حرب موسكو في سوريا .. أجندة بوتين تختلف عن رغبات الأسد
لاتزال الحملة العسكرية والسياسية الروسية في سوريا، محور اهتمام كبير في العاصمة الأميركية واشنطن، وخصوصا لناحية مستقبلها ومسارها في دعم شخص الرئيس السوري بشّار الأسد، بحيث أن محور التحليلات الحالية تنكبّ على معرفة ما إذا كانت موسكو مستعدة، أو ربما راغبة، في التخلي عن رأس النظام.
وفي هذا الإطار، أصدر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية “سي.أس.آي.أس” تقريره السنوي المتعلق ببرنامج “مشروع التهديدات الدولية”، والذي جاء تحت عنوان “حرب موسكو في سوريا”.
وتضمن التقرير، الذي احتوى على 116 صفحة، تحليلا لمسار التدخل الروسي في سوريا منذ عام 2015، أكد فيه أن الرئيس فلاديمير بوتين حقق أهدافه السياسية والعسكرية “القصيرة الأمد فقط” في دمشق، وذلك من خلال “تفادي سقوط نظام الأسد” وإفشال محاولة الولايات المتحدة إطاحته.
وأورد التقرير بأن موسكو “تعلمت دروسا عدّة” من خلال تورطها في الحرب السورية، وأبرزها الإبقاء على تواجد عسكري “خفيف” على الأرض، وهو، وفقا للتقرير، تطوّر لافت في تاريخ الاستراتيجيات العسكرية الروسية.
فموسكو، التي اعتادت دوماً على الدفع بآلتها العسكرية الكبيرة، اعتمدت هذه المرّة في نزاعها بسوريا على سلاح الجوّ وتحديدا على الطائرات من دون طيار إضافة الى وحدات عسكرية-مدنية، حيث جزءٌ صغير منها تابعٌ للقوات الخاصة.
ونقل التقرير، الذي أعدته مجموعة من الخبراء وحرره الباحث في شوون الشرق الأوسط سيث جونز، أن أهداف موسكو النهائية في سوريا غير واضحة وان المسار التكتيكي الذي سلكته يظهر عدم رغبتها في دفع الأثمان.
ولتحقيق ذلك، اعتمدت موسكو في معاركها الميدانية على عنصر “المتعاقدين العسكريين المدنيين” مثل “مجموعة ڤاغنر” الروسية الخاصة، ومجموعات مسلحة تابعة لـ “نمور القوات السورية” و”حزب الله” اللبناني وميليشيات من العراق وباكستان وأفغانستان ودولٍ أخرى، وهذه كلها شكلت استراتيجية حالت دون تكبّد القوات الروسية خسائر بشرية فادحة.
وفي هذا الإطار، قال الخبير، براين كاتز، المحلل العسكري السابق في وكالة الاستخبارات المركزية “سي.آي.آيه”، إن موسكو نجحت في إنقاذ عديدها البشري، إلا أنها فشلت في تهدئة الحرب الأهلية وفي جعل مكاسب الأسد الحربية غير قابلة للتبدّل في المستقبل القريب.
وأضاف كاتز، في دردشة على موقع مركز “سي.أس.آي.أس”، أن مستقبل الحملة العسكرية الروسية وخصوصًا في ما يتعلق بمنطقة إدلب (شمال غرب سوريا) دخلت مرحلة “التوقف التكتيكي”، نظرا إلى العوائق التي تعترضها.
وعن مشكلات موسكو السياسية في سوريا، رأت الباحثة شانون كولبرتسون، التي عملت سابقا في مجلس الأمن القومي الأميركي، أن أجندة بوتين تختلف بكثير عمّا يرغب فيه الأسد، وما يُحكى عن استعادة كل شبر من الأراضي السورية هو أمرٌ بلا أهمية بالنسبة للسياسة الروسية.
وأضافت كولبرتسون أن بقاء الأسد أو عدمه غير ضروري لتحقيق موسكو أهدافها داخل سوريا وفي المنطقة، فالكرملين – والكلام لها – يملك صداقات ومصالح مع إسرائيل ومع تركيا، على الرغم من أن العلاقة مع الأخيرة غير جيّدة.
وعن مستقبل الاستراتيجية العسكرية لموسكو، اعتبر الكولونيل جايسون غريش، الذي كان مسؤولا عن خلية لخفض التوتر بين قوات التحالف الدولي والقوات الروسية داخل سوريا، أن الجيش الروسي غيّر مقارباته الميدانية وبات يعوّل على عمليات المراقبة والرصد وجمع المعلومات بدلا من التورط المباشر.
وتحدث كولونيل غريش عن مكامن ضعف القوات الروسية والمتمثلة بالتعامل مع مجموعات إرهابية مثل “حزب الله”، واصفا العلاقة بينهما بأنها موقتة وآنية وغير مستقرة.
وأضاف أن موسكو تدرك جيدا أن سمعة الجيش الروسي في الداخل وفي العالم هي على المحك من خلال التنسيق مع جماعات متهمة دوليا بالإرهاب.
وتابع غريش قائلا إن التحدي الأكبر لروسيا الآن هو حسم ما إذا سيكون هناك مستقبل لسوريا مع الأسد أو من دونه، معتبرا أن “موسكو تراجع كل الخيارات في هذا الصدد”.
جو تابت – قناة الحرة الأمريكية[ads3]