ما الذي ينتظر السوري بعد فتح تركيا الحدود أمام الراغبين بالوصول إلى أوروبا .. ” هل نذهب أم لا نذهب ؟ “

أعلنت تركيا بشكل غير مباشر عن فتحها للحدود أمام اللاجئين للوصول إلى أوروبا، في محاولة للضغط على الاتحاد الأوروبي وحثه على مساعدتها للوقوف في وجه روسيا ونظام الأسد وتحمل مسؤولياته إزاء الكارثة التي تشهدها إدلب.

وانتشرت اليوم العديد من الصور والمقاطع المصورة التي تظهر حافلات تنقل اللاجئين من اسطنبول للمناطق الحدودية، وقوارب تصل من تركيا إلى السواحل اليونانية.

ولا يعتبر ما سيلي ذكره نصيحة بعبور الحدود ومحاولة الوصول إلى أوروبا أو العكس، بل هو محاولة لعرض الوقائع وتوضيح الصورة العامة.

يقع اللوم إزاء ما يحصل في سوريا أو ما تفعله روسيا بسوريا، على عاتق الجميع بلا استثناء، أمريكا وأوروبا وتركيا والعرب، على اختلاف النسب، وتحميل طرف واحد مسؤولية ما يحصل هو تجن وقصر نظر.

استخدام تركيا ورقة اللاجئين ليس أمراً جديداً بل تكرر خلال السنوات الماضية، والحديث في هذه النقطة سيكون مكرراً وبلا فائدة، والأجدر الانتقال إلى النقطة التالية وهي: ماذا بعد فتح تركيا للحدود؟

الكثير من الأسئلة يمكن طرحها في هذا الصدد، هل سيكون الفتح دائماً أم مؤقتاً إلى حين تحقيق الهدف منه؟.. هذا السؤال جوابه سيظهر قريباً (خلال بضعة أيام على الأكثر)، أما ما الذي يلي فتح الحدود، فالجواب هو “ليس الوصول إلى أوروبا”.

وقبل الخوض بالأسباب والتفاصيل، تجب الإشارة إلى أمر مهم جداً وهو أن وصول “بلمات” اللاجئين إلى اليونان لم يتوقف على الإطلاق، ومن يقرأ الأخبار التي تتحدث حالياً عن وصول البلمات إلى السواحل اليونانية وكأن الأمر جديد أو مرتبط بقرار تركيا فتح الحدود، فهو مخطئ ولم يطلع بشكل كاف.

سبق لعكس السير أن نشر العديد من المعلومات المتعلقة بالقوارب الواصلة إلى اليونان خلال الأشهر الماضية، نقلاً عن منظمة نرويجية تطوعية ناشطة في اليونان، تورد بشكل شبه يومي أرقام البلمات والأشخاص الواصلين من تركيا إلى السواحل اليونانية، وهي أرقام ليست بالصغيرة (نتحدث عن مئات الأطفال) إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الإغلاق النظري للحدود وتطبيق الاتفاق التركي الأوروبي والتشديد الكبير من قبل تركيا واليونان.

في ظل صعود اليمين المتطرف وأزمة فيروس كورونا، والكثير الكثير من الأمور التي تشغل بال أوروبا أكثر من اللاجئين، لن يتم السماح بأية موجة لجوء أخرى، ولا حاجة للتذكير بكيفية تعامل الشرق الأوروبي (المحطة الأولى بعد تركيا – اليونان / بلغاريا / …) مع اللاجئين.

بعد الإعلان التركي، أعلنت بلغاريا تشديد الإجراءات الأمنية على الحدود، وأعلنت اليونان كذلك أيضاً، كما أن الأخيرة تعتزم وضع جدار عائم يبلغ ارتفاعه أكثر من متر لثني اللاجئين عن عبور بحر إيجه، إلى جانب تكثيف مراكز وأبراج مراقبة الحدود البرية وزرع المزيد من الأسلاك الشائكة.

هذا يعني أن اللاجئين الذين خرجوا من تركيا ستتقطع بهم السبل، وسينضمون إلى اللاجئين الذين يعيشون في ظروف مأساوية على الجزر اليونانية منذ سنوات دون أية حلول، فلا تحسين للأوضاع ولا إعادة توطين في أوروبا.

ما يزيد التأكيد على أن اليونان لن تفتح الحدود ولن تستقبل أحداً، هو أن سكان جزيرة ليسبوس تظاهروا الخميس في ميتيليني، كبرى مدن الجزيرة، للتنديد بإنشاء مخيم جديد للمهاجرين، وشهدت التظاهرات مواجهات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين.

ويمكن تلخيص الوضع باليونان بالقول: “يقيم أكثر من 38 ألف طالب لجوء في ظروف مزرية في مخيمات بـ ليسبوس وساموس وخيوس وليروس وكوس، علماً ان الطاقة الاستيعابية لهذه المخيمات هي 6200 شخص فقط”.

أما الأسئلة الأهم فهي: “من خرج من تركيا، سواء كان وحيداً أو مع عائلة وأطفال، ولم ينجح بتجاوز اليونان وبلغاريا والوصول إلى ما هو أبعد منها، من خرج من تركيا وصدته اليونان وبلغاريا، هل سيستطيع الدخول إلى تركيا مجدداً؟”، “هل سترضخ أوروبا وتفتح حدودها أمام العدد الهائل من اللاجئين كما حصل قبل سنوات أم ستغلقها وتعيدهم من حيث أتوا؟”

لا يمكن لأحد تقديم إجابة شافية عن هذه الأسئلة حالياً، لذلك هي دعوة للتفكير جيداً بكافة التفاصيل قبل اتخاذ قرار بالبقاء أو المغادرة.

 [ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

تعليق واحد

  1. للاسف سوريا تدمرت و السوريين اصبحوا ضحيه ولعبه بيد المحتالين لكي يتاجروا بدم و حياة السوريين و لكن للاسف و غباء بعض السوريين الذين سمحوا بذلك