صحيفة ” وول ستريت جورنال ” الأمريكية تكشف أسباب طرح تركيا لعملتها في الشمال السوري

يسارع السوريون الذين يرغبون في شراء رغيف خبز أو ملء خزانات المحروقات الخاصة بهم في أجزاء من شمال البلاد إلى استبدال الليرات السورية بالتركية، حيث تقوم الشركات بتبديل العملات في محاولة لعزل نفسها عن اقتصاد متداع بعد سنوات من الحرب، بحسب صحيفة وول ستريت جورونال.

وتطرح تركيا عملتها في الأجزاء السورية التي تخضع لسيطرتها، في محاول لاستغلال الانهيار الاقتصادي لجارتها العربية، توطيد سيطرتها على هذه الأجزاء، بحسب الصحيفة.

وذكر أصلي أيدينتاسباس، كبير زملاء السياسة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن “استخدام الليرة التركية في الشمال السوري هو مؤشر آخر على أن تركيا تعتبر هذه المناطق امتدادا لحكمها، وان تواجدها سيطول هناك”.

وأرسلت أنقرة شحنات من الليرة التركية إلى حلفائها في محافظة إدلب وأجزاء أخرى من شمال سوريا بعد انهيار العملة المحلية في الشهر الماضي، بحسب عمر أوزكيزيلسيك، المحلل في مؤسسة سيتا، وهي مؤسسة بحثية مقرها في أنقرة مقربة من الحكومة.

وأضاف أوزكيزيلسيك أن الليرة التركية يتم ضخها من خلال نقاط صرف العملات ومكاتب البريد، مشيراً إلى أن السكان يتبادلون الليرات السورية وأحيانا الدولار الأميركي مقابل العملة التركية، وأن محلات الصرافة في شمال سوريا مزدحمة بالزبائن.

من جانبه، صرح مسؤول بوزارة المالية التركية أنه ليس لديه معلومات عن تسهيل تدفق الأموال التركية إلى هذه الأجزاء من سوريا، وقال البنك المركزي التركي إنه غير مشارك في الخطة.

وبعد تدخلات عسكرية متعددة على مدى السنوات الماضية، باتت تركيا تسيطر على سلسلة من المناطق المحاذية لحدودها الجنوبية وتمثل حوالي 5٪ من أراضي جارتها، ووفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، هناك ما يقدر بأربعة ملايين سوري في الأراضي الواقعة تحت سيطرة تركيا.

وكانت الليرة التركية تستخدم بالفعل لدفع أجور المقاتلين والمدنيين الذين يعملون في الهيئات الإدارية المدعومة من أنقرة، والتي بنت أيضًا المدارس والمستشفيات ومكاتب البريد في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وربط بعضها بشبكة الكهرباء الخاصة بها.

وأكدت الصحيفة الأميركية أن استبدال الليرة السورية بالليرة التركية يساعد أنقرة على دمج هذه الأجزاء في نسيج الاقتصاد التركي بشكل أكثر إحكاما.

وتبرر تركيا إن وجودها في شمال سوريا بضرورة حماية حدودها ضد الجماعات التي تعتبر أنها تشكل تهديدا إرهابيا عليها إضافة الى دعم المتمردين الذين يعارضون الأسد.

بعد قتال شرس هذا العام وضع القوات السورية المدعومة من روسيا وإيران ضد المقاتلين المتمردين وآلاف القوات البرية التركية، اتفق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين على فرض وقف لإطلاق النار في المنطقة في مارس، وأدى الصراع هناك إلى تشريد ما يقرب من مليون شخص.

لكن كلا الجانبين حشد القوات في الأسابيع الأخيرة، مما أثار مخاوف من تجدد الهجوم، وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن القوات التركية المتمركزة في ريف إدلب أطلقت صواريخ على مواقع عسكرية سورية ليل أمس الاثنين.

ولم تعلق الحكومة السورية على اعتماد العملة التركية لكنها تعهدت باستعادة أراضيها بالكامل.

بالنسبة للسوريين الذين يعيشون في الأراضي الخاضعة للسيطرة التركية، فإن استخدام الليرة التركية هو وسيلة للحفاظ على قوتهم الشرائية ضد التآكل السريع لليرة السورية، التي فقدت حوالي 70 ٪ من قيمتها مقابل الدولار منذ بداية العام، كما انخفضت الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها الشهر الماضي، فقد خسرت 16٪ مقابل الدولار حتى الآن هذا العام.

وقال عثمان خاني، وهو ناشط مقيم في مدينة إدلب: “مثلما دمرت منازلنا واضطررنا للفرار: ليس لدينا خيار آخر”.

وبحسب أوزكيزيلسيك، محلل سيتا، فإن السلطات في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون السوريون المدعومون من تركيا لجأت إلى أنقرة للمساعدة الشهر الماضي.

وأوضح أوزكيزيلسيك: “الهدف هو استبدال الليرة السورية بالكامل، وحماية المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة من الاقتصاد السيئ والآثار الجانبية المحتملة للعقوبات، وزيادة الضغط على نظام الأسد اقتصاديًا”.

ووصف عبد الرحمن مصطفى، رئيس الحكومة السورية المؤقتة، اعتماد الليرة كإجراء مؤقت سيتم إلغاءه عندما يتم التوصل إلى حل سياسي شامل للحكم. (alhurra)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها