”.
وتسعى الوزارة إلى تطوير منتجات عضوية جديدة وطرحها في السوق، وتهتم بإعادة زراعة وحصاد ومعالجة الزعفران في ألمانيا.
وتأمل أيضًا أنه بناء على خيوط الزعفران، “سيتم تطوير زعفران سائل مركز يسهل على المستهلكين استخدامه لإضافة طعم التوابل ونكهة للطعام والشراب”.
أخيراً، سيحتاج المنتج إلى تسويق ذكي، ويفكر شبيت بالفعل في المستقبل، ويقول: “نجد أن الزعفران في بداية الحصاد ذو نوعية جيدة للغاية”، مثلما تكون “الدفعة الأولى” من الشاي أكثر تكلفة، يمكن أيضًا بيع الزعفران المبكر بسعر أعلى.
تختلف الجودة أيضاً حسب السنة والموقع، ويقول شبيت: “هذا يشبه النبيذ”، ووصل حصاد هذا العام الآن إلى مراحله النهائية وستكون أزهار تورينغن الأخيرة قد تم حصدها بحلول نهاية الشهر.
ارتفاع سعر الزعفران – الكيلوجرام يمكن أن يصل سعره إلى 30 ألف يورو – يرجع إلى عملية الحصاد المضنية، ويقول شبيت إنه يمكن للمزارعين استخدام الآلات للمساعدة في زراعة الشتلات ، ولكن يجب التقاط الزهور وقطفها يدوياً.
وبالنظر إلى الأجور المرتفعة في ألمانيا، هل من المنطقي اقتصادياً زراعة الزعفران؟، بدرس شبيت وزملاؤه هذا السؤال ويقومون بقياس وتسجيل المدة التي تستغرقها كل خطوة من خطوات العملية عن كثب.
ويقول إنه متفائل إلى حد ما، بالنظر إلى النتائج الأولية التي توصلوا إليها، ويضيف: “استناداً إلى الأرقام الواردة من إيطاليا، فإننا ندرس تكاليف الأجور التي تبلغ 6 يوروهات لكل جرام من الزعفران، وسيكون ذلك مجدياً اقتصادياً”. (DPA)[ads3]