صحيفة تسلط الضوء على تجربة طبيب سوري في آيرلندا .. ” لم أكن فخوراً يوماً بانتمائي لنظام صحي كما أنا الآن “

يشعر الطبيب السوري سامر عرنوس، استشاري أمراض القلب، في مستشفى جامعة ليميريك، في أيرلندا، بالفخر، كونه جزءاً من النظام الصحي.

وقالت وسائل إعلام أيرلندية، بحسب ما ترجم عكس السير، إن سامر، عندما كان في السابعة عشرة من عمره، انتقل إلى أيرلندا للدراسة، واعتاد الشاب السوري على الابتعاد عن والديه، وكان عازماً على دراسة الطب في الخارج.

وقال سامر: “أردت أن أعود إلى أوروبا، ولكن كان علي أن أحصل على شهادة للدخول إلى الجامعة هنا، كنت طموحاً جداً، وأردت أن أصبح طبيباً، كنت أعرف أنه إذا أتيت إلى المملكة المتحدة أو أيرلندا يمكنني تحقيق ذلك.

كان من الصعب الحصول على التأشيرة للسفر إلى الخارج، كان لدي جواز سفر سوري، لكن تم حرماني من تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة، على الرغم من قبولي في الكليات، كانت تلك حقيقة امتلاك جواز سفر سوري في ذلك الحين، لا يدرك الناس مدى صعوبة ذلك.

أحببت أيرلندا على الفور، وكان هناك بالتأكيد عدد أقل من الأجانب في ذلك الوقت، معظم الناس لم يكونوا يعرفون أين سوريا، وافترضوا أنني من منطقة حوض البحر المتوسط”.

ولد عرنوس في السعودية لأبوين سوريين، وأمضى كل صيف أثناء طفولته مع عائلته خارج دمشق، وعندما بلغ الثامنة أرسله والداه إلى مدرسة لتعلم الإنكليزية.

وقال سامر: “كان أخي أكبر مني بـ 16 عاماً، وفي كلية بلندن، وأقنع والداي بإرسالي إلى إنجلترا للحصول على تعليم أفضل، كان والداي فقيران، وتركا المدرسة عندما كانا صغاراً، كان التعليم مفتاحهم، أرادوا أن يعطوا أطفالهم ما لم يمتلكوه، وبالتأكيد أنفقوا الكثير من المال على تعليمنا”.

كان عرنوس أصغر طالب في المدرسة، ووجد الحياة في إنكلترا صعبة في البداية، وقال: “كنت أبكي طوال الوقت، ولم أر والديّ إلا خلال العطلة الصيفية، وعانت أمي بشكل واضح، لم يخبرني أبي أبداً عن مدى صعوبة الأمر بالنسبة له، لأنه لا يريد أن يظهر الضعف، ولكن بمجرد أن أنجبت طفلي الأول، أدركت مدى صعوبة الأمر عليه، لقد بلغ ابني الأكبر ثمانية أعوام للتو، ولا يمكنني أن أتخيل إرساله لمكان يبعد 3000 ميل”.

عندما كان في الثالثة عشرة من عمره، نقل عرنوس إلى مدرسة لتعليم اللغة الإنكليزية في الإسكندرية في مصر، وقال: “لقد كانت مختلفة بشكل كبير عن المملكة المتحدة، كنت معتاداً على المدرسة المنظمة، ولكن في مصر كانت فوضى، لقد كانت غابة – البقاء للأنسب – لكنها كانت درساً جيداً في الحياة”.

في عام 1994، بعد الانتهاء من المدرسة الثانوية، انتقل عرنوس إلى دبلن بناء على نصيحة صديق للعائلة، ومكث مع عائلة أيرلندية أثناء دراسته في Griffith College.

بعد اجتياز امتحاناته التحق عرنوس بالكلية الملكية للجراحين في أيرلندا في دبلن حيث قضى السنوات الست التالية، أمضى أربع سنوات أخرى في الطب العام في المستشفيات الأيرلندية، قبل أن ينتقل إلى المملكة المتحدة للتخصص في أمراض القلب.

أمضى ثلاث سنوات في المملكة المتحدة، وسنة في الدنمارك، قبل أن يعود إلى أيرلندا، ويعيش الآن في مدينة ليميريك، مع زوجته وثلاثة أبناء.

وقال: “أيرلندا مكان رائع لتربية الأطفال، القيم العائلية في سوريا مهمة جداً، وهي نفسها في أيرلندا، إن الشعب الأيرلندي أصيل ويهتم ببعضه البعض، ونظام التعليم والرياضة رائعان في أيرلندا، إنها حياة رائعة لنا وللأطفال”.

عرنوس الآن يعمل استشاري أمراض القلب في مستشفى جامعة ليمريك، وبينما يعترف بوجود العديد من القضايا داخل نظام الصحة الأيرلندي، فإنه يعتبر نفسه محظوظاً لكونه جزءاً من ذلك، وقال: “هناك أشياء رائعة حول الخدمة الصحية في هذا البلد، لا تتصدر عناوين الأخبار، جودة الممرضات والأطباء من الطراز العالمي، معظم الناس مدربون جيداً بشكل لا يصدق في أيرلندا”.

وتابع: “إذا كنت تريد تبسيط أوجه التقصير في الخدمة الصحية، فعليك فصل الصحة عن السياسة، ربما كونك وزير الصحة أصعب وظيفة في البلاد، يجب أن تمنحها لشخص لمدة 10 سنوات بغض النظر عن التغيير السياسي، عندما يتغير وزير الصحة كل ثلاث إلى أربع سنوات فلن يحدث التغيير”.

ويقول إن الحكومة قامت “بعمل رائع” في قيادة البلاد خلال تفشي الفيروس، في حين أن المجتمع الطبي الأيرلندي قد قام بما عليه فعله بجدية وجدارة.

وقال: “كنا نعلم أنه إذا حدث في إيرلندا ما حدث في إيطاليا فسنكون في ورطة، لقد استعددنا للأسوأ، ولم أكن فخوراَ من قبل كما أنا الآن بكوني جزءاً من النظام الصحي”.

تعاون عرنوس مؤخراً مع استشاري التخدير وجراح الأوعية الدموية في المستشفى إلى جانب ثلاثة مهندسين من جامعة ليمريك، لتصميم معدات حماية شخصية لموظفي المستشفى، وشمل ذلك درعاً لحماية أطباء التخدير، أثناء العمل، لتقليل انتشار الفيروس.

وقال عرنوس: “أعطينا المهندسين الأفكار، فذهبوا وعملوا عليها لمدة 24 ساعة، صممناها وأنتجناها وطبعناها طباعة ثلاثية الأبعاد في 10 أيام، لقد صنعنا حوالي 50 وحدة، ثم جعلنا التصميم عاماً، لا نريد أي مكاسب مالية، ولكن كان لديها قوة جذب كبيرة، فقد تواصلت الشركات الآن معنا لإنتاجها بكميات كبيرة”.

بينما نجحت المستشفيات الأيرلندية في اجتياز الوباء حتى الآن، فإن المرضى الذين يعانون من مشاكل صحية أخرى يدفعون الثمن، كما يقول، وقال: “إن الضرر الجانبي أصبح أكبر من الضرر الذ تسبب به كورونا، لا يمكن لمرضى القلب الانتظار أربعة أسابيع، نحاول استعادة الأسرّة الآن، ونجري عيادات افتراضية، لكن الأمر سيستغرق ما يصل إلى 12 شهراً لإعادة الأمور إلى طبيعتها”.

وكإجراء وقائي خلال الوباء يحاول عرنوس الابتعاد عن أطفاله، عدم القدرة على معانقة عائلته أو تقبيلهم أمر صعب للغاية، ويفكر أيضاً كثيراً في والدته، التي تبلغ من العمر 83 عاماً ولحسن الحظ هي بصحة جيدة.

وقال: “كلما كبرت في السن، كلما اشتقت إلى والديك، خاصة عندما يكبرون أيضاً، وتدرك أن لديك وقتاً محدوداً معهم، أبي توفي منذ عامين ونصف، كان مسنًا، لذلك لم يكن غير متوقعاً، أفكر بأمي باستمرار”.

أحضر عرنوس زوجته لزيارة سوريا عام 2010، لكنه لم يتمكن أولاده من رؤية سوريا، لأن الحرب بدأت قبل أن يولدوا.

وقال سامر: “لديّ آباء سوريون، وسأكون دائماً فخوراً بكوني سورياً، لكني في وطني هنا في إيرلندا، أعز أصدقائي هنا، أنا جزء من الثقافة الآن، وبالتأكيد لا أشعر أنني أجنبي هنا على الإطلاق”.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها