ناشطة سورية تحصل على جائزة ألمانية للسلام
التعليم هو مفتاح المستقبل، هذا ما تعلمه مزن المليحان منذ أن كانت في عامها الـ14 وتعيش في مخيم للاجئين بالأردن، ومنذ ذلك السن وهي تناضل من أجل فرص تعليم أفضل في مناطق الحروب.
مزن المليحان بلغت بالكاد ربيعها الرابع عشر عندما بدأت القنابل تسقط فوق مدينتها درعا في جنوبي غرب سوريا، ولم يجد والداها سوى مخرج واحد فقط، وهو الهرب، فتركا كل شيء خلفهما واصطحبا أطفالهما الأربعة عام 2013 هرباً من جحيم الحرب.
ووصلت العائلة إلى الأردن، وبالتحديد إلى مخيم الزعتري، وهو ثاني أكبر مخيم للاجئين في العالم، وبالرغم من أن والدها طلب منها أخذ فقط ما هو ضروري، اصطحبت مزن معها حقيبةً مليئةً بالكتب.
“حتى عندما كنت صغيرة، كنت أعرف أن التعليم هو المفتاح لمستقبلي، لذلك عندما فررت من سوريا، كانت الأشياء الوحيدة التي أخذتها معي هي الكتب المدرسية”، كما قالت الشابة السورية البالغة اليوم من العمر 21 عاماً، في حديثها أمام اليونيسيف في حزيران 2017.
وبينما كانت مزن متعطشة للمعرفة حتى في مثل هذه الظروف الاستثنائية بالمخيم، فإن اليأس لم يجعل التعليم من أولويات غالبية ساكني المخيم الآخرين، وبالتي فقد كانوا يحجمون عن المشاركة في عروض التعليم المتاحة هناك، لكن الفتاة السورية لم تقف مكتوفة اليدين، فراحت تنتقل من خيمة إلى أخرى وتقنع الآباء والأطفال بأهمية المدرسة، “عندما تتمتع بالتعليم، فلن يمكن لأي شخص أن يسلبه منك”، تكرر مزن دائماً.
وعلى هذا النحو يبدأ نشاط مزن المليحان من أجل فرص الحصول على فرص تعليم أفضل في مناطق الحروب، واليوم تعيش الشابة السورية في بريطانيا، وفي 2017 عُينت كأصغر سفيرة لليونيسيف للنوايا الحسنة، وفي هذه المهمة رجعت إلى الزعتري والتقت في تشاد ببنات فررن من مليشيات “بوكوحرام” وتحدثت في هامبورغ خلال قمة مجموعة العشرين مع ممثلين سياسيين حول ملايين الأطفال الذين أُجبروا بسبب النزاعات والحروب أو الكوارث الطبيعية على مغادرة وطنهم، واختارتها مجلة “تايم” في 2017 في جملة المراهقين الأكثر تأثيراً في العالم.
وعن عملها كسفيرة للـ”يونيسيف”، تقول مزن والفخر يبدو على محياها: “في مخيم اللاجئين رأيت ماذا يحصل عندما يكون الأطفال مجبرين على الزواج أو العمل، إنهم يفوِتون إمكانية تعليم مدرسي جيد وبالتالي تُهدر جميع فرصهم من أجل مستقبل أفضل”، وتضيف الشابة السورية، بالقول: “لذلك أنا فخورة بالعمل مع منظمة اليونيسيف والمساعدة لمنح هؤلاء الأطفال صوتا وتمكينهم من الذهاب إلى المدرسة”.
ومن المقرر أن تُكرم مزن المليحان في ألمانيا بجائزة دريسدن للسلام، الأحد، لشجاعتها ونشاطها المتميزين، كما ورد في بيان منح الجائزة.
“عملت مزن المليحان ضد الكثير من العقبات من أجل الأطفال والشباب وإنها تناضل من أجل فرص تعليمهم.. والتعليم هو ربما أغلى ثروة يمكن أن يحصل عليها اللاجئون الشباب، فهي تفتح الطريق لاكتساب الكرامة بعد صدمة التهجير..”، كما قالت بيآته شبيغل، من مؤسسة “كلاوس تشيرا” التي تدعم الجائزة بـ 10 آلاف يورو.
وكلمة تسليم الجائزة ستلقيها كيم فوك فان تي، الحائزة على الجائزة من السنة قبلها، وكيم فوك فان تي دخلت التاريخ “كبنت النابالم” من حرب فيتنام، والصورة التي تبينها بعد هجوم بقنابل النابالم الأمريكية على قريتها كبنت صغيرة عارية وهي تصرخ ومنهكة، ساهمت في أن تغير موقف الأمريكيين من حربهم على فيتنام.
ويتم تسليم جائزة دريسدن للسلام هذه السنة للمرة الحادية عشرة، وستُقام مراسيم الاحتفال في دار أوبرا دريسدن.
ومن بين الحائزين السابقين على الجائزة آخر رئيس للاتحاد السوفيتي السابق ميخائيل غورباتشوف وعازف البيانو الإسرائيلي-الأرجنتيني دانييل بارينبويم ومصور الحروب جيمس ناختفاي.
بتينا باومان – دويتشه فيله[ads3]