ألما صادق .. اللاجئة التي أصبحت وزيرة العدل في النمسا
ندد المستشار النمساوي، سباستيان كورز، بـ “خطاب الكراهية” ضد وزيرة العدل الجديدة في وزارته، والتي يستهدفها اليمين المتشدد بالكثير من الهجوم بسبب خلفيتها العرقية والسياسية.
فوزيرة العدل الشابة، ألما صادق، من أصول بوسنية. هاجر والداها من البوسنة إلى النمسا عام 1994 هربا من الحرب، وكان عمرها آنذاك عشرة أعوام.
والوزيرة الجديدة محامية حقوقية بارزة، تبلغ من العمر 35 عاما، وهي واحدة من أربعة وزراء من الحزب الأخضر انضموا إلى حكومة كورز (الذي ينتمي لحزب المحافظين) في الرابع من فبراير/ شباط في تحالف غير مسبوق، بعد انهيار تحالف كورز مع حزب الحرية اليميني المتشدد بسبب قضايا فساد.
درست صادق القانون في فيينا، وتدربت فور تخرجها في المحكمة الجنائية الدولية، وصادف التدريب وقت المحاكمات المتعلقة بيوغوسلافيا السابقة.
ثم سافرت صادق إلى الولايات المتحدة حيث حصلت على درجة الماجستير في القانون من جامعة كولومبيا. وعادت إلى فيينا لتحصل على درجة الدكتوراه في مجال حقوق الإنسان وهي بعمر الخامسة والعشرين.
وعملت في عدد من مكاتب المحاماة والمنظمات الدولية في النمسا ولندن والولايات المتحدة. وامتهنت المحاماة في النمسا لمدة سبع سنوات بعد إنهاء دراستها في الولايات المتحدة.
ويشن الإعلام اليميني المتشدد حملة شرسة ضد صادق، بسبب أصولها العرقية وخلفيتها الدينية. وانتشرت تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي عن “وضع إرهابية في منصب يتعلق بالأمن الداخلي”، وذهب تعليق آخر إلى التهديد بالقتل وبأن “رصاصة تنتظرها”.
وذكرت تقارير إعلامية أن صادق لا تقترب من النافذة خشية من تعرضها للاغتيال، وأن ثلاثة عناصر من قوات “كوبرا” عالية التدريب يلازمونها طوال الوقت، وهو ما لم تعلق عليه الحكومة النمساوية.
وصادق حديثة عهد بالسياسة، إذ انضمت إلى حزب الخضر منذ ثلاث سنوات فقط، وأصبحت عضوة في البرلمان. وكان هدفها من هذه التجربة هو “مواجهة اليمين المتشدد”.
وتقول عبر صفحتها على موقع فيسبوك إن انخراطها في السياسة يهدف إلى الدفاع عن العدالة الاجتماعية “ليحصل الجميع على فرص متساوية في الحياة، بغض النظر عن الأصل الاجتماعي أو العرقي، أو الدين أو الجنس”.
وأصبحت صادق نائبة في البرلمان في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2017، وكانت عضوة في حزب يساري صغير. وفي منتصف عام 2019، انضمت لحزب الخضر.
وعند وصولها إلى عضوية البرلمان، خاضت نقاشات حامية مع الأعضاء اليمينيين في البرلمان، حتى أن أحد أعضاء حزب الشعب النمساوي (وهو نفس الحزب الذي ينتمي إليه كورز) قاطعها وصاح: “لسنا في البوسنة”.
وكانت صادق من أشد المعارضين لحكومة كورز التي شارك فيها حزب الحرية اليميني المتشدد، وخاصة وزارة الداخلية التي تتبع لها المخابرات النمساوية. وكانت بعض الدول قد توقفت عن مشاركة المعلومات المخابراتية مع فيينا آنذاك بسبب المخاوف من تعاون اليمين المتشدد مع روسيا.
ولدت صادق في مدينة توزلا الصناعية في البوسنة، التي شهدت عام 1995 واحدة من أكبر مجازر حرب البوسنة، ووالداها مهندسيان، وهي أول شخص من أصول مهاجرة يتولى منصبا وزاريا في النمسا. وتشدد دائما على أنها “نمساوية-بوسنية”، تحمل الهويتين معا.
وقالت في حوار صحفي مؤخرا إن الانضمام للحكومة كان له ثمناً باهظاً على المستويين الشخصي والسياسي، “لكن تكلفة الرفض كانت ستصبح أكبر بكثير” لأنها تُفسح المجال لليمين المتشدد.
وطالما كانت صادق محل استهداف هجمات اليمين. فعندما هاجرت مع والديها إلى فيينا، كانت الطفلة الوحيدة غير النمساوية في فصلها، وقالت إن هذا الوضع جعلها محل الكثير من المضايقات من التلاميذ والمدرسين.
وفي عام 2000، عندما كانت شابة، تولت حكومة حزب الحرية اليميني مقاليد الحكم في البلاد، واستهدفت بخطابها المهاجرين، حتى أنها جمدت علاقاتها بعدد من الدول الأوروبية وهددت بطرد المهاجرين.
ويخشى معارضون لانضمام الحزب الخضر لحكومة كورز من أن يكون هذا التحالف بمثابة “ورقة توت” يغطي بها كورز توجهات حكومته اليمينية، والتي تشمل فرض قيود على الحجاب، وتشديد الإجراءات ضد المهاجرين وطالبي اللجوء وإنشاء مراكز احتجاز لهم، وهو ما وصفته صادق من قبل بأنها ممارسات “استبدادية”.
وتخوض صادق نزاعاً قضائياً بعد إلزامها بدفع تعويض قيمته 700 يورو بتهمة التشهير، بعد نشرها صورة على الإنترنت لشاب قالت إنه يؤدي التحية النازية، وعلقت: “لا تسامح مع النازيين الجدد والفاشيين والعنصريين”، في حين قال الشاب صاحب الصورة إنه كان يلوح لأصدقائه. (BBC)[ads3]