” أصبحت وطني ” .. طباخون سوريون يؤسسون حياة جديدة مليئة بالشاورما في أثيوبيا
عندما زار السوري معتز البهار أثيوبيا، لحضور مؤتمر عن منتجات الألبان، في 2015، لم يكن يتوقع أنه سيطلق على أثيوبيا لقب وطنه، خلال سنة.
وقالت صحيفة “ذا ناشونال“، بحسب ما ترجم عكس السير، إن السوري البالغ من العمر 37 عاماً، أمل متأثراً بإمكانات السوق لمنتجات بلده سوريا، ومع الأدوات لصنع الشاورما، أن يجد شريكاً محلياً لتوسيع عمله، وربما لفتح مطعم، ولم يدم الأمل طويلاً إلى أن أصبحت زيارة العمل زيارة دائمة.
وقال معتز: “خسرت عائلتي الكبيرة في الصراع السوري، وجميع ممتلكاتنا تحولت إلى رماد، أصبحت أثيوبيا وطني بعد أن تغيرت كل ظروفي بلمح البصر، أنا مرحب بي هنا في أديس أبابا، واستطعت أن أكسب لقمة عيشي ببيع الأطعمة الشهية لبلدي الأم”، ويعمل الآن كشيف في مطعم محلي، ويكسب 950 دولار شهرياً، حيث المعدل المتوسط للأجور هناك 985 دولاراً.
تستضيف إثيوبيا حالياً واحدة من أكبر مجموعات اللاجئين في العالم، أكثر من مليون لاجئ معظمهم من أريتيريا وجنوب السودان والصومال واليمن، والآن ينضم السوريون إليهم، منجذبين لقوانين اللجوء المناسبة.
أما السوري (محمد.أ 42 عاماً)، فقد لاقى نجاحاً جيداً منذ انتقاله إلى أثيوبيا في 2013، ويملك الأب لطفل واحد، مطعم شاورما في منطقة Bole التجارية، في العاصمة أديس أبابا.
الدمشقي متزوج الآن من إمرأة أثيوبية، ويتقن اللغة الأمهرية بطلاقة، وقال إنه ليس مهتماً بالعودة إلى سوريا.
وقال محمد: “ربما سأكون أجنبياً إذا عدت، لقد مات، ورحل، أو اختفى كل ما لدي، وسيسبب ذلك ذكريات سيئة لعائلات وأصدقاء لم يعودوا موجودين هناك”.
وكان عمل محمد جيداً إلى أن بدأ الحظر بسبب كورونا، وقال: “كنت أملك نشاطاً تجارياً مزدهراً، حيث كنت أبيع حوالي 150 طبقاً في اليوم، أما الآن أبيع حوالي دزينة”، بحسب ماقال، وهو ينظر إلى الكراسي الفارغة التي كانت تملؤها في العادة الشباب، وأضاف: “لدي أمل أن الفيروس سيتم احتواؤه وتعود الحياة إلى طبيعتها”.
وقد اتبع الكثير من السوريين خطى محمد ومعتز، وأحصت أثيوبيا إجمالي عدد السكان السوريين في البلاد على أنه 315 شخصاً في عام 2019.
ولكن يشتبه في أن الرقم أعلى بكثير حيث مئات الأشخاص الذين فروا بسبب هجوم نظام الأسد الأخير في إدلب يصلون بتأشيرات سياحية، والآن بعد أن استنفدوا إقامتهم القانونية، يمكن رؤيتهم وهم يتسولون في مناطق مزدحمة في جميع أنحاء إثيوبيا، والعديد منهم بصحبة أطفال صغار.
وقال معتز: “أعرف مهاجرين يعتبرون التسول هو الخيار الوحيد لكسب المال السهل، بعدما وجدوا موطئ قدم في إثيوبيا”، وقال إنه بسبب قلة “أحبال الأمان”، والضغط من أجل تأمين لقمة العيش للعائلة، فلدى البعض القليل من الخيارات.
وقامت السلطات في كانون الثاني 2019 بمنع التسول، وقال نائب رئيس مكتب الهجرة في إثيوبيا، لوكالة أسوشيتد برس في ذلك الوقت، إن الوجود السوري في الشوارع أصبح “عبئاً”.
وقالت المتحدثة باسم مفوضية شؤون اللاجئين في إثيوبيا، إن المفوضية تواصلت مع اللاجئين السوريين غير المسجلين العام الماضي، وقدمت معلومات عن إجراءات اللجوء، وأضاف أن “قلة منهم فقط قد جاؤوا وطلبوا اللجوء لدى الحكومة الإثيوبية”، وأضافت أنه يتم تقديم العون للذين يتم تسجيلهم، وتهدف المساعدة المالية لتغطية احتياجاتهم اليومية، بما في ذلك السكن، بالإضافة إلى ذلك يتم دعمهم باحتياجاتهم التعليمية والصحية.
وقال عاملون بالمطار لصحيفة ذا ناشيونال، إن هناك أيضاً عشرات السوريين العالقون في مطار Bole الدولي، وليس بحوزتهم المستندات المطلوبة للدخول، وقد منعوا من دخول البلاد، ومعظمهم يأتون من سوريا عبر السودان وتركيا ومصر.
وتسمح إثيوبيا للاجئين بالعمل، ولأطفالهم بالالتحاق بمدارسها العامة، لكن العديد من هذه السياسات لم تتوقع استيعاب تدفق اللاجئين من الشرق الأوسط، بل التدفق المعتاد من جنوب السودان وإريتريا والصومال.
في العام الماضي، أصدرت إثيوبيا قانوناً يمنح اللاجئين الحق في العمل والحصول على الجنسية، وهو قرار رحبت به المفوضية والاتحاد الأوروبي، وقامت الأخيرة بتمويل بناء مجمعات صناعية في محاولة لتوفير فرص العمل في إثيوبيا، وبالتالي الحد من تدفق المهاجرين إلى أوروبا.
وقد قامت إدارة شؤون اللاجئين باتخاذ تدابير جديدة من أجل القادمين من الشرق الأوسط بسبب التوتر الحاصل في المنطقة.[ads3]