سايكولوجيا ورق التواليت .. لماذا يتهافت الناس على الشراء ؟!

أصبح مشهد خلو المتاجر من “ورق التواليت” مألوفاً حول العالم، نتيجة الذعر الذي تسببت به ازمة فيروس كورونا، ما سر هذه اللفافة التي أحدثت فوضى عبر مختلف الثقافات، وتطور الأمر أحياناً ليصل إلى صدامات عنيفة.

يقول الخبراء إن الأمر بسيط، ويمكن تفسيره عبر “نظرية الألعاب” فإذا اشترى الجميع حاجتهم فقط لن يشعر أحد بحدوث نقص، أما إن قام البعض بالشراء بكثافة مدفوعين بالذعر، فإن التالي سيكون حذو الجميع حذوهم على سبيل الاحتياط.

في حالة “ورق التواليت” لا يعتبر هذا التفسير كافياً، فهذا المنتج ليس مرتبطاً بالوقاية من العدوى، كما لم يتم تسجيل شراء مكثف على حاجيات أكثر أهمية كالمعلبات، وبالتالي فإن من الواضح وجود تفسير آخر.

يقول ستيفن تايلور، البروفيسور في جامعة بريتيش كولومبيا ومؤلف كتاب سايكولوجيا الأوبئة، لوكالة الصحافة الفرنسية، بحسب ما ترجم عكس السير، إن هذه الأزمة نتجت عن الصور الصادمة التي يتم تناقلها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي حولها (صور الورق) كونها شديدة الوضوح لرمز للأمان في أذهان الناس”.

يضيف تايلور: “يشعر الناس بأن عليهم القيام بشيء ما للحفاظ على سلامتهم وسلامة عائلاتهم، إذ أنه لا يوجد الكثير لفعله إلى جانب غسل الأيدي والانعزال في المنزل”.

البروفيسور طرح نظرية أخرى متعلقة بكرهنا القديم للأشياء المقرفة والمثيرة للاشمئزاز، وازدياد هذا الكره عندما نشعر بوجود تهديد (عدوى)، وقال: “أعتقد أن هذا هو أحد الأسباب التي جعلت الناس يهرعون لشراء ورق التواليت”.

يعتقد اقتصاديون أن أزمة ورق التواليت سببها محاولة الناس القضاء على أحد أسهل الأخطار التي تواجههم وأكثر سطحية، بدلاً من القيام بأمر أكثر تكلفة وقد يقلل المخاطر بشكل أكبر، وهذا ما يعرف بالانحياز لانعدام المخاطر (اختيار الخيار الذي لا مخاطرة فيه).

يقول الاقتصادي فراسات بخاري (جامعة إيست أنغليا البريطانية): “تخميني هو أننا نريد أن نشعر بأننا مسيطرون على زمام الأمور ولدينا ميزانيات محدودة، لذلك نشتري منتجات رخيصة قابلة للتخزين ونعلم أننا سنستخدمها بكل الأحوال”.. وفي المقابل فإن المنتجات الضرورية الأكثر تكلفة والتي يمكن تخزينها (أطعمة مجمدة – معلبات) قد ينتهي الأمر برميها بعد دفع مبلغ كبير ثمناً لها، إن لم يكن الشخص يحبها أو لم تتطور الأمور للأسوأ.

في هذا السياق، يضيف البروفيسور تايلور، أن العديد من السلوكيات التي نشاهدها الآن سبق وأن حدثت خلال أزمات أوبئة أخرى في أوقات سابقة، بما في ذلك وباء الإنفلونزا الإسبانية في العام 1918 (700 ألف ضحية في أمريكا) الذي أدى لتوجه المواطنين المذعورين للمتاجر والصيدليات بهدف الشراء والتخزين.

وتداول البعض في ذلك الوقت نظريات المؤامرة وتحدثوا عن كون الفيروس سلاحاً بيولوجياً ألمانياً، كما يحصل اليوم عندما يتم وصف الفيروس بأنه سلاح أمريكي أو صيني.

ويعتبر انتشار وسائل التواصل الاجتماعي على نحو واسع، الفرق الرئيسي بين الوباء الحالي والأوبئة التي سبقته، ففي 2009 مثلاً (إنفلونزا الخنازير) كان الناس حديثوا العهد بها.

يرى البروفيسور تايلور أن هناك إيجابيات لوسائل التواصل الاجتماعي وسلبيات أيضاً، حيث أدت إلى تضخيم شعور الناس بالتهديد بسبب الصور والمقاطع المصورة التي تم تداولها على نحو واسع، وفي نفس الوقت يمكن لها أن تقدم دعماً اجتماعياً كبيراً.

وعن مدى إمكانية تسبب تفشي الوباء بانهيار المجتمع والتماسك المجتمعي، يجيب تايلور بالنفي، ويقول: “لم تكن أعمال الشغب والسلوكيات السيئة شائعة خلال فترات الأوبئة السابقة، لقد حدثت بالفعل لكن بشكل عام كان هناك التزام بالنظام والناس مجتمعون ومتضامنون، ويساعدون بعضهم ويفعلون ما بوسعهم كمجتمع للتعامل مع الأزمة.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها