التكنولوجيا ” تعود إلى الحياة ” في برلين
إذا كان أداء إحدى الدول الكبرى في أوروبا جيداً بشكل خاص في المعركة ضد “كوفيد-19” فإنها ألمانيا.
تبدو الآن صناعة التكنولوجيا الخاصة بها تخرج من الإغلاق التام بسرعة أكبر من غيرها، وقد حاول برنامج “تيك تنت” هذا الأسبوع تقييم الوضع الطبيعي الجديد.
لقد عدت لتوي إلى لندن من رحلة استغرقت خمسة أيام إلى برلين، المدينة التي شعرت أنها أقرب إلى الحياة الطبيعية من أي مكان كنت فيه في الأشهر الستة الماضية.
كانت الشوارع مزدحمة، وكذلك المطاعم، من دون حجز، وقد تم إبعادنا عن أحد الأماكن الشعبية.
بدا أن معظم الناس حريصون على ارتداء الكمامة في وسائل النقل العام وفي أماكن مثل المتاحف، وفيما كانوا أكثر هدوءا بقليل من المعتاد، كان ما يزال عليّ الوقوف أمام قطاري “إس بان”.
عندما ظهرت في “برلينر ميسه”، أرض المعارض العملاقة في غرب المدينة والتي تستضيف معرض “آي أف إي” السنوي في أوائل أيلول، كان الجو هادئاً للغاية.
لكني جئت لرؤية مدير المعرض غينس هيتيكير بعد ما مثّل، في ظل هذه الظروف، انتصارا.
وحدث “آي أف إيه” حقيقي، وإن كان على نطاق صغير ولم يستمر سوى ثلاثة أيام مع حفنة من العارضين ولم يكن هناك فرصة لعامة الناس للحضور ورؤية الأدوات.
وقال هيتيكير: “أشعر بالحزن لأنني أفتقد كل الجمهور، كل العدد الهائل من الحاضرين يجتمعون معا”.
لكنه قال إنه يشعر بالفخر أيضاً لأنهم تمكنوا من تقديم عرض محدود في وقت تم فيه إلغاء كل حدث آخر، وحتى معرض “سي إي أس” العام المقبل في لاس فيغاس الذي اختار أن يكون افتراضيا.
“لقد رأينا العديد من العروض الأخرى التي حاولوا القيام بها بشكل افتراضي فقط وكان تأثير العروض أقل بكثير من تأثيرنا”.
ورأينا الفرح عيون الحاضرين عندما التقوا هنا للمرة الأولى، وهو يأمل الآن أن يعود “آي أف إيه” بكامل قوته مع أكثر من مئتي ألف زائر في أيلول 2021.
وفي جميع أنحاء المدينة، بالقرب من المكان الذي كان يعلو فيه الجدار الذي كان يقسم الشرق والغرب، وجدت تفاؤلًا مماثلاً إزاء مساحة بدء شركة ناشئة تسمى “فاكتوري برلين”.
وشددت اللافتات عند الباب على ضرورة ارتداء الكمامات أثناء التنقل في المبنى، وأنه لا يُسمح للضيوف غير المحددين بالزيارة، وفي المقهى كانت تسمع أصوات من المحادثة بين مجموعة من رواد الأعمال الشباب.
وأوضحت كاثرين بيشوف، كبيرة مسؤولي العلاقات في “فاكتوري برلين”، أن هذا المكان لم يغلق تماماً في الأيام المظلمة لشهري آذار ونيسان، فيما أغلقت إحدى مساحات العمل المشتركة المهمة، على الأقل في لندن، أبوابها على ألا تعيد فتحها أبدا.
وقالت بيشوف: “المساحة مهمة لأن الكثير من الصدف تحدث هنا.. ومرةً أخرى، أثناء محاولتك توسيع نطاق شركتك أو تطويرها، من المهم جداً أن تكون محاًطا بأشخاص آخرين يمكنهم مساعدتك خلال هذا الوقت الصعب للغاية”.
وفي الطابق العلوي، وجدت فريقاً صغيراً وراء “فايكينغ”، وهي شركة ناشئة تصنع تطبيقاً للواقع المعزز يسمح لك، على سبيل المثال، برؤية كيف سيبدو زوج من الأحذية على قدميك.
وأخبرت المؤسس المشارك ماثيو كليمبك أنني كنت أحسدهم لأنني كنت أشعر بالضجر من مكالمات “زوم” التي لا تنتهي مع زملائي، لكنه قال إن “زوم” كان رائعاً للتحدث مع المستثمرين والعملاء.
وقال: “لدينا أفضل ما في العالمين”.
واحتل فريق أكبر من شركة “بلان إيه” الاستشارية لبيانات علوم المناخ مكتباً كاملاً.
قالت لوبوميلا غوردانوفا، مؤسسة هذه الشركة، إن الوباء أجبرهم على تغيير تركيزهم، واستهداف العملاء من الشركات الكبيرة بدلاً من الشركات الصغيرة، لكن ذلك أثبت أنه إيجابي وقد زاد عدد العاملين بأكثر من الضعف.
وبمجرد أن خففت السلطات الألمانية القوانين، كانت حريصة على الاجتماع مرة أخرى.
وقالت: “شعرنا براحة تامة في العودة إلى المكتب لأنها تزيد من الإنتاجية حقاً، وتساعدنا على التعاون بشكل أفضل، وهي أيضاً وسيلة لنا للمشاركة بعد أربعة أشهر من العمل من المنزل”.
كان كل ذلك على النقيض تماماً من الأجواء السائدة في المملكة المتحدة، حيث ما يزال الكثيرون مترددين، بل ويخشون العودة إلى المكتب.
ربما يرجع ذلك إلى أن ألمانيا كانت لديها تجربة أقل إثارة للخوف مع الفيروس، حيث نُسبت حوالي 9500 حالة وفاة إلى “كوفيد-19″، مقارنةً بأكثر من 41 ألف في المملكة المتحدة.
ولم يكن أي شخص قابلته في برلين متأكداً تماماً من سبب أداء ألمانيا الجيد في السيطرة على الفيروس، وكان معظمهم ما يزالون حذرين بشأن التهديد المستمر من الوباء.
ولكن يبدو أن الشعور بأن العودة إلى نوع من الحياة الطبيعية حيث يمكنك التعامل وجهاً لوجه مع زملائك وعملائك هو أمرر ضروري، سواء لمصلحة الاقتصاد أو الصحة العقلية للجميع. (BBC)[ads3]