رغم عدد الإصابات الكبير .. لماذا نسبة الوفيات بسبب فيروس كورونا ضئيلة في ألمانيا ؟
تدخل أوروبا مرحلة الانتشار السريع لفيروس كورونا. وتحتلّ إيطاليا وإسبانيا المرتبتين الأولى والثانية من حيث نسبة الوفيات. بينما تأتي فرنسا في المرتبة الثالثة. لكنّ ألمانيا تثير التساؤل حول نسبة الوفيات الضئيلة فيها مع العلم أنّ عدد الإصابات الإجمالي يرتفع يوماً بعد يوم.
ما هي أسباب النسبة الضئيلة في عدد الوفيات التي تشهدها ألمانيا؟ هذا السؤال يطُرح باستمرار على معهد روبرت كوخ (Robert Koch) الألماني المتخصّص في دراسة الأمراض ومكافحتها. الأسباب بالنسبة لعلماء هذا المعهد غامضة ولا يملكون إجابة أكيدة عنها. لكنّهم يرّجحون أربعة احتمالات.
– اعتماد الفحص المختبري لكلّ السكان
بدأت ألمانيا بإجراء الفحص المختبري للكشف عن فيروس كورونا في مرحلة مبكّرة جداً من انتشار الوباء (بعكس فرنسا مثلاً التي لم تُجرٍ الفحص المختبري إلاّ على المصابين الذين أبدوا عوارض متقدّمة من المرض). وأشار الدكتور لوتار ويلر (Lothar Wieler) مدير معهد روبرت كوخ أنّ تعليماتٍ أُعطيت للأطباء الألمان بإجراء الفحص على كلّ شخص يُظهر عوارض مرضية قريبة من عوارض الفيروس. تملك ألمانيا شبكة مهمّة من المختبرات الطبية وهي قادرة على تلبية الطلبات الكثيفة لإجراء الفحص. إضافة إلى ذلك، تعتمد ألمانيا على “كورونا داريف” (Corona drive) وهو عبارة عن مختبر طيّار يأخذ عيّنات من الأشخاص وهم جالسون في سيارتهم ويحلّلها في أقرب مختبر. هذه الإجراءات السريعة والفعّالة سمحت للسلطات الألمانية بتحديد الأماكن التي نسبة الإصابات فيها مرتفعة واحتوائها قدر المستطاع للتخفيف من سرعة انتشار الوباء.
– عدد الوفيات في البلدان الأوروبية الأخرى لا يتناسب مع نسبة الإصابات الفعلية
يقول الدكتور لوتار ويلر إنّ “ألمانيا تفحص عدداً أكبر من السكان بمن فيهم هؤلاء الذين لا يبدون عوارض متقدّمة من المرض. هذا الإجراء يسمح بتقدير أدق لعدد المصابين وبالتالي لعدد الوفيات الناتج عن الفيروس”. بينما فرنسا مثلاً فتركّز على الحالات المتوسطة الخطورة والحالات المستعصية بما فيها حالات الوفاة، ولا تشمل في إحصاءاتها العدد الفعلي لكلّ الإصابات الموجودة في المناطق الفرنسية والتي هي أكثر بكثير من العدد المعلن عنه. لهذ السبب يبدو عدد الوفيّات مهّم ومرتفع جداً في فرنسا مقارنة مع الإحصاءات الرسمية.
– المستشفيات الألمانية مجهّزة لاستيعاب أعداد كبيرة من المصابين
ألمانيا هي من البلدان الأوروبية الأكثر تجهيزاً بعدد الأسّرة الموجودة في مستشفياتها بخاصّة في أقسام العناية الفائقة. فحسب معلومات صادرة عن “أوروستات”، المديرية العامة المكلّفة بالمعلومات الإحصائية في الاتحاد الأوروبي، المستشفيات الألمانية مجّهزة ب601 سرير في قسم العناية الفائقة لكلّ مئة ألف نسمة مقابل 309 سرير في فرنسا و262 سرير في إيطاليا.
– انتشار الوباء في ألمانيا ما زال في مراحله الأولى
تفشّي الفيروس في ألمانيا متأخر أسبوعين عن إيطاليا وأسبوع عن فرنسا وبالتالي فإنّ من المحتمل أن تشهد ألمانيا تزايداً في نسبة الوفيات في الأيام المقبلة مع العلم أنّها فرضت إجراءات مشدّدة قبل غيرها من البلدان الأوروبية. لكن بالرغم من تجهيزاتها الطبية وإجراءاتها المشدّدة، لا شيء يضمن، مستقبلاً، أن تحافظ على نسبة منخفضة في عدد الوفيات خصوصاً وأنّ نسبة المسنين فيها تُعتبر من أعلى النسب في أوروبا. (Monte Carlo Doualiya)[ads3]