” الأسد يريد بلداً للموالين فقط و ساذج من يتحدث عن المستقبل السياسي ” .. صحافي ألماني يتحدث عن ” الإفلاس الأخلاقي الكامل في إدلب “

تشهد إدلب حاليا كارثة إنسانية ويغض العالم عنها أبصاره. الصور القادمة من هناك تُذكر إلى حد بعيد بمشاهد نهاية الحرب العالمية الثانية التي من المفترض أن تهز الناس وتوقظهم. رحلات اللاجئين المضنية في اتجاه الشمال وسط الثلج والصقيع بالقرب من الحدود التركية، آملين في الوصول إلى بر الأمان، خصوصا وأن مؤن اللاجئين القليلة توشك على الانتهاء.

ينتهج النظام السوري، المدعوم من الطيران الحربي الروسي والميليشيات الموالية لإيران، استراتيجية الأرض المحروقة في إدلب، إذ تُلقي المروحيات قنابل فوسفورية على المستشفيات والمدارس والأسواق كما المنازل. فتحول مجمعات سكنية كبيرة إلى مدن أشباح، في رسالة واضحة مفادها: في المستقبل، يجب ألا تقوم هنا حياة أخرى!

تدفع آلة الحرب السورية بمئات الآلاف من المدنيين العزل إلى النزوح، إذ تقدر منظمات الإغاثة الانسانية عدد الأطفال النازحين بما لا يقل عن 290 ألف طفل، يعاني عدد منهم كل ليلة من البرد القارص بل والموت. النظام السوري يعتبر كل شخص يعيش في إدلب “إرهابيا”، وهي المحافظة التي لجأ إليها عدد كبير من السوريين في السنوات الماضية، هرباً من بطش قوات الأسد وأتباعه. أما اليوم فلم يعد أمامهم مكان آخر يلجؤون إليه.

تساهم القيادة الروسية بنوع من السخرية في الاستخفاف بحياة أهل إدلب، استخفاف سبق وأن مارسته في غروزني عاصمة الشيشان. ومن كان يأمل في التفاوض مع نظام دمشق حول المستقبل السياسي لسوريا عليه التخلي عن هذه السذاجة تماما. الأسد وأركان نظامه يقصفون بلدا كي يعيش فيه السوريون الموالون فقط. بلد يتم تطهيره من جميع مثيري الشغب المحتملين. غير أن ذلك لن يجلب السلام للبلاد.

تخشى أنقرة من أن يلجأ إليها نصف سكان منطقة إدلب البالغ عددهم حوالي أربعة ملايين نسمة إذا تم فتح الحدود المغلقة بجدار مرتفع. فمن شأن استقبال المزيد من اللاجئين زعزعة استقرار البلاد. كما أنها تسعى لمنع تدفق موجة جديدة من اللاجئين. هذا يدل على موقع القوة التي تملكها روسيا تجاه أوروبا، فكما هو الحال الآن في ليبيا، فهي باتت تتحكم في إحدى المحطات الرئيسية في طريق الهجرة.

أجرى الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين محادثات جديدة يوم (الخميس 13 فبراير/ شباط 2020). لكن المكالمة الهاتفية لم تمكن الجانبين من تقريب وجهات النظر. لذلك بدأت تركيا لعبة محفوفة بالمخاطر وتحاول إجبارالجيش السوري على الوقوف وراء مراكز المراقبة الاثني عشر باستخدام القوة العسكرية. نقاط تم إنشاؤها فعلا من ضبط ومراقبة وقف إطلاق النار في إدلب ووافقت عليه كل من روسيا وتركيا وإيران.

تركيا لا تقدم بهذا خدمة لنفسها فقط، وإنما تقدمها لأوروبا أيضاً. وبالتالي فإن الاتهام القائل بأنه يتم استخدام أسلحة ألمانية في العملية العسكرية التركية، هو اتهام غير دقيق. فعندما عرضت المستشارة أنغيلا ميركل بناء منازل واقية في فصل الشتاء لصالح 100 ألف لاجئ في إدلب، انهالت عليها الانتقادات. وتبدو أوروبا مرة أخرى عاجزة وغير قادرة على الرغم من أن جميع القيم التي تؤمن بها تُقصف بلا هوادة بالقنابل.

الكثير يذكرنا هنا بالحرب في يوغوسلافيا سابقا، عندما وقفت أوروبا بلا حول ولا قوة أمام المذابح الصربية. في ذلك الوقت، حينها أنذرالدبلوماسي الأمريكي ريتشارد هولبروك بقوة الدكتاتور الصربي سلوبودان ميلوسيفيتش، قبل أن يضع القصف الأمريكي، حداً للتطهير العرقي هناك.

عواقب انسحاب القوة العظمى الأمريكية تظهر فيما تمارسه قوات النظام السوري يوميا، فيما أوروبا، التي تنصب نفسها حامية لحقوق الإنسان، تؤكد إفلاسا أخلاقيا جديدا.

راينر هيرمان، محرر فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ الألمانية – دويتشه فيله[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

تعليق واحد

  1. مو بس الاسد بدو موالين ..
    كل قائد فصيل وحزب وعشيرة وطائفة وحارة بسورية بدون موالين وما بدو حدا تاني ..
    هي عقلية السوريين تبع الشعب الواحد .. قصدهم دائما الشعب (الموالي) الواحد .. مو اكتر من هيك ..