الإيرانيون باقون في سوريا .. و غيرها
مخطئون منْ يعتقدون إنّ إيران ستنسحب من سوريا، بما في ذلك الأميركيون الذين يروّجون لإحتمال غير وارد على الإطلاق، إذْ أنّ مثل هذا الإنسحاب سيعني سقوط نظام بشار الأسد بالتأكيد حتى وإنْ بقي الروس يحتفظون بقواعدهم على الأراضي السورية فالإيرانيّون متغلغلون في هذا البلد منذ وقت مبكر، ويقيناً أنه لولاهم لـ “كانت عظام هذا النظام قد أصبحت مكاحل”، كما يقال في بلاد الشام كلها، منذ فترة بعيدة.
فإيران تدرك، حتى بما في ذلك مرشد الثورة علي خامنئي وحراس ثورته، إنّ مقتل إيران في مثل هذا الإنسحاب الذي إنْ هو تم فعلاً فإنه ستتبعه مغادرة العراق وقبل ذلك مغادرة لبنان الذي بات يهتزّ كـ “قصلة” في مهب الريح ومغادرة اليمن ومغادرة “الجيوب” الأخرى في بعض الدول العربية الإفريقية التي إستطاع الإيرانيون إختراقها من خلال “الإخوان المسلمين” ومن خلال رجب طيب أردوغان الذي يجب الإعتراف بأنه قد حقّق وجوداً عسكرياًّ كاسحاً في ليبيا.
والمفترض أنّ الأميركيين يعرفون أكثر من غيرهم، على إعتبار أنهم في هذا المجال يستعينون بمعلومات “الموساد” الإسرائيلي الذي يخترق هذا البلد العربي منذ وقت مبكر حتى قبل فترة إكتشاف الـ “كي.جي.بي” السوفياتية للجاسوس الإسرائيلي “إيلي كوهين”، أنّ الوجود الإيراني في سوريا ليس قواعد ولا معسكرات يلملمون أمتعتهم فيها ويرحلون بلْ تغلغلاً في كل شيء من المخابرات إلى الإستخبارات إلى الجيش العربي السوري وربما أيضاً إلى حزب “البعث” الذي لم يبقَ منه إلاّ الشعارات المرفوعة فوق مراكز ومبان فارغة.
ولهذا فإنّ الحديث عن مغادرة الإيرانيين لسوريا يعني مغادرة نظام بشار الأسد قبلهم إذْ أنه لولاهم ولولا “الرفاق” الروس لكان قد غادر ومعه نظامه و”زبائنه” منذ عام 2015 لا بل قبل ذلك بسنوات بعد جريمة البطش بأطفال درعا المعروفة التي “هزّت” العالم كله لكنها لم تهزّ حتى ولا شعرة واحدة لا في رأس هذا الرئيس السوري ولا أسياده في طهران، وأيضاً إذا أردنا قول الحقيقة، باقي من تبقّى من القادة السوفيات في مبنى الكرملين في موسكو وذلك مع أنّ هؤلاء قد تخلّوا عن الماركسية – اللينينية وعن الحزب الشيوعي وعن ماركس ولينين.. ومن لفّ لفهما كما يقال!
وعليه، فيجب ألاّ يفكر الأميركيون ولا غيرهم بأنّ الإيرانيين سيغادرون دمشق وإنهم سيسلمون مقراتهم في بغداد لأتباعهم وسيرحلون، وأنهم سيغادرون اليمن الذي كان سعيداً ذات يوم بعيد، وهذا ينطبق على ضاحية بيروت الجنوبية، فهذا كله سيعني أنهم سيغادرون “قم” وطهران، وأنّ علي خامنئي وحراس ثورته سيفرّون هاربين وسيبحثون لهم عن ملاذات في “دنيا الله الواسعة”، وحقيقة أنهم لن يجدوا مثل هذه الملاذات وأنهم سيساقون وكما هم ساقوا غيرهم إلى ساحات الإعدام وإلى أعواد المشانق.. ولذلك فإنّ تخليهم عن “ملاذاتهم” الحالية في سوريا وبعض الدول العربية الأخرى غير وارد على الإطلاق، والواضح هنا أنّ الأميركيين يعتمدون بالنسبة لهذا الأمر وفي هذا المجال على معلومات خاطئة ليس لها أي مكانٍ من الصحة! صالح القلاب – إيلاف
[ads3]