تطبيع العلاقة التركية ـ الكردية لمواجهة كورونا في الشمال السوري

مع مرور الذكرى التاسعة لبدء الثورة السورية، فإن أي جردة حساب لما أنجزته الثورة السورية تشير إلى أن الأمر الثابت هو أن سوريا تحولت إلى أرض تتنافس عليها الدول القريبة والبعيدة وباتت حقل تجارب لمشاريع وأفكار متناقضة تمول من الخارج وتعتاش على دماء السوريين. صمت وضعف ولا مبالة عالمية ودولية تجاه مأساة إنسانية لم يحدث مثلها من قبل التاريخ الحديث.

النظام مستعد لقتل كل السوريين، حتى مؤيديه، مقابل البقاء في سلطة وهمية. يستمد وجوده من الدول التي يعطيها الغطاء القانوني لبناء قواعد عسكرية واقتصادية واجتماعية في سوريا مقابل تدمير البلاد بكل ما فيها من مجتمع واقتصاد وبنى تحتية، ومعارضة سياسية تمثل من يتبناها وتخشى أن تتخذ موقفا صريحا مما يجري حتى لا تفقد رعاية الداعم وبالتالي تفقد ما تعتقده أنه الشرعية التي لا ترى أن مصدرها من الشعب الذي يدفع الثمن يوميا داخل وخارج سوريا دون سبب مرتبط بقضيته.

لا يمكن للشعب السوري، المعارضون ومن يعيشون في مناطق سيطرة النظام، أن يغيروا هذا الواقع. فما يجري في سوريأ تجاوز منذ زمن الثورة السورية ومعركة نظام ضد شعبه؛ ما يجري الآن هو حرب بين دول تدعي كل منها أنها تدافع عن السوريين. ولن يتغير هذا الأمر الا عند وجود قيادة سياسة سورية مستقلة سياسيا ولها امتداد إقليمي لها، وتحظى بدعم شعبي؛ لكن لا يوجد مؤشر أن هذا سيحصل قريبا.

حتى حصول ذلك، نبقى نحن السوريين نتأمل أن تتعامل الدول الأكثر قربا من الثورة السورية بطريقة تخدم مصالحها ومصالح السوريين بنفس الوقت، وهنا أعني تركيا والولايات المتحدة الأميركية.

استطاعت تركيا أن تدمر جزء كبير من القوات العسكرية للنظام الأسد في أيام قليلة ورفضت طريقة تعاطي روسيا مع الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين في سوتشي. كان الدافع الرئيسي للتحرك التركي هو منع دخول المزيد من السوريين إلى ادلب هربا من قصف النظام وروسيا. أظهرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لأسباب لا علاقة لها بالأزمة السورية مباشرة، دعما وودا لتركيا في عمليتها العسكرية وهو ما كان مفقودا لفترات طويلة.

وقعت تركيا وروسيا اتفاقا جديدا لمنطقة إدلب أخذت فيه روسيا ما تريده من أراض مقابل وقف إطلاق يعتقد كثيرون أنه مؤقت ولكنه يوقف حركة النزوح السوري إلى تركيا ولا يحقق أي فائدة حقيقية للسوريين سوى أنه يؤجل قتلهم لعدة أشهر.

مع انتشار وباء كورونا وتهديده لأكثر من 7 ملايين سوري في كل الشمال السوري، حيث لا يوجد فيه مشافي ولا تجهيزات طبية ولا الحد الأدنى من القدرة على التعامل مع هذا الوباء، فإن توسع انتشار الوباء في الشمال السوري، سيعني أن ما جرى ويجري في الصين أو أوروبا هو “بروفة” بسيطة لما سيحصل في الشمال السوري، لجهة عدد القتلى وسرعة الانتشار.

وما يزيد من سوء الأمور هناك من يحكم هذه المنطقة من منظمات وأشخاص يتبنون أفكارا متطرفة وخارجة عن سياق التاريخ وبعيدة عما يريده المجتمع السوري. وهذه المنظمات بتوجهاتها الفكرية المتناقضة تمثل نسخة مصغرة عن طريقة تفكير النظام السوري الذي لا يبالي إلا ببقائه على حساب من يدعي أنه يمثلهم.

على تركيا والدول الأوروبية، التي تخاف من موجة جديدة من اللاجئين، أن تساعد السوريين لحمايتهم من هذا المرض والعمل الجدي والسريع على إعادتهم إلى أراضيهم. هذا يعني أن تفكر تركيا بطريقة مختلفة لتنفيذ الاتفاق الأخير مع روسيا بحيث يحقق أهداف تركيا بمنع النزوح السوري إلى أراضيها وتطوير علاقاتها مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبنفس الوقت حماية أرواح السوريين من هذا الوباء ومساعدتهم على إيجاد ظرف سياسي لاحقا لمواجهة النظام وهذا يتضمن ما يلي:

ـ اعتبار تركيا، بدعم سياسي من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، أن منطقة وقف إطلاق النار التي تم التوصل إليها بين تركيا وروسيا هي منطقة حظر لطيران النظام وروسيا مما يعني أن المنطقة ستكون آمنة وهذا سيشجع النازحين إلى العودة إلى مناطقهم والابتعاد عن مناطق النزوح التي تشهد كثافة سكانية كبيرة حيث يتواجد على الحدود مع تركيا أكثر من مليوني شخص نزحوا خلال شهرين وهم الآن في مخيمات بدون أي نوع من الخدمات الأساسية مثل الماء.

ـ تعاون أمني عسكري تركي أميركي لمحاربة “جبهة النصرة” وباقي التنظيمات الإرهابية في منطقة إدلب الكبرى. وهذا سيساعد السوريين قبل غيرهم على استعادة الحياة بعيدا عن المتطرفين ويسحب الذريعة الروسية الدائمة لقصف المدنيين مع ضرورة وقف دعم تركيا لأي جماعة ومنظمة إسلامية.

ـ دعم دولي للمنظمات غير الحكومية مثل الخوذ البيضاء ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الطبية السورية مثل SAMS لمساعدة النازحين بالعودة الى مناطقهم بأسرع وقت ممكن وتقدم ما يلزم من توعية صحية بخصوص الوباء.

وفي نفس الوقت، على دول التحالف الدولي لمحاربة “داعش” إقناع قوات قسد بإبعاد كل قيادات حزب العمال الكردستاني من منطقة شمال شرق سوريا، وتطبيع العلاقة بينها والجانب التركي. حيث لن يستطيع النظام السوري ولا روسيا ولا إيران تقديم أي مساعدة لمناطق شمال شرق سوريا في حال انتشر هذا الوباء. وهذا الإبعاد، يفترض أن يكون كخطوة ضرورية لإيجاد آلية للتعاون بين كل مناطق شمال سوريا بعيدا عن كل المنظمات الإرهابية ودمج مشاريع مكافحة وباء كورونا وتطوير مشاريع بنى تحتية صحية تشمل كل الشمال السوري لمكافحة الوباء ولتكون نواة حقيقة لمنظومة سياسية شعبية قابلة وقادرة على تقديم نفسها بديلا عن نظام الأسد على أسس وطنية سورية جامعة.

بسام بربندي – قناة الحرة الأمريكية[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫2 تعليقات

    1. على ابو المعارضه الارهابيه الاخوانجيه التي يدعمها المجرم كردوخان