شرطي هندي يتجاوز القانون لإنقاذ عائلات من الموت حرقاً
حظي شرطي هندي بإشادة كبيرة لدوره البطولي في إنقاذ عائلات خلال أيام من أعمال الشغب والعنف الديني في العاصمة الهندية دلهي.
واندلعت أعمال شغب في المدينة، الأحد، وأدت لمقتل 39 شخصا وإصابة أكثر من 200.
وقال نيراج جاداون، مراقب الشرطة في ولاية أوتار براديش المجاورة، لمراسل “هيئة الإذاعة البريطانية”، في الهند إنه كان يقوم بدورية عند نقطة تفتيش حدودية في 25 فبراير/ شباط عندما سمع أصوات إطلاق نار في حي كاروال ناجار في دلهي، على مسافة 200 متر منه.
ورأى حشدا مكونا من 40 إلى 50 شخصا يشعلون النيران في سيارات وقفز أحدهم إلى داخل منزل حاملا قنبلة مولوتوف. في تلك اللحظة قرر الشرطي جاداون الخروج عن بروتوكول الشرطة التقليدي وتحدى القانون وعبر حدود ولايته إلى داخل دلهي لإنقاذ من في المنزل.
وبحسب القانون الهندي لا يُسمح لرجال الشرطة بعبور حدود الولاية التي يعملون بها إلى ولاية أخرى، ويتطلب الأمر الحصول على تصريح رسمي من شرطة دلهي حتى يتمكن الشرطي من دخول أراضيها وهو ما لم يحدث.
وقال الشرطي جاداون: “اخترت العبور. كنت مستعدا للذهاب وحدي على الرغم من إدراكي للخطورة وحقيقة أنه كان خارج نطاق سلطتي القضائية. كانت تلك أكثر 15 ثانية مرعبة في حياتي. لحسن الحظ، تبعني الفريق كما أن رؤسائي دعموني أيضا عندما أبلغتهم لاحقا”.
وأضاف: “كان الأمر خطيرا لأن عدد المهاجمين كان يفوق عددنا وكان مثيرو الشغب مسلحين. حاولنا أولا التفاوض معهم وعندما فشل ذلك، أخبرناهم أن الشرطة ستفتح النار، فتراجعوا، لكن بعد ثوان ألقوا الحجارة علينا وسمعت أيضا طلقات نارية”.
ومع ذلك قام جاداون وفريقه بواجبهم واستمروا في الضغط إلى أن فر مثيرو الشغب في النهاية.
وصف ريتشي كومار، مراسل صحيفة آمار أوجابا الهندية اليومية، قرار جاداون بأنه “العمل الأشجع” الذي شهده على الإطلاق.
وقال كومار: “كان الوضع خطيرا للغاية. كان مثيرو الشغب مسلحين تماماً وغير مستعدين لسماع أي شخص. يمكنني وصفهم بأنهم كانوا متعطشين للدماء. لقد كانوا يرشقون الشرطة بالحجارة ولكن جاداون لم يتراجع. كان هناك خطر حقيقي لتعرض رجال الشرطة لإطلاق النار من مثيري الشغب”.
اندلع العنف أولا في شمال شرق دلهي بين المتظاهرين المؤيدين لقانون الجنسية المثير للجدل ومن هم ضده. ثم تطورت أعمال العنف لتصبح جماعية، ووصف الشرطي جاداون مثيري الشغب الذين رآهم بأنهم استعدوا لإضرام النيران بالممتلكات.
وقال “كان يوجد في المنطقة العديد من المتاجر التي لديها مخزون كبير من الخيزران. كان من الممكن أن ينشب حريق في المنطقة بأكملها وكان عدد القتلى في دلهي سيصبح أعلى بكثير”، ومع هذا لا يشعر جادوان بارتياح للإشادة به واعتباره بطلاً.
قال: “أنا لست بطلاً. لقد أقسمت أن أقوم بحماية أي هندي في خطر. كنت أقوم بواجبي لأنني لم أرغب في ترك الناس يموتون وأنا أراقبهم. كنا في وضع يسمح لنا بالتدخل وفعلنا ذلك”.
كما بدأت تظهر أعمال بطولية صغيرة مماثلة، حين شارك هندوس ومسلمون جنبا إلى جنب في التصدي للعنف، ووصف سوبهاش شارما، من منطقة أشوك ناجار التي شهدت أعمال تخريب واسعة، كيف أنه ركض للمساعدة بعد أن أشعل حشد من الهندوس النار في مسجد.
وقال شارما: “كان هناك حشد من آلاف الهندوس ولم يكن هناك سوى حفنة من المسلمين في المسجد. بمجرد أن اشتعلت فيه النيران، فتحت مضخة المياه في منزلي وركضت إلى هناك بخرطوم”.
وأضاف شخص مسلم من نفس الحي يدعى مرتضى، أنه أراد الفرار من المنطقة، لكن جيرانه الهندوس طلبوا منه عدم المغادرة، وقال “لقد أكدوا لنا أنهم لن يدعوا أحد يلحق الأذى بنا”.
كما تحدث فيصل محمد من بي بي سي مع اثنين من الجيران أحدهما هندوسي والآخر مسلم من منطقة حديقة فيجاي في ماجبور، وهي واحدة من أكثر المناطق تضررا من العنف.
ووصف الاثنان كيف أنهم حشدوا جيرانهم لمطاردة عصابة كانت تحرق السيارات وتحطم النوافذ في المنطقة المجاورة، وقال جمال الدين الصيفي “في اليوم التالي أغلقنا الطريق الرئيسية وتجمع الناس من الحي وجلسوا في الخارج”.
كما أنشأ السكان هناك “لجنة سلام”، مؤلفة من كل من الهندوس والمسلمين، الذين انتقلوا من منزل إلى منزل لإخبار الناس بعدم تصديق الشائعات وإبقاء الأطفال في الداخل.
وفي وقت تكافح فيه العاصمة الهندية تدارك الموقف واستجماع قواها، فإن هذه القصص هي التي تمنح السكان بعض الأمل في عودة الحياة في النهاية إلى طبيعتها.[ads3]