في لقاء مع صحيفة ألمانية .. وزير خارجية تركيا يتحدث عن ” اتفاقية اللاجئين ” و فكرة إقامة منطقة محمية دولياً في سوريا
أجرت صحيفة “بيلد” الألمانية حواراً مع وزير خارجية تركيا، مولود شاوش أوغلو، تحدث فيه حول اتفاقية اللاجئين بين تركيا والاتحاد الأوروبي والعملية العسكرية التركية الأخيرة في شمال سوريا.
وقالت صحيفة “بيلد”، الخميس، بحسب ما ترجم عكس السير، إن الحوار مع وزير الخارجية التركي جاء على هامش المؤتمر الذي ناقش القضية الليبية في العاصمة الألمانية برلين.
وجاء الحوار كما يلي:
“بيلد”: التقت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بالرئيس أردوغان في إسطنبول يوم الجمعة، هل دار النقاش حول صفقة اللاجئين التي تم التفاوض بشأنها في عام 2016؟ فمنذ ذلك الحين، هددت أنقرة أكثر من مرة بإعادة فتح الأبواب للاجئين للتوجه إلى أوروبا.
شاوش أوغلو: عندما نلتقي بأعضاء الاتحاد الأوروبي، يتعلق الأمر دائمًا بهذا الاتفاق، وقد لعبت السيدة ميركل الدور الأكثر أهمية، والذي أدى إلى الغيرة بين بعض أعضاء الاتحاد الأوروبي، لقد كانت ألمانيا أكبر مؤيد لهذا الاتفاق منذ البداية وأظهرت الشجاعة الأكبر.
انظر إلى هذه الاتفاقية منذ بدايتها، فعلى الرغم من أن بعض الصحف تنشر باستمرار تقارير سلبية عن تركيا، حاول أن ترى بموضوعية أي من الجانبين قد وفى بوعوده وأيها لم يفعل.. لقد حددنا عدد اللاجئين غير النظاميين في الجزر اليونانية بـ57 لاجئًا يوميًا، وعندما كانت هناك زيادة قصيرة الأجل، وحين تم تحديد العدد بحوالي 120 لاجئاً يوميًا في فصل الصيف، تم الحديث بالذعر من أن هناك زيادة بنسبة 100% في عدد اللاجئين.. هذا صحيح، لكنه كان مجرد مضاعفة 57 لاجئًا في اليوم.
قبل اتفاقنا مع الاتحاد الأوروبي، كان إلى حد 7 آلاف لاجئ يصلون إلى اليونان من تركيا يوميًا، لا أريد أن أضع اللوم على اليونان بسبب هذه الأرقام، لكن بما أن اليونان لم تقم بإعادة اللاجئين، فقد تم تشجيع المهربين بشكل أكبر.. نحن نلتزم بالاتفاق ونستعيد أي لاجئ يتم إعادته.
وماذا عن الاتحاد الأوروبي؟، لقد وعد الاتحاد الأوروبي بدفع أول ثلاثة مليارات يورو في أواخر عام 2016 وثلاثة مليارات يورو أخرى في أواخر عام 2018، الآن نحن في عام 2020 وما زلنا لم نتلق أول ثلاثة مليارات يورو.. إذن من لم يف بوعده؟، أعلم أن ألمانيا في وضع صعب لأن العديد من دول أوروبا الوسطى والشرقية تعارض إعادة توطين اللاجئين.. وعلى الرغم من كل شيء، نحن نؤيد استمرار الاتفاق لأنه مثال على التعاون الجيد بين تركيا والاتحاد الأوروبي.
