وكالة الأنباء الألمانية : السلطات الألمانية تشمر عن ساعديها وسط تزايد تهديدات اليمينيين المتطرفين
لم ينته التهديد الذي يمثله الإرهاب اليميني أبدا، بل أن السلطات الأمنية في ألمانيا تقول إنه وصل إلى درجة لم نعهدها منذ فترة طويلة، وأنها تعمل الآن على التصدي له.
ووافق البرلمان الألماني في تشرين الثاني الماضي على استحداث نحو 600 وظيفة جديدة، وذلك بعد استشعار الخطر في أعقاب جريمة اغتيال رئيس مركز وحكومة مدينة كاسل، فالتر لوبكه، والاعتداء المسلح الذي كان يريد استهداف معبد يوهي في مدينة هاله.
وأراد البرلمان من وراء هذه الخطوة تعزيز قدرات هيئة حماية الدستور، “الأمن الداخلي” والشرطة الجنائية الاتحادية للتصدي بشكل أقوى لخطر أنصار اليمين المتطرف.
أنشأت هيئة حماية الدستور الألمانية الخريف الماضي خطاً ساخناً لتلقي البلاغات عن المتطرفين اليمينيين، وبدا الأمر وكأن السلطات الأمنية تلقت “معلومات مفيدة جداً” عبر خط “ريشتس اكس” الساخن، بحسب ما أوضح رئيس الهيئة، توماس هالدنفانغ.
ولكن أعضاء حزب البديل من أجل ألمانيا ينظرون لهذه الخطوة بشكل انتقادي ، “فالإبلاغ والتفكيك يعني سياسة خاصة بالحزب الشيوعي الألماني في ألمانيا الشرقية”، بحسب ما رأت نائبة رئيس الكتلة البرلمانية للحزب، بياتريكس فون شتورش.
ولكن البلاغات التي تلقتها السلطات الأمنية في أعقاب إطلاق دعوات لذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لم تقتصر على البلاغات الجادة، بل تضمنت أيضاً العديد من الاتصالات المزعجة.
إذا تقدم شخص بطلب ترخيص سلاح فسيتم تلقائيا النظر في الطلب ومعرفة ما إذا كانت لدى هيئة حماية الدستور أي تحفظات عليه، وهو ما يراه حزب البديل أيضا موضع انتقاد، حيث يعتقد الحزب أن ذلك يؤدي لوضع هواة الرماية “تحت الاشتباه العام”، بحسب ما أوضح مارتن هيس، النائب البرلماني عن الحزب.
تدرس وزارة الداخلية قرارات لحظر العديد من الجماعات اليمينية المتطرفة، ويعكف القائمون على جهاز الاستخبارات المضادة العسكرية المختص بالنظر في سيرة الجنود ومدى تأهلهم للخدمة العسكرية، على إصلاح الجهاز، وكان التعامل المتراخي مع المتطرفين اليمينيين بين صفوف الجيش وراء هذا الإصلاح.
ولكن هل هذا الأمر متناسب مع التهديد الفعلي، فعدد الأشخاص الذين صنفتهم السلطات الأمنية على أنهم “مصدر خطر” لا يقتصر على 46 شخصاً، مع ترشح العدد للزيادة،وذلك من بين نحو 24100 شخص محسوبين على “التيار اليميني المتطرف” على مستوى ألمانيا، مقابل 22 شخصاً كانت السلطات المعنية تعتبرهم “مصدر خطر”، في أواخر عام 2016، و43 شخصاً في منتصف تشرين الأول الماضي.
يضاف إلى هؤلاء 129 شخصاً “من ذوي الحيثية”، لأنهم يتقلدون مناصب قيادية داخل الوسط اليميني المتطرف،أو يقدمون مساعدات لوجستية للمتطرفين.
لا يستبعد أرمين شوستر، رئيس اللجنة البرلمانية المعنية بمراقبة أنشطة المخابرات، أن يتزايد عدد المصنفين مصدر خطر على المدى القريب في ظل الاعتداءات من جانب العناصر المتطرفة، وفي ظل أعداد المتطرفين الذين ألقت الشرطة القبض عليهم، ولكن شوستر يرى ضرورة أن يكون هناك تقييم شامل للوضع.
ولكن الولايات لم تقم حتى الآن بتقديم تقديراتها بشأن أعداد المتطرفين مصدر الخطر بها، معللة ذلك على الصعيد الرسمي بالقلق من أن ذلك من شأنه الكشف عن هوية هؤلاء.
ولكن هناك تفسيرات أخرى أيضا. فهل ينتاب وزراء داخلية آخرون الخوف من أن يؤدي حصر عدد المتطرفين مصدر الخطر في ول ايتهم إلى اعتبار ولايتهم بقعة بنية على خريطة ألمانيا بسبب التطرف اليميني، أم أن مصدر هذا التردد في حصر أعداد من يمثلون خطراً يمينياً على الأمن الألماني هو أن أجهزتهم الأمنية المعنية بالأمن الداخلي لا تقوم بعملها جيداً.
على أية حال فإن وزارة الداخلية بولاية تورينغن أكدت أن عدد الأشخاص الذين يشكلون خطراً على الأمن في الولاية “أقل من خمسة أشخاص”، في حين تتحدث ولاية برلين عن عدد “لا يتجاوز التسعة أشخاص”.
سارعت المعارضة الألمانية في أعقاب اغتيال رئيس مركز وحكومة مدينة كاسل، لاتهام السلطات الأمنية في ولاية هيسن بالإهمال.
يذكر أن لوبكه قتل في شرفة منزله في حزيران الماضي، ويعتقد الادعاء العام الاتحادي أن الاغتيال تم بدافع التطرف اليميني.
في البداية اعترف المشتبه الرئيسي بارتكاب الجريمة، شتيفان ايه، بأنه هو من ارتكبها، ثم عدل فيما بعد عن اعترافه.
ولا يستبعد الادعاء العام الاتحادي أن يكون المشتبه به، شتيفان إي، قد حاول قتل صاحب طلب لجوء عراقي، عام 2016، طعنًا من الوراء.
هناك الآن سؤال يطرح نفسه بشأن السبب الذي جعل السلطات الأمنية تتوقف عن ملاحقته، بعد أن عرف من قبل على أنه من النازيين الجدد، وذلك على الرغم من أنه كان مصنفاً عام 2009 على أنه شديد الخطورة.
ولكن الوضع يختلف في حالة شتيفان بي الذي حاول في 9 تشرين الأول الماضي اقتحام معبد يهودي بمدينة هاله لقتل أكبر عدد ممكن من اليهود.
لم يلفت هذا المتطرف اليميني الأنظار إليه قبل أن يقتل شخصين داخل مطعم شاورمة أمام المعبد، ولكن شرطة ولاية سكسونيا أنهالت مضطرة للإجابة على سؤال عن سبب عدم ملاحقة الشرطة الجاني لمدة ساعة كاملة، بعد أن أطلق الرصاص أمام المعبد وقتل شخصين، وسبب عدم تشديد الحراسة على المعبد في ذاك اليوم الذي كان اليهود يحتفلون فيه بمناسبة دينية بارزة.
لم تنته القضية المرفوعة ضد تنظيم “ثورة كيمنيتس” بمدينة دريسدن، والتي يتهم فيها ثمانية أشخاص من مثيري الشغب وحليقي الرؤوس وأوساط النازيين الجدد، بأنهم حاولوا في أيلول عام 2018 الحصول على أسلحة لتنفيذ هجمات على أجانب ومخالفين لهم سياسياً. (DPA)[ads3]