زيارة إلى ” قلب مكافحة وباء كورونا ” في ألمانيا
“قلب مكافحة الوباء في المانيا”، كما عبر عن ذلك وزير الصحة ينس شبان، واصفاً بناية في حي “فيلمرسدورف شارلوتنبورغ”.
والبناية مكونة من عدة طوابق على جنب شارع به حركة مرور قوية، وفي الأسفل، أمام المدخل، يقوم طاقم أمني بالمراقبة لكل شخص ينوي الدخول، وتتكون طوابير، لأن عدد الزوار محدود بسبب الوباء.
وفي الطابق الرابع يوجد مكتب مديرة مركز الصحة والطبيبة نيكوليتا فيشنيفسكي التي سمعت بأن السياسة تنوي الآن تثمين عملها بحيث سيتم توفير فرص عمل جديدة في مراكز الصحة خلال السنوات المقبلة وأن الحكومة تعتزم تكريس أربعة مليارات يورو لفعل ذلك.
والطبيبة الأخصائية في النظافة والطب البيئي تبدو شغوفة بعملها، رغم كل الجهود المطلوبة: “أمارس بكل سرور هذا العمل، وأرى واجبي في ممارسة طب السكان الذي أحبه وكنت دوماً أرغب في القيام به، لكنني أعترف بأنه من الصعب أكثر الحصول على زملاء وزميلات جدد، لأن الرواتب نقطة حاسمة”، وبالتالي، فإن الأطباء يتقاضون رواتب أكبر في العيادات حتى بسبب العمل التناوبي، وحتى قبل كورونا كانت الطواقم في أكثر من 400 مركز صحة ألماني قليلة.
وفي هذا السياق، تقول رئيسة “الاتحاد الألماني للطبيبات والأطباء في قطاع الصحة العمومي”، أوتي تايشيرت، لشبكة “دويتشه فيله” الإعلامية، بأنه تم توفير مواطن العمل أو إلغاؤها، والنتيجة هي “أننا مع بداية الوباء كنا نعمل بموظفين قلائل في مراكز الصحة، ثم جاء الوباء، وفجأة قيل ليس هناك ما يكفي من الناس، يجب علينا التجهيز أكثر”.
وعلى هذا النحو عمل أطباء، مثل نيكوليتا فيشنيفسكي وموظفيها في برلين، بالاشتراك مع طلبة مدعوين في عجالة أو جنود الجيش الالماني ساعات عمل إضافية عديدة ووصلوا في الغالب إلى حدود جهودهم، والمهمة الأساسية لنحو 150 موظفاً يهتمون هنا بتبعات الوباء هي دوماً تتبع سلسلة الاتصالات، والمواطنون الذين يعتقدون بأنهم أصيبوا يخبرون عن أنفسهم في الغالب عبر خط الهاتف الساخن أو البريد الإلكتروني، ونادراً ما يترددون مباشرة على المؤسسة الصحية، ومكتب الهاتف الساخن يسجل بيانات المعنيين، حيث يساعد منذ شهور جنود من الجيش الألماني، لأنه لم يكن من الممكن بطريقة أخرى تجاوز ذروة الوباء في نيسان وأيار.
وبعد تسجيل البيانات، يعتني موظفون مختصون بالأشخاص المعنيين، مثل الممرض فابيان فيشباخ، الذي يتحدث مرةً أخرى مع المريض ويتتبع الاتصالات ومسارها ويساعد في تنظيم الحجر الصحي، لكنه في حال الشك، هو الشخص الذي يصدر أمرًا إدارياً لا يعجب الجميع، لأن الأمر قد يجبر المريض مثلاً على الدخول في حجر صحي، ويصف لب عمله بتنفيذ تعليمات قانون الحماية من الإصابة.
وبحسب الكثير من استطلاعات الرأي، فإن غالبية الألمان تؤيد قيود كورونا وليس القليل منهم يتصور أيضاً قيود تواصل أقوى، لكن القلائل من غير المقتنعين يمكن أن يصعبوا الحياة على أشخاص مثل فابيان فيشباخ، الذي يقول لشبكة “دويتشه فيله”: “إنهم أولئك الذين لا يلتزمون بالقواعد، نحن جميعاً نتفهم بأننا في وضع استثنائي وأن حياة الناس مهددة وأن الحجر الصحي يمثل عبئاً نفسياً كبيراً، لكنني أعتقد أنه من المهم ترك الطواقم المختصة تقوم بعملها والثقة في وسائل الاعلام الجادة”.
وبعد أسابيع من الهدوء النسبي عاودت الإصابات بكورونا في الارتفاع، “منذ ثلاثة أو أربعة أسابيع ارتفعت الطلبيات مجدداً”، يقول ساشا براور، الذي هو في الحقيقة أستاذ جامعي، لكنه يقوم منذ تفجر الوباء بدعم فريق مركز الصحة ويعتني بما هو رقمي وينسق بين مختلف الأقسام، ويقوم إلى جانب ذلك كله بعمل صحفي، “نتعامل حالياً مع أشياء متبقية ومع أمراض أخرى، وقريبا سيحل الخريف ثم ترتفع حالات الزكام ونحن نجهز حالنا منذ الآن”، ويؤكد براور أن هناك تزايداً واضحاً في الإصابات بكورونا إذا التقى جمع كبير من الناس في غرف ليس بها تهوية كافية.
وطبيبة المركز فيشنيفسكي تصف نقاط الاعوجاج الكبيرة في العمل اليومي: “حاليًا نقوم بتجميع طاقاتنا من خلال إصدار جداول النظافة ومن طرف المدارس، لأننا نحصل هناك من وراء العائدين من السفر على طفل له اختبار ايجابي، ولأن إمكانيات التواصل أكبر الآن وبالتالي يكون تتبعها صعبا”.
وفابيان فيشباخ يعتقد أنه يمكن تحقيق الكثير إذا ما تصرف الناس في حال الإصابة كيفما كان نوعها كما تفعل الغالبية حتى قبل كورونا، “عندما أشعر بالمرض أذهب إلى الطبيب وأمكث في البيت، ولا أعرض الناس الآخرين لخطر الإصابة، فهذا لم يتغير فيه شيء”.
وسيفرح الجميع برواتب أفضل وعدد أكبر من الزملاء في مركز الصحة في “فيلمرسدورف شارلوتينبورغ”، وكذلك باعتراف أكبر بعملهم المجهد للأعصاب في “قلب مكافحة الوباء”.
ينس توراو – دويتشه فيله[ads3]