لكن للإجابة على الجزء الأكثر أهمية في سؤالك، يتعلق فقط، للأسباب التي ذكرتها للتو، كان يمكن أن نفتح حدود تركيا.. كان يحق لنا القيام بذلك، لكننا لم نفعل ذلك.. لقد قال رئيسنا: فلتستقبلوا (الدول الأوروبية) اللاجئين، وهذا ما تم النظر إليه على أنه تهديد؟.. بعد عمليتنا في شمال سوريا، كانت هناك هجمة إعلامية ضد تركيا، تدعي بأننا سنغير التركيبة السكانية المحلية إذا عاد اللاجئون السوريون إلى سوريا.. ماذا كانت ستفعل الدول الأوروبية لو كانت في مكاننا؟.. لا نحصل على أي دعم وأنفقنا أكثر من 40 مليار يورو على اللاجئين من ميزانيتنا، وهو مبلغ خطير لأي اقتصاد.
في تركيا، بدأت المعارضة بالفعل في جعل قضية اللاجئين مشكلة سياسية، لقد حاولنا النقاش مع ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا بخصوص قضية اللاجئين، لكن من كان وما زال شريكنا الرئيسي في ذلك؟، فقط وكالة الأمم المتحدة للاجئين.
مشكلة اللاجئين هذه ليست مجرد مشكلة أمنية فحسب، بل بالمقام الأول هي مشكلة إنسانية، ولا ينبغي استخدامها لخلق مزاج سياسي.. لقد عانى هؤلاء الأشخاص كثيرًا ، والآن يجب أن نساعدهم معًا.
“بيلد”: شن النظام السوري هجومًا كبيرًا في إدلب، المحيطة بالمواقع العسكرية التركية. كيف يمكن منع أزمة لاجئين كبيرة؟
شاوش أوغلو: الوضع في إدلب يثير قلقنا جميعًا، ولهذا السبب تحدث رئيسنا أردوغان عن ذلك على هامش مؤتمر ليبيا (في برلين)، حتى الآن، فر 400 ألف شخص، وبعضهم فر إلى حدودنا، وهناك عدد كبير في طريقهم حاليًا، نحن نستعد لرعاية هؤلاء الناس في سوريا، سيكون من الخطأ إنسانيًا جعلهم يقضون الليل في خيام في منتصف فصل الشتاء الحالي، ولهذا السبب أنشأنا معسكرات محصنة.
لقد تم بناء مراكز المراقبة في إدلب وفقًا لاتفاقية سوتشي لمراقبة انتهاكات وقف إطلاق النار.. إحدى هذه المراكز موجودة حاليًا في منطقة احتلها (النظام السوري) الآن.. نحن لا نرى أي تهديد لمواقعنا العسكرية في الوقت الحالي، ولكن إذا كان هناك تهديد، فسنفعل ما هو ضروري لحماية أنفسنا.
لكن اهتمامنا الحقيقي هو هجوم (النظام السوري) الذي يقصف المدنيين، بشار الأسد لا يؤمن بحل سياسي، إنه يريد حلاً عسكرياً.. نعتقد أنه من المهم العودة إلى وقف إطلاق النار والتفاوض السياسي، على سبيل المثال في جنيف، حيث تجتمع اللجنة الدستورية للقضية السورية.. يجب على المجتمع الدولي الآن أن يهتم بالسكان المدنيين في إدلب وليس فقط عندما يكون هؤلاء الأشخاص عند الباب مرة أخرى (في حال فرارهم خارج سوريا)، وعلى وجه التحديد، هذا يعني ممارسة المزيد من الضغط على نظام الأسد وداعميه.
“بيلد”: قبل بضعة أسابيع رفضت اقتراح وزيرة الدفاع الألمانية، حول فكرة إنشاء منطقة حماية دولية في شمال شرق سوريا. هل يمكنك تصور منطقة حماية دولية في إدلب، بمشاركة ألمانية أيضًا؟
شاوش أوغلو: “لم نرفض منطقة الحماية، لكن حاولنا التأكيد على أنه سيكون من الصعب تنفيذها.. لقد وجه الرئيس أردوغان العديد من النداءات إلى المجتمع الدولي في السنوات الأخيرة وقام بحملة من أجل إنشاء منطقة للحماية.. نحتاج إلى قرار من مجلس الأمن لذلك ، لكن هل ستقول روسيا نعم؟ وماذا عن الأعضاء الدائمين الآخرين؟ والأعضاء غير الدائمين؟.
لم يكن هناك أي توافق في ألمانيا نفسها على اقتراح وزيرة الدفاع الألمانية، وسيكون الخلاف كبيرًا أيضًا بالنسبة لفكرك منطقة حماية دولية في إدلب، خاصةً وأن الولايات المتحدة بدأت الانسحاب.
“بيلد”: بعد الهجوم التركي في شمال شرق سوريا ضد وحدات “وآي بي جي” الكردية، أعلنت تركيا عودة الكثير من السوريين إلى هذه المناطق. كم عدد الأشخاص الذين عادوا بالفعل إلى هذه المنطقة، وهل هم جميعهم أصلاً من سكان هذه المنطقة؟
شاوش أوغلو: “حتى الآن، عاد 200 ألف نازح داخليًا إلى المنطقة الواقعة بين تل أبيض ورأس العين، كما عاد لاجئون سوريون من تركيا إلى هذه المنطقة.. حتى الآن، عاد 372 ألف شخص إلى منطقتي عمليتي “درع الفرات” (شمال حلب) و“غصن الزيتون“ (في عفرين)، بينما عاد 20 ألف شخص إلى منطقة عملية (نبع السلام”، ما يعني أن ما يقرب من 400 ألف سوري قد عادوا من تركيا إلى سوريا.
مبدأنا في العودة، هو وجوب السماح للجميع بالعودة إلى وطنهم الأم، ولكن في بعض الأحيان تواجه وجود تدمير للمنازل، بفعل داعش، وكذلك بفعل ميليشيات “بي كي كي/ واي بي جي”.. لذا يتعين علينا إنشاء مساكن وبنية تحتية جديدة للعائدين، عندها فقط يمكننا تحقيق عودة طوعية وآمنة وكريمة للاجئين.
يوجد حالياً 3.6 مليون سوري في تركيا، وفر 350 ألف كردي سوري إلى تركيا.. ألم تتساءل أبدًا عن سبب عدم عودة هؤلاء الأكراد إلى المناطق التي تسيطر عليها وحدات “واي بي جي”؟.. الغرب ينظر هنا بمقياس مزدوج.. كانت المنطقة التي نعمل فيها مأهولة بنسبة 80% من العرب والأقليات العرقية الأخرى.. لقد تم إجراء التغييرات الديموغرافية بواسطة “بي كي كي / واي بي جي”، وليس من قبلنا.
“بيلد”: لقد زارت صحيفتنا قبل شهر مخيم “واشوكاني” للاجئين في المنطقة التي تسيطر عليها وحدات “واي بي جي”، وقد فر الأشخاص هناك أو نزحوا بسبب الهجوم التركي. هل يُسمح لهؤلاء الأشخاص بالعودة إلى وطنهم وهل يمكنهم العيش هناك بسلام؟
شاوش أوغلو: لقد فر بعض الناس من القتال، لكن من الواضح أننا نقاتل فقط ضد منظمة إرهابية تشكل تهديدًا لنا والتي تحاول أيضًا تقسيم سوريا.
نحن ننظر لجميع سكان تلك المنطقة دون تمييز، كشعب يعيش هناك كإخوة.. الأقليات المسيحية سعيدة جداً بعمليتنا العسكرية، فبعد طرد داعش، مارست وحدات “واي بي جي” ضغوطًا عليهم، وقامت بتجنيد أطفالهم بالقوة، وأغلقت مدارسهم وصادرت ممتلكاتهم.. أنا لا أقول ذلك، إنهم يقولون ذلك بأنفسهم.
نحن لا نبني فقط منطقة حماية لدرء الأخطار ضد تركيا، ولكن حتى يتسنى لجميع الأشخاص الذين يأتون من هناك ويرغبون في العودة إلى وطنهم أن يعيشوا هناك بأمان، سواء كانوا من النازحين داخلياً أو من اللاجئين في تركيا.[ads3]