كاتب و محلل سياسي مقرب من روسيا : 10 ملايين سوري لا يثقون ببشار الأسد .. و هذا ما يجب أن يحصل في إدلب و شرق الفرات

نشر موقع رأي اليوم، الذي يديره الصحفي الفلسطيني عبد الباري عطوان، مقالاً للمحلل السياسي السوري رامي الشاعر، المقرب من روسيا، والذي عادة ما تنشر وسائل الإعلام الروسي مقالاته الناقدة لبشار الأسد وحكومته.

نص المقال الذي نشره الموقع عن صحيفة زافترا الروسية:

حول القضايا الأكثر تداولا فيما يخص الشأن السوري على وسائل التواصل الاجتماعي والصحف والقنوات المتلفزة، قرأت تساؤلا لأحد الكوادر الجامعية في جامعة تشرين حول الموقف الروسي تجاه سوريا.

يتساءل الأستاذ الجامعي حول السبب في “التراخي الروسي” تجاه الحليف السوري، وكيف “لم تحرر إدلب ولا شرق الفرات” حتى الآن؟ ولماذا “يتم إرضاء تركيا وقسد وإسرائيل على حساب الشعب السوري”؟

يدهشني بداية أن تغيب عن شخص بقامة الجامعي المخضرم حقيقة الواقع على الأرض في غرب وشرق وشمال سوريا، بل يدهشني أكثر ألا يكون الأستاذ المحترم، استنادا لخبرته وموقعه ووجوده في الداخل السوري، قد عاش وقرأ ورأى وأدرك ما حدث ولا زال يحدث على الأرض السورية من أحداث جسام على مدار السنوات التسع الماضية. لكني ألتمس العذر لما يمكن أن يكون قد تعرض له الجامعي من ضغوط من بعض الأطراف في دمشق لكتابة هذا المضمون الهش، الذي لا يعبر سوى عن عجز تام عن قراءة الواقع والتاريخ وأبسط قواعد المنطق، خاصة وأن المنشور الذي قرأته على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، رافقته حملة نشيطة واسعة، من شخصيات سورية مختلفة، أغلبها دمشقية، تغني نفس الأغنية في تآلف تام، وتكاد تكون بنفس الألفاظ واختيار العبارات. هي إذن حملة موجهة ضد روسيا، وضد كل الجهود التي تبذلها مجموعة أستانا.

لذلك وجدت لزاما علي أن أوضح ما يلي:

من باب العلم لا أكثر، أجد من واجبي، وكنت أظنه أمرا بديهيا لا يحتاج إلى توضيح، أن أشير إلى أن ما لا يقل عن 10 مليون مواطن سوري، ولا أبالغ في الرقم على الإطلاق، لا يثقون في القيادة بدمشق، ويؤيدون التواجد التركي والأمريكي المؤقت في شمال سوريا، بل ويعتبرون تركيا والولايات المتحدة الأمريكية حلفاء لهم في نضالهم من أجل تحقيق طموحاتهم وأهدافهم في تغيير الأوضاع في سوريا، والانتقال إلى نظام حكم آخر، يحقق آمالهم على أرضهم التي ولدوا وترعرعوا عليها، وكل ما يتعلق بذلك من تغيير دستوري ونظام انتخابات جديد وصلاحيات مركزية وغيرها تضمن لهم حقوقهم الوطنية والقومية والعرقية والثقافية. فعن أي “تحرير” يتحدث من يتحدث، ويكتب من يكتب؟ ألم يحن الوقت أن يدرك المقربون من أصحاب القرار في دمشق أن السلطة المركزية لم تستعد سيطرتها على هذه المناطق بدون توافق سوري سوري؟ وعلى الأساس الذي وضعته هيئة الأمم المتحدة التي تجسد إرادة المجتمع الدولي من خلال قرار مجلس الأمن رقم 2254؟

أود التأكيد هنا أيضا على أن تجاهل هذه الحقيقة، واعتبار أن الانتصار بات أمرا واقعا، ولم يعد هناك حاجة لأي عملية تغيير دستوري، وأصبح من الممكن الإبقاء على النظام الحالي دون تغيير إنما يصب في اتجاه تقسيم سوريا إلى ثلاث وربما أربع أجزاء، لأن الوضع في الجنوب السوري أيضا يغلي، وقابل للاشتعال في أي لحظة، وهو ما يمكن أن يتسبب في تدخل طرف دولي آخر.

لم يعد أمام السوريين خيار سوى التوصل إلى توافق، وهو ما أكرره وسأكرره دائما في جميع مقالاتي، والمسؤولية الكبرى تقع على القيادة في دمشق، حيث لا زال المجتمع الدولي يعترف بالسلطة في دمشق تجسيدا للسيادة السورية، وهو ما يلقي عليها بمسؤولية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، لتسود أجواء جديدة في سوريا، تعيد للمركز في دمشق تواجده على جميع الأراضي السورية، من خلال حكومة وبرلمان يستمدان شرعيتهما من مشاركة كل السوريين. ولن يحدث أي تقدم في وضع الشمال السوري سوى من خلال هذا الطريق، ولن يكون هناك أي انتعاش اقتصادي بدون ذلك. وعلى الرغم من الجهود الدولية التي تبادر بها روسيا لتقديم المساعدات الإنسانية الطارئة للشعب السوري، إلا أن أيا من الجهود لإنعاش الاقتصاد السوري لن يكتب لها النجاح دون استعادة السيادة الكاملة على الأراضي السورية. فكيف لنا أن نتوقع أي مستقبل لأي مشروع اقتصادي في ظل سوريا مقسّمة إلى ثلاث أو أربع أجزاء؟ لابد علينا أن نستوعب كذلك أن معاناة الشعب السوري لا يمكن أن تستمر إلى الأبد، وأن لكل صبر حدود.

مع الأسف الشديد، لا زال بعض السوريين لا يستوعب حجم الدور الروسي، ودور مجموعة أستانا، ومسار أستانا في وقف إطلاق النار، وفرض نظام خفض التصعيد والتهدئة على كامل الأراضي السورية. لا زال البعض يغفل أن بديل ذلك كان يعني ببساطة تدمير باقي حلب وتدمر بالكامل وربما دمشق، وكان يعني أن أعداد القتلى ستفوق المليون سوري، إضافة إلى من قضوا في الفترة من 2011 وحتى 2015، وكان يعني أن النظام في دمشق سيسقط، وتسيطر داعش على مناطق واسعة في سوريا. على الجانب الآخر لا زال البعض في المعارضة يتمسكون بتشكيل هيئة حكم انتقالي وفقا لما يظنونه تفسيرا لقرار مجلس الأمن رقم 2254. أريد هنا توضيح أن القرار لا ينص على ذلك، وهو ما كان نقطة خلاف أثناء كتابته، ولم تتم الموافقة عليها، والاكتفاء بمرحلة انتقالية بإشراف هيئة الأمم المتحدة، وترك حينها موضوع هيئة الحكم الانتقالي لقرار السوريين بعد بدء الحوار السوري السوري، لكونهم أصحاب القرار في الشكل الذي يريدون اللجوء إليه لبدء عملية الانتقال السياسي في إطار قرار مجلس الأمن رقم 2254. هذا ما كان عليه الوضع حينما لم تكن الأمور مستقرة. ولكن، وبعد استقرار الوضع وسريان وقف إطلاق النار والتهدئة، أصبح طرح هذه القضية بالنسبة للقيادة في دمشق، الممثلة للسيادة السورية محليا ودوليا، هو طرح انقلابي مرفوض نهائيا. لذلك يصبح الطريق الوحيد المتبقي هو مسار جنيف، وما تم الاتفاق عليه في مؤتمر سوتشي للحوار الوطني السوري، وتسهيل عمل اللجنة الدستورية والسلات الثلاث الأخرى، والتحضير للانتخابات البرلمانية والرئاسية بإشراف أممي، لتعود بعد ذلك السيادة كاملة للسلطة المركزية في دمشق التي ستمثل حينها شرعية مشاركة كل السوريين بعد توافقهم، حيث لا تعتبر السيادة كاملة طالما ظل الملايين من أبناء الشعب السوري مهجرين يعيشون في المخيمات. وتقع مهمة إعادة هؤلاء إلى منازلهم على عاتق الحكومة السورية، التي يجب عليها فورا الاستجابة للقرار 2254، حتى يستجيب المجتمع الدولي لمساعيها في استعادة سيادتها كاملة، والتي لن تكتمل إلا بعودة اللاجئين إلى أوطانهم. كذلك فإن من بين مظاهر احترام السيادة تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الصادر في حق دولة نتيجة اضطرابات داخلية فيها.

وبعودة السيادة لن يدور الحديث عن أي “تحرير” للأراضي السورية، التي هي في واقع الأمر غير محتلة، وإنما خرجت عن سيطرة الحكومة المركزية في دمشق لعوامل سورية بالأساس، واستدعت تواجدا تركيا وأمريكيا مؤقت، يستند تبريره إلى حماية ومساعدة ملايين السوريين، الذين يتواصلون مع الأمريكيين والأتراك، في عصر لا تقبل فيه الدول ذات السيادة باحتلال أراضيها من قبل دول أخرى. وأنا على يقين من أن الشعب السوري في غرب وشرق سوريا، بما في ذلك أكثر من 2 مليون من الأكراد، يرفضون أي بقاء دائم لأي قوات أجنبية على أراضيهم، ويتمسكون بالسيادة السورية ووحدة الأراضي، ولكنهم في الوقت نفسه يريدون أن يكونوا جزءا من هذه السيادة بالمشاركة الفعلية في تقرير مصيرهم من خلال نظام فدرالي وتوزيع عادل للصلاحيات بينهم وبين المركز.

إن مستجدات الوضع السوري عقب انتهاء اللقاء الثالث للجنة الدستورية المصغّرة تؤكد على أن الأشهر القليلة القادمة وحتى منتصف السنة المقبلة سوف تكون اختبارا حقيقيا لكل طرف أو شخصية سواء من القيادة في دمشق أو من المعارضة، ممن يحملون على أكتافهم مسؤولية إدارة ملفات الحوار واللقاءات التي تنسقها هيئة الأمم المتحدة، وسيكون جليا للعيان من يسعى لحل الأزمة السورية، ومن يسعى لعرقلة هذه الجهود، وسيكون واضحا أمام الجميع من يحافظ على السيادة السورية ووحدة الأراضي، ومن يسعى لإلحاق الضرر بذلك. إن الوضع الراهن غير مستدام حتى ولو حافظت على استمراره أي قوة في العالم، لذلك فإني على ثقة تامة بأن المجتمع الدولي ممثلا في مجلس الأمن سيتخذ إجراءات حاسمة وبموافقة جميع الأطراف وبتهيئة كل الظروف كي يتمكن السوريون من التوصل إلى تحقيق آمالهم بالعيش في دولة واحدة يسودها الأمن والاستقرار والحرية.

لا بد وأن يختفي من أذهان الجميع بشكل نهائي التواجد العسكري التركي والأمريكي والروسي والإيراني، خاصة عند أصحاب القرار في دمشق أو في صفوف المعارضة، حيث أصبح من الواضح أن الرهان على حسم الأمر عسكريا هو أمر مستحيل عمليا، ولن يؤدي استمرار الأوضاع على ما هي عليه الآن سوى إلى تقسيم سوريا، وهو خيار مرفوض نهائيا، لذلك يتعين علينا اللجوء إلى قرار مجلس الأمن رقم 2254، لإيجاد مخرج للكارثة الإنسانية التي تعاني منها كل المناطق السورية. وسوف تضغط كل الدول المتواجدة عسكريا على الأرض السورية بكل الوسائل، وليس الاقتصادية فحسب، من أجل تنفيذ القرار، ولا يعني ذلك بأي حال من الأحوال فرض حدود زمنية للجنة الدستورية، أو فرض أجندات على الحوار السوري السوري، وإنما يعني أن أي شعور بالمماطلة أو عدم الجدية من أي من الأطراف أو الأشخاص أيا كان لن يتم التساهل معه.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫2 تعليقات

  1. كنا نود أن نرد على هذا الفلسطيني الشيوعي المقيم في موسكو والذي يتغذى بالحليب الروسي ، لكن للأسف توقفنا عن التعليق على صفحتكم بعد أن كتبنا كثيراً منها لكنه لم ينشر ..
    هذا الولد يريد إخراج الأتراك والأمريكان لكنه يصر على بقاء القوات الروسية لمتابعة إلقاء ألواح الشكولاتة على الشعب السوري ..فالشعب الذي تذوق حلاوة استعمار الروس لايريد التمتع بجلافة استعمار الأمريكان ….!!!

  2. أشكركم لنشر التعليق رغم مافيه من عتب مرير ، ربما أكون مخطئاً والمسامح كريم ، ربما تكون تعليقاتي بسبب النقل الالكتروني .
    هذا الشاعر وهو ليس بشاعر لكنه متعد على الكلمة لأنه بلا شعور ، هو يقيم في موسكو بعد أن سرق أبوه من مال الشعب السوري في نظام الأسد الأب ، متمتعاً بما لذ وطاب من خيرات الروس وخاصة إقامته بالتحديد في شارع ( الأرباط ) الشهير في موسكو وهو ما يشابه الشارع الأحمر في أمستردام ، أو شارع سوهو في لندن ونحن لا يهمنا مايؤمن به وما يعتقده حتى ولو وكان يعبد الشيطان كما يفعل قدري جميل ، ولكن يهمنا موقفه السياسي المضاد للثورة السورية المجيدة على نظام المخابرات الطائفي ..ولثورات الشعوب عموماً رغم مايعلكه الشيوعيون ليل نهار من نصرتهم للشعوب الطامحة للحرية والديمقراطية …
    وموقف هذا الصعلوك مماثل لموقف العبد البالع دولار العطوان والفلسطينيين عموماً ( وليس كلهم ) في معادتهم للثورة السورية بزعمهم أنها ثورة دينية ، وهم الذين أسهموا مع جيش أبو شحاطة الطائفي بالحرب على الشعب وما طارق الخضراء منهم ببعيد …