لماذا تعتبر محطة سكة حديد ” هوندرتفاسر ” بألمانيا واحدة من أجمل المحطات في العالم ؟
يلمح ركاب القطار السريع المتجه من هامبورغ إلى كارلسروه، شيئا غير معتاد عندما يتوقف قطارهم في أويلتسن، حيث تتزين المحطة المبنية من الطوب القديم، بأعمدة مبهجة وكرات ذهبية، بالإضافة إلى تزين جدرانها بالفسيفساء الملونة.
وتأتي الأشكال المعبرة، في تناقض ممتع للحقول الخضراء بشمال ألمانيا، ولكن بعد بضع دقائق يستمر القطار في رحلته إلى الجنوب، وإنه أمر مؤسف، لأن هناك الكثير مما يمكن رؤيته داخل مبنى المحطة الذي كان قد أعيد تصميمه في عام 2000، وفقاً لأفكار الفنان النمساوي الراحل والمهندس المعماري، فريدنسريش هوندرتفاسر.
وكان هوندرتفاسر، المشهور بتصميماته المبهجة والمطعمة بالذهب، ولد في فيينا عام 1928، وتميز الفنان الراحل بالأشكال التي تشبه النباتات، والأعمدة الملونة، والقباب ذات الشكل البصلي والواجهات غير المنتظمة، بالإضافة إلى دفاعه عن نمط طبيعي وإنساني من الهندسة المعمارية.
وحظى هوندرتفاسر بشعبية خلال السبعينيات والثمانينات من القرن الماضي، بصفته مؤيدا قويا لحركة السلام والبيئة، كما كان رائداً في الهندسة المعمارية البيئية، بسبب أعماله في حدائق الأسطح والمراحيض البيئية وسبل البناء الطبيعية.
ويوجد في المحطة الصغيرة قاعة لإقامة المؤتمرات أو المعارض، وتمتد البلاطات ذات الألوان الزاهية والمبهجة إلى المراحيض أيضا.
ومن جهته، يقول رايموند نوفاك، الذي لم يتأثر حماسه الشديد للمحطة حتى بعد مرور عقدين على إعادة تصميمها: “تعد محطة سكة حديد هوندرتفاسر بالنسبة لي، واحدة من أجمل المحطات في العالم”.
وكان قد تم افتتاح المحطة لأول مرة في عام 1887، ولكن بعد مرور مئة عام، تدهور حالها.
وبسبب اقتراب موعد إقامة معرض تجاري كبير في ذلك الوقت في هانوفر، وهو “إكسبو 2000″، شارك نوفاك في تأسيس جمعية لتحويل المحطة إلى معلم بيئي وثقافي.
وقد تمكنوا من إقناع هوندرتفاسر بأن يشارك معهم في هذا العمل، ثم أعيد بناء المحطة خلال الفترة من عام 1998 وحتى عام 2000، وفقاً للمواصفات الخاصة بالفنان النمساوي.
وقد تم افتتاحها رسمياً في 25 من تشرين الثاني عام 2000، ولم يشهد هوندرتفاسر نفسه المحطة مرةً أخرى، حيث توفي في 19 من كانون الثاني عام 2000، بينما كان على متن سفينة في المحيط الهادئ.
ومع اقتراب عيد الميلاد العشرين للمحطة، يفكر نوفاك بصورة طموحة للغاية.
ويقول: “لقد حان الوقت لتحويل المحطة إلى ما كنا نريده في الأصل، لتكون معلما ذي أهمية وطنية”.
ويقول نوفاك إن “هوندرتفاسر هو الفنان الذي يجمع بين الثقافة والبيئة بصورة مثالية.. وقد أصبح هذا موضوعاً أكثر من أي وقت مضى بعد مرور عشرين عاماً”.
وتعكس المحطة اهتمام هوندرتفاسر بالبيئة بسبب ما بها من أسطح خضراء ومنشأة شمسية وظيفتها تسهيل النقل العام.
من ناحية أخرى، يقول العمدة يورغن ماركفارت: “إننا فخورون بوجود هذا المبنى الخاص بهوندرتفاسر في أويلتسن”، مضيفاً أن “المحطة هي نقطة بيعنا الفريدة، وهي تجعل مدينتنا معروفة خارج حدود الولاية”.
ويأمل ماركفارت في أن يستمر “العالم الخاص بالقصص الخيالية”، والذي ابتكره الفنان الراحل، في إثارة إعجاب المسافرين والزوار.
ويأتي كثير من الناس إلى أويلتسن من أجل رؤية المحطة فقط. كما يوجد متجر صغير في المحطة يقوم ببيع الهدايا التذكارية الخاصة بهوندرتفاسر، ويقدم جولات يومية بمصاحبة مرشدين، كما يوجد نموذج كبير للمبنى.
ويعرب زوار المحطة عن حماسهم تجاهها في الدفتر الخاص بالضيوف، وقد كتب أحد الأشخاص “100 × فرحة بمحطة أويلتسن”.
وتقوم شركة السكك الحديدية الألمانية “دويتشه بان” بتشغيل المبنى، وليس الجمعية الخاصة بنوفاك، حيث يقول: “يتم صيانة المحطة بشكل جيد”، مضيفاً: “إذا تعرضت قطعة بلاط لاي ضرر، فإنها يتم استبدالها”.
ومن جانبها، تعرف “دويتشه بان” قيمة الجوهرة التي تحظى بها، وقالت متحدثة باسم الشركة إن “محطة الوصل، أويلتسن، مهمة جداً بالنسبة للمنطقة، وهي فريدة من نوعها”، وتشير إلى أن المحطة تساهم أيضاً في حماية المناخ، وهي قضية مهمة جداً بعد مرور 20 عاماً على وفاة الفنان المعماري.
ويوجد مطعم مريح تتسم أجوائه بالدفء بجانب المحطة، حيث يمكن لزبائنه رؤية الجدار الخارجي للمبنى الأصلي، وفي حال لم تعد الأجيال القادمة تستمتع بتصميم هوندرتفاسر، فإنه من الممكن إعادة كل شيء إلى حالته الأصلية، وهو شرط موجود في التخطيط الأصلي للمشروع. (DPA)[ads3]