ذبابة الفاكهة تحمل مفتاح علاج الحرمان من النوم لدى البشر

عندما حرمت حشرات ذبابة الفاكهة من النوم، بدأ جزيء يسمى مركبات الأكسجين التفاعلية (ROS) بالتراكم في أحشائها، وتوفيت جميعها بعد 20 يوما، نصف عمر هذه الأنواع البالغة الطبيعي.

ولمعرفة ما إذا كان الجزيء له تأثير، تم إعطاء بعض الذباب المحروم من النوم مضادا للأكسدة لإزالته. وعاشت تلك الحشرات، التي يبلغ طولها 0.15 بوصة (3.8 مليمتر)، 40 يوما كاملة دون غفوة نوم واحدة.

ويمكن أن يقدم هذا البحث المذهل تلميحا حول كيفية علاج قلة النوم لدى البشر، الذي قد يؤدي إلى مشكلات في الذاكرة وأمراض القلب والسمنة وحتى الموت.

وقالت مؤلفة الدراسة دراغانا روغولجا، الأستاذة المساعدة في علم الأعصاب في كلية الطب بجامعة هارفارد: “نعتقد أننا حددنا مشكلة مركزية، عندما يتم القضاء عليها، تسمح بالبقاء دون نوم، على الأقل في ذباب الفاكهة”.

وفي الدراسة التي نُشرت اليوم في مجلة Cell، كان على العلماء أولا تحديد تأثير الحرمان من النوم على الذباب.

وللحفاظ على استيقاظها على مدار 24 ساعة في اليوم، تم تصميم الذباب وراثيا لإنتاج بروتين حساس للحرارة يقمع النوم، ثم يتم إيواؤها في حرارة تفوق 29 درجة مئوية لضمان بقائها نشطة باستمرار.

وبعد عشرة أيام، مات العديد من ذباب الفاكهة، وتوفيت جميعها بعد مرور 20 يوما، بينما عاشت التي سمح لها بالنوم كالمعتاد المدة الكاملة التي تستمر فيها حياتها عادة.

وقام العلماء بتحليل أجسام الذباب لمعرفة الأنسجة التي أظهرت استجابات لساعات اليقظة الطويلة.

وعلى الرغم من أن أدمغة ذباب الفاكهة لا تتجاوز 0.04 بوصة (1 مليمتر) والأنسجة الأخرى لا يمكن تمييزها بين الذباب المحروم من النوم وغير المحروم من النوم، كشف العلماء أن أنسجة الأمعاء اختلفت بشكل كبير بسبب تراكم مركبات الأكسجين التفاعلية.

وقالت العالمة ألكسندرا فاكارو من جامعة هارفارد: “عندما قمنا بالتجربة الأولى، يمكنك أن تقول على الفور تحت المجهر إن هناك اختلافا لافتا في الأمعاء. ولا يحدث ذلك تقريبا في الأبحاث المختبرية”.

وأضافت: “وجدنا أن الذباب المحروم من النوم يموت بنفس الوتيرة، في كل مرة، وعندما نظرنا إلى علامات تلف الخلايا والموت، كان النسيج الوحيد الذي برز حقا هو القناة الهضمية”.

ولمعرفة ما إذا كانت مركبات الأكسجين التفاعلية تسبب تأثيرا ضارا حتى الموت، أعد العلماء تجربة ثانية حيث تم إعطاء الذباب المحروم من النوم مضادات الأكسدة كمكملات غذائية من أجل إزالة الجزيء المشبوه من أحشائها.

وحصل الذباب على 11 مكملا يحتوي على الميلاتونين، الموجود في العديد من الفواكه، وحمض ليبويك، الموجود في الخضروات مثل البروكلي، وثنائي نوكليوتيد الأدنين وأميد النيكوتين، وهو معاون إنزيمي موجود في الفطر.

وكانت الآثار ثورية، حيث تمكن الذباب المحروم من النوم من العيش حياة طبيعية، في حين أن المجموعة التي لم تحصل على المكملات لم تمتد فترة حياتها.

ولمزيد من اختبار تأثيرات مضادات الأكسدة، تم تحرير جين في مجموعة منفصلة من الذباب من أجل الإفراط في إنتاج إنزيم مضاد للأكسدة في أحشائها ما من شأنه أن يكسر مركبات الأكسجين التفاعلية.

ووجد العلماء أن هذه المجموعة عاشت حياة طبيعية بينما ماتت المجموعة الأخرى من الذباب المحروم من النوم بسرعة.

وقالت روغولجا: “من المدهش أننا وجدنا أن الموت المبكر يمكن منعه”.

ومن غير الواضح لماذا تسببت مركبات الأكسجين التفاعلية في حدوث تغييرات في ذباب الفاكهة، لكن هذه العملية تحدث في حيوانات أخرى أيضا على غرار الفئران التي أظهرت الاختبارات أن لديها مستويات مرتفعة من مركبات الأكسجين التفاعلية في الأمعاء الدقيقة والكبيرة بعد أن فقدت عدة ساعات من النوم. ويشار إلى أن اعتبار النتائج واعدة بعد إجراء الاختبارات على ذبابة الفاكهة يعود إلى أنها قابلة للمقارنة مع البشر لأن لديها العديد من الجينات المماثلة. (RT)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها