دويتشه فيله : بوشيدو شاهد على ” أبو شاكر ” .. محاكمة ” زعيم عصابة عربية “

اشتهر كمغني راب في أوساط العصابات، ومنذ 2018، يعيش بوشيدو تحت حماية الشرطة، وعندما يتجه الموسيقي البالغ من العمر 41 عاماً إلى المحكمة في برلين، فإنه يأتي ضمن موكب سيارات وسيكون محمياً من رجال أمن.

بوشيدو، وهو من جذور تونسية، واسمه الحقيقي أنيس فرشيشي، يظهر كشاهد ومدعي حق في المحاكمة ضد عرفات أبو شاكر وثلاثة من إخوته، فالرجل البالغ من العمر 44 عاماً يُعد زعيم عصابة إجرامية ذات جذور عربية، وبوشيدو وجماعة أبو شاكر كانت لهم طوال سنوات علاقة تجارية وثيقة، لكن بوشيدو يتحدث عن علاقة تشبه “امتلاك شخص” ويحكي عن تحويلات مالية إجبارية وصفقات مشبوهة وعن الإجبار، ويبدو أن زعيم العصابة عرفات أبو شاكر وإخوته هددوا بوشيدو وضايقوه عندما أراد إنهاء العلاقة.

وقد أدلى بوشيدو بتصريحات في عدة أيام، وقدم بذلك لمحة عن العالم الموازي للعصابات الإجرامية، و30% من مداخله أعطاها لأبو شاكر، كما يشرح مغني الراب، وكان المبلغ قد وصل إلى تسعة ملايين يورو في تلك السنوات، وحتى في حال موت عرفات أبو شاكر، وجب عليه الدفع للورثة.

وعندما سألت النائبة العامة ماذا كان يتوقع أن يحصل له لو رفض، كان جواب مغني الراب: “التدخل كلامياً وحتى جسدياً وليس برسالة من المحامي”، ويمكن هنا الوقوف على المبالغ المالية التي يحققها مغنو الراب، كما يلاحظ توم شرايبير، خبير الشؤون الداخلية من الحزب الاشتراكي الديمقراطي في برلمان برلين، وأضاف شرايبير: “التطلع إلى السلطة وممارسة التأثير والحصول على المال وممارسة الضغط، هذه مكونات أساسية في مجال الجريمة المنظمة، والتخويف يلعب دوراً حاسما”.

وحتى تخويف الشهود، كما يعلم المدعي العام رالف كنيسبيل الذي يعمل منذ ثلاثة عقود للنيابة العامة في برلين، واليوم، يرأس قسم جرائم المال وهو بذلك مسؤول عن جنح كبيرة من العصابات، والمحاكمة ضد عرفات أبو شاكر تختلف بالتالي عن مجموع المحاكمات ضد أعضاء العصابات، لأن مع بوشيدو يتكلم كشاهد أمام المحكمة