صحيفة تسلط الضوء على لاجئ سوري في إيطاليا تطوع لصنع كمامات لأهالي المدينة التي يعيش فيها

سلطت صحيفة “الاندبندنت” البريطانية، الضوء على خياط سوري يقوم بصنع الكمامات للإيطاليين.

وقالت الصحيفة، بحسب ما ترجم عكس السير، إن اللاجئ السوري، محمد الحسن يعيش مع عائلته منذ 6 أشهر في جزيرة صقلية الإيطالية، حيث أصبح ارتداء الكمامات إجبارياً، لكن الطلب الكبير على الكمامات منذ بدء الوباء جعل الحصول على الكمامات وأدوات الحماية صعباً أو حتى عدم توفرها.

وبسبب قلقه على صحة الناس في بلده الجديد قام حسن في الشهر الماضي بإيجاد ماكينة خياطة قديمة وبدأ بصنع كمامات من أجل توزيعها في البلدة التي يسكن بها.

ونقلت الصحيفة عن حسن قوله: “هذه طريقتي الوحيدة من أجل شكر الناس الذين رحبوا بي في صقلية وإيطاليا ككل، تعلمت أننا علينا دعم بعضنا البعض في الأوقات العصيبة”.

ووصل حسن (34 عاماً)، إلى صقلية في أيلول 2019، وكان مع زوجته وأطفاله الثلاثة من بين 1895 طالب لجوء تم اختيارهم في لبنان منذ عام 2016 عبر برنامج الممرات الإنسانية، وهو مشروع لإعادة التوطين بقيادة “الأمل المتوسطي”، وهو مشروع من قبل الكنيسة البروتستانتية الإيطالية، تقدم هذه الممرات طريقا آمناً وبديلاً لرحلات القوارب الخطيرة عبر وسط البحر الأبيض المتوسط.

وتم منح عائلة حسن وضع لاجئ معترف به في ديسمبر 2019، وهو الآن يمضي فترة الإغلاق في شقة مستقلة داخل مبنى Casa delle Culture المكون من ثلاثة طوابق، حيث يستضيف ويدعم المركز حالياً 28 لاجئا إضافيًا وصلوا إلى صقلية عبر تلك الممرات الإنسانية.

حتى قبل تفشي الوباء في إيطاليا، لم يكن حسن غريباً عن الأزمات التي تسبب الخلل في روتينه اليومي، حيث كان حسن يعيش حياة طبيعية هادئة في الضواحي الشمالية لحلب، قبل أن يغير الصراع في سوريا الحياة التي كان يعرفها.

وقال حسن بحسب ما نقلت عنه الصحيفة، إنه في إحدى الليالي عام 2013، “لم أرجع إلى المنزل بعد انتهائي من العمل”. “لقد خطفتني جماعة متمردة، كان على والدي دفع فدية، بعد إطلاق سراحي، قررت إرسال عائلتي بأكملها إلى لبنان، معتقداً أن الوضع سيكون أكثر أماناً لهم هناك. لكنني قررت البقاء”.

لمدة ثلاث سنوات، استخدم حسن يديه لنبش الأنقاض، بحثاً عن ناجين مدفونين وسط بقايا المباني المنهارة في القصف الذي أبقاه مستيقظاً في الليل.

لكن عندما اشتدت الضربات الجوية في حلب عام 2016، انضم أخيراً إلى أبنائه وزوجته في بيروت، حيث عمل كلاهما دون الحد الأدنى للأجور في مدرسة إلى أن تم إعادة توطينهم في إيطاليا.

واليوم في صقلية، تقوم نفس الأيدي التي حفرت لإخراج القتلى الآن بقطع الأقمشة وخياطتها وإعادة استخدامها، فيما يقول حسن “لقد نسيت أن يدي قادرة أيضاً على الإبداع”، بينما تعود ذاكرته إلى الماضي.

وأضاف أنه كان قبل عام 2011 يعمل خياطاً في ورشة عمل في حلب القديمة، و أجبره الصراع على التخلي عن إبداعه للعمل كسائق سيارة.

بدوره قال بييرو تاسكا، مسؤول الدعم في Casa delle Culture، إنه لم يكن أحد في صقلية يعرف ماضي حسن حتى رأوه يصنع الكمامات

“في الأشهر الستة التي قضاها معنا، لم يكن محمد منفتحاً كثيراً علينا، يمكننا أن نقول أن سنوات الصدمة مابعد الحرب أثرت عليه، ولكن عندما أخذ آلة الخياطة تلك التي نسيها لفترة طويلة، بدا وكأنه شخص جديد تماماً، كان سعيداً بشكل واضح، إن مساعدة الآخرين تساعده على مواجهة جروحه الداخلية”. بحسب تاسكا.

وينتج حسن في كل يوم حوالي 30 كمامة من القماش، والتي من السهل غسلها يدوياً وإعادة استخدامها لتجنب النفايات البلاستيكية. يقول: “ليس لدي أي شيء آخر لأقدمه باستثناء عمل يديّ”.

تقول إيفانا دي ستاسي، معلمة اللغة الإيطالية، التي ساعدت أطفال حسن على الاندماج في نظام التعليم المحلي، إنها حصلت على أول كمامة انتجها.

وأضافت “كان حماسياً رؤية مثل هذا الرجل ذو الكلام الهادئ يبذل الكثير من الجهد لمساعدة المجتمع الذي تعلم أن يكون جزء منه. لقد قام بخياطة كمامات من جميع الأحجام، بما في ذلك كمامات صغيرة للأطفال. “لدينا موقف كامل للتعلم من شخص عايش الإغلاق في ظروف أسوأ بكثير في سوريا.”

وبحسب الصحيفة فإن المرحلة التالية من برنامج حسن لإعادة التوطين ستكون هي العثور على وظيفة مناسبة لمهاراته، فيما تعتقد دي ستاسي، أنه على الرغم من الصعوبات الاقتصادية المحتملة في فترة ما بعد الأزمة في صقلية، فإن شغفه الذي أيقظته حالة الطوارئ سيوجهه نحو فرصة العمل المناسبة.

وختم بالقول “إن خياطة هذه الكمامات هواية تعيدني إلى الأيام الخالية من الهموم عندما كانت القنابل أو داعش بعيدة تمامًا عن حياتنا اليومية”.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها