ألمانيا تكافح لإطلاق عجلة الحركة الثقافية بعد الجائحة
تنظر العازفة كريستينا غوميس جودوي بحماسة إلى المسرح الوافر الأوراق، حيث ستعزف أمام جمهور للمرة الأولى منذ ثلاثة أشهر.
وتقول عازفة المزمار البالغة من العمر 30 عامًا، وهي عضو في أوركسترا “شتاتسكابيله”، في برلين: “أنا متوترة بعض الشيء صراحةً”، وقد توقفت هذه الفرقة عن تقديم الحفلات منذ إغلاق القاعات في آذار لانتشار فيروس كورونا المستجد.
وتقدم غوميس مع أربعة من زملائها حفلة قصيرة في باحة مبنى سكني في برلين يرافقهم طنين النحل فيما النبات يكسو الجدران.
ويجسد هذا العرض جهود جمعيات الفنون عبر ألمانيا للتفكير بطرق ابتكارية للنهوض وإطلاق عجلة نشاطها في عالم مضطر إلى التعايش مع الفيروس.
وتؤكد غوميس: “إنها لفرحة كبيرة لنا نحن العازفون أن نعزف معا مجددا رغم الحجم الأصغر وأظن أن الحضور سيستمتع أيضاً بما نقدمه”.
وتتسع الباحة لحفنة من المتفرجين مع احترام التباعد الاجتماعي فيما المقيمون في الطوابق العليا حصلوا على أفضل المقاعد من على شرفاتهم ونوافذهم.
وقالت أورسولا ديكوف (77 عاماً)، المقيمة في الطابق الأول، بعد العرض: “كانت حفلة رائعة من جودة الصوت إلى المنظر”.
وسمح لمكتبات بيع الكتب والمتاحف وصالات العرض الفني أن تعيد فتح أبوابها في ألمانيا في نيسان، وأصدرت الحكومة تعليمات في أيار تهدف إلى تشجيع بقية القطاع الثقافي على العودة إلى العمل بشكل من الأشكال.
لكن تبقى الكثير من التحديات، خصوصاً بالنسبة إلى المسارح وقاعات الحفلات ودور الأوبرا والسينما.
وتشمل التعليمات الحد من عدد الحضور واحترام مسافة 1,5 متر فاصلة بين الأشخاص ما يعني أن غالبية المسارح ستضطر لاستقبال جزء ضئيل من قدرتها الاستيعابية.
مسرح “فولكس بونه” (مسرح الشعب) في برلين باشر موسم العام 2020-2021 في منتصف حزيران، مع استقبال 130 شخصاً فقط بدلاً من 800 عادة.
وفي النمسا المجاورة، استأنفت دار الأوبرا في فيينا العروض أمام مائة شخص فقط، مقارنةً بـ1700 في الأمسيات العادية.
وسيقام مهرجان سالزبورغ خلال الصيف مع تقليص البرنامج إلى النصف في حفنة من المواقع.
وينبغي على الفنانين والعازفين احترام التباعد الاجتماعي أيضاً ما يعني وجود عدد أقل منهم على المسرح، وهذا لا يشكّل نبأ سارا للعازفين غير المتعاقدين، خصوصاً الذين تراجعت إيراداتهم بشكل كبير خلال الجائحة.
وقد أعطت أوركسترا برلين الفلهرمونية فكرة عن شكل الحفلات الأوركسترالية في مكان مغلق في عالم ما بعد كورونا مع احترام التباعد الاجتماعي، في حفلة شارك فيها 15 عازفاً فقط.
وبفضل تمويل رسمي سخي، تجد الجمعيات الفنية الألمانية نفسها في وضع أفضل لتعويض التراجع في إيرادات بيع البطاقات، مقارنةً بنظيراتها الأوروبية أو العالمية، لكنها تشدد على أنه لا يمكنها الاستمرار لفترة طويلة على هذا النحو.
وكشفت الحكومة عن برنامج إنقاذ بقيمة مليار يورو للأوساط الثقافية مع مساعدة مركزة على القاعات مثل المسارح ودور السينما التي تعوّل كثيراً على إيرادات بيع البطاقات، إلا أن البعض اعتبرها نقطة في محيط.
وقال الخبير في الشئون الثقافية، كلاوس ليديرير: “هذا يظهر قيمة الثقافة.. مقارنةً بالدعم البالغ تسعة مليارات يورو المقدم لشركة طيران” في إشارة إلى شركة “لوفتهانزا”.
بعض فرق الأوركسترا والمسرح مثل “دويتشه تياتر” و”برلينلر إنسامبل” لجأت إلى الحفلات في الهواء الطلق.
وقد أقامت “دويتشه أوبر” حفلة في موقف للسيارات وعزفت “أوركسترا دويتشه” السمفونية في برلين من على سطح حافلة، إلا أن مستقبلها غير مضمون عند حلول موسم الشتاء.
وعلى غرار رفع إجراءات الإغلاق الأخرى، ستتفاوت قواعد إعادة فتح المواقع الفنية عبر مقاطعات البلاد التي لها كلمة الفصل بما هو مسموح من عدمه.
ودعت نقابة فرق الأوركسترا الألمانية إلى استئناف الحفلات بسرعة في كل أرجاء ألمانيا.
وقال رئيس النقابة، غيرالد مرتينز: “استمرارية العازفين غير المتعاقدين على المحك، يجب أن تتمكن الفرق الأصغر، لا سيما في الكنائس والأماكن الأصغر وفي الهواء الطلق من إقامة الحفلات بأسرع وقت ممكن”. (AFP)[ads3]