الألبكة تهاجر من أميركا اللاتينية إلى ألمانيا لطرد الخنازير

تمسح ميلاني فيغل بوجهها على الفراء الناعم لسام، وهو اسم لحيوان الألبكة الذي يشبه اللاما وينحدر من أميركا الجنوبية، بينما يواصل الحيوان بهدوء مضغ العشب في وجبة الغداء.

وسام هو واحد من حيوانات الألبكة العديدة التي تعيش في مزرعة فيغل الكائنة في بلدة هايلدبرغ بجنوب غربي ألمانيا، ويبلغ سام من العمر عامين ونصف العام وبالتالي وصل إلى سن البلوغ.

وتعد فيغل القائدة الحقيقية لهذا القطيع من حيوانات الألبكة وجميع الحيوانات تعلم ذلك، بما فيها عضوان آخران في المجموعة هما بلاكي وجارجامل.

وأصبحت فيغل أيضا، معروفة في المنطقة بأكملها بفضل نشرها حيواناتها لردع قطعان الخنازير البرية وإبعادها عن المزارع، وصارت فيغل التي تلقت تدريبا على عزف الموسيقى بالكنائس حامية الجوار الآن، وتقول إن “حيوانات الألبكة تقدم مساعدة حقيقية في هذا الخصوص، فهي تمنع الخنازير البرية من إلحاق الأضرار بالمزروعات”.

وتسبب الخنازير البرية مشكلات للناس والمحاصيل على حد سواء. واعتاد قطيع يضم 30 من هذه الخنازير على التهام الفاكهة من البساتين وإخافة السكان المحليين، بل وأدى هجومها إلى شن الشرطة عملية ضدها، والآن وبفضل الألبكة انسحبت الخنازير إلى مناطق الأحراش.

وتقول فيغل “كانت الخنازير البرية تعبر الأرض المملوكة لي، وتلد وتموت فيها وكأنها أصبحت ملكا لها”. وظلت المروج اليانعة الحافلة بثمار الفاكهة الناضجة المتساقطة، فردوسا بالنسبة لقطيع الخنازير البرية إلى أن جاءت حيوانات الألبكة.

ويبدو أن مجرد وجود الألبكة – التي يبلغ ارتفاع الواحد منها عن الأرض 1.5 متر وهو طول رائع- غرس في نفس الخنزير البري إحساسا من الاحترام والمهابة.

وتشير فيغل إلى أن “الجرذان” الصغيرة – وهو الوصف الذي تطلقه على حيوانات الألبكة التي تقتنيها- مسالمة، وتقول “إنها لا ترفس على الإطلاق ولا تعض، ولكن الخنازير البرية لا تعلم طبيعتها تلك وهو أمر محمود”.

ويبدو أن حيوانات الألبكة تفرز عند الناس مشاعر السكينة، وتستخدمها فيغل كنوع من العلاج الاجتماعي، حيث تمنح الناس فرصة للتنزه مع هذه الحيوانات سيرا على الأقدام سواء في فصل الصيف أو الشتاء، وهذه الحيوانات تعد مناسبة لهذه المهمة فقد جاءت أصلا من منطقة جبال الأنديز، وهي مرتبطة بفصائل الجمال واللاما والفيكوناس وهو حيوان بري يشبه الجمل يعيش في أمريكا الجنوبية، ويسمح الفراء الكثيف لحيوانات الألبكة لها بأن تظل على قيد الحياة وسط درجات حرارة تصل إلى 40 مئوية تحت الصفر.

وبعد أن يتم جز صوفها تستطيع أن تتحمل حرارة الصيف، وتقوم فيغل بغزل خيوط من الصوف الحريري لحيوانات الألبكة التي تمتلكها مستخدمة عجلة للغزل.

والصراع بين الخنازير البرية والسكان المحليين لا يقتصر على مزرعتها، ففي مختلف أنحاء ألمانيا أصبحت الخنازير البرية تسبب إزعاجا وأضرارا ويرجع الأمر في ذلك إلى التغير المناخي.

ولم تعد عناوين الأخبار مثل “خنازير برية في السوبرماركت”، أو “قطيع الخنازير يتجول في وسط المدينة” عناوين نادرة، كما يحدث تصادم بين الناس والخنازير البرية وسط حركة المرور، فخلال عامي 2018 و 2019 قتل 24500 خنزير بري في حوادث الطرق، وذلك وفقا لرابطة الصيد الألمانية، وكانت هذه الخنازير وراء وقوع 2400 حادث خلال عام 2018 تعرض الناس فيها لإصابات.

وتقول رابطة الصيد الألمانية إن التغير المناخي هو السبب في الانتشار السريع للخنازير البرية في أنحاء أوروبا، حيث أصبح الشتاء الآن أكثر دفئا بحيث مكن حتى أكثر الحيوانات ضعفا من البقاء على قيد الحياة، وبدأت الخنازير البرية تغامر بالتمدد إلى مناطق جديدة. ويقول تورشتن رينفالد المتحدث باسم رابطة الصيد الألمانية “يمكنك أن تجد الآن الخنازير البرية في منطقة على ارتفاع ألف متر”.

ومنذ عشرين عاما لم يكن من الممكن العثور على الخنازير البرية في الدنمارك والسويد حيث يسود المناخ الأكثر برودة، والآن أصبح من الممكن العثور عليها هناك بعد أن أصبحت درجة الحرارة أكثر اعتدالا.

وتؤكد وزارة الزراعة بولاية بادن فيرتمبرغ الألمانية حاليا أهمية صيد الخنازير البرية التي ليس لها أي أعداء في الطبيعة، وتقول رابطة الصيد إن عدد أعضائها يبلغ 385 ألف صياد في جميع أنحاء ألمانيا، بزيادة بنسبة الربع مقارنة بالعدد المسجل منذ 30 عاما.

وتوضح الرابطة أن أنشطة الصيادين تشمل الحيلولة دون قيام الخنازير البرية بتدمير المزارع، إلى جانب مكافحة أنفلونزا الخنازير، وقام الصيادون بإطلاق الرصاص على 837 ألفا من الخنازير البرية خلال عامي 2017 و 2018، وعلى 600 ألف منها خلال عامي 2018 و2019. ويوجد في ألمانيا حاليا ما بين نصف مليون و 750 ألفا من الخنازير البرية. (alarab.co.uk)

تابعوا أبرز و أحدث أخبار ألمانيا أولاً بأول عبر صفحة : أخبار ألمانيا News aus Deutschland

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها