في ألمانيا .. منزل يأوي 140 قنفذاً لإعدادها للبيات الشتوي
يلتهم القنفذ الصغير طعامه بنهم، وهو مستلق على ظهره في يد مونيكا لوتكه، التي تضع حقنةً في فمه الصغير.
لا يكاد وزن هذا الحيوان الصغير يبلغ 150 غراما، هل سينجو؟، ليست ممرضة الحيوانات، لوتكه، متيقنة من ذلك.
توضح لوتكه أن هذا الحيوان كان بحاجة إلى وزن يبلغ كيلوغراماً للبيات الشتوي وترعى لوتكه (65 عاماً) في منزله الواقع بمدينة باد جريسباخ، جنوبي ألمانيا، أكثر من 140 قنفداً يحتاج المساعدة، وبذلك، وصلت الطاقة الاستيعابية للقسم الذي أنشأته الألمانية في بيتها للحيوانات أقصى درجة ممكنة، وهو ما يضطر لوتكه للعمل معظم ساعات اليوم.
وضعت لوتكه القنافذ في صناديق بلاستيكية خاصةً بها، بداخل كل صندوق علبة من الكرتون كمخبأ للقنافذ، ملأته لوتكه بقصاصات ورق صحف، يستطيع القنفذ حفر مكان لنفسه فيها، وتتراص الصناديق الخشبية للقنافذ في الطابق الأرضي، حتى تكاد تلامس سقف المنزل الريفي السابق.
تصدر عن بعض القنافذ أصوات لهاث خفيفة أو سعال قوي، فبعضها مريض.
لا يمكن للواقف في هذا المكان أن يلتفت حوله بسهولة، هناك في الممر صحف قديمة متراصة بارتفاع أمتار، وهناك في المطبخ وعلى بوفيهات علب لا حصر لها، وعلب صغيرة بها علف، وأدوية وحقن، وكل ذلك معد بشكل يلائم الحيوانات الصغيرة، وهناك رائحة حادة في الهواء.
وتعيش مونيكا لوتكه مع زوجها و ابنتها البالغة من العمر 24 عاماً في شقتهم في الطابق الأول.
ويبدأ اليوم بالنسبة للوتكه في الساعة السادسة والربع صباحاً، تبدأ بتوفير العلف في كل صندوق خشبي تباعاً، ثم يتم وزن القنافذ بكل صندوق، وهناك لكل حيوان بطاقة بيانات خاصة به، تسجل فيها لوتكه كيف كانت حالته الصحية لدى وصوله، وكيف تطور وزنه.
وتوضح لوتكه أن وصول الحيوان لوزن كيلوغرام يعني أنه أصبح جاهزًا للبيات الشتوي، وتُحمَل هذه الحيوانات من قبل جميع سكان المنطقة لمركز الرعاية الخاص بلوتكه، التي لم يعد لديها مكان آخر في المركز.
الكثير من القنافذ في المركز يعاني من سوء التغذية، حيث لم تعد تجد ما يكفيها من الطعام، كآكلة حشرات، مما يجعلها تلتهم المزيد من الحلزون لسد جوعها، وهو ما يتسبب في إصابتها بدودة الرئة، ويصيبها بالسعال، كما يؤدي إفراط القنافذ في أكل دودة الأرض لإصابتها بمشاكل في الأمعاء، بحسب لوتكه.
وتشتري لوتكه العقاقير اللازمة لعلاج القنافذ من الطبيب البيطري، وتنفق على هذه الأدوية نحو 500 يورو سنوياً، يضاف إليها نحو 1000 يورو شهرياً للعلف وحده، ولكن تكاليف المياه الساخنة الضرورية لتنظيف الحيوانات، باهظة أيضاً، وفقاً للوتكه.
وتدفع لوتكه معظم هذا المال من جيبها الخاص، وتحصل على جزء منه من التبرعات، “فأنا لا أستطيع الرفض”، بحسب ما تعترف لوتكه، مشيرةً إلى أنها تشفق على هذه الحيوانات الرقيقة التي دمر الإنسان بيئتها.
وتوضح لوتكه أن أعدى أعداء القنافذ بعد السيارات، هي “الكلاب، وآلات تهذيب الحشائش التي تعمل بشكل ذاتي الحركة، وسراديب الأقبية والأسيجة ذات الفتحات الضيقة”، وتتمتع لوتكه بمعلومات طبية بصفتها ممرضة سابقة في قسم الجراحة.
وتقول لوتكه إن بعض القنافذ تعاني من حالة مزرية، وإن أحدها علق في شرَك من السلك، لم يستطع التخلص منه، “بل وضغط السلك على بطنه وترك آثاره فيها”.
وهناك قنذ آخر علق في أحد الأسيجة، ثم هاجمته الدجاج، وقنفذ ثالث جرح قدمه عند محاولته اليائسة التخلص من السياج الذي علق به.
وأعادت لوتكه قنفذاً صغيراً بعد إطعامه، إلى صندوقه، وجاء الدور الآن على قنفذ أكبر، وضعته لوتكه على كفة ميزان المطبخ، بلغ وزنه قرابة كيلوغرام، بحسب مؤشر الميزان، فأصبح جاهزًا إذن للبيات الشتوي، وعندما أمسكته لوتكه أمام كاميرا المصور، أصدر صوتاً يبدو منه أنه يتشكى، “حيث لا يروقه ذلك”، بحسب ما قالت لوتكه مبتسمةً، ثم تحسست رأسه الشائكة، وأعادته إلى صندوقه الكرتوني.
وتتلقى لوتكه دعماً من أحد المزارعين لمساعدتها في توفير البيات الشتوي لهذه الحيوانات، حيث يحمل زوجها صناديق القنافذ التي تغذت جيداً وأصبحت جاهزة للبيات، إلى المزارع.
وستبقى القنافذ حتى آذار أو نيسان في مقرها الشتوي، قبل أن يعاد إطلاقها إلى الطبيعة، بحسب ما تقول صديقة القنافذ، والتي تأمل في الحصول على دعم حكومي أو تعاون مع إحدى الجمعيات لكي تتمكن من تنسيق العمل وتوفير التكاليف.
وتشير لوتكه، كما الاتحاد الألماني لحماية الطبيعة، ومنظمات أخرى، إلى أنه لا يجوز اصطياد سوى القنافذ التي تحتاج لمساعدة، ويوصي الاتحاد أصحاب الحدائق المنزلية بتوفير أكوام من أوراق الشجر مغطاة بالبلاستيك، وإطعام القنافذ في الربيع والخريف، وعدم استخدام آلات شفط ورق الشجر والآلات ذاتية العمل. (DPA)[ads3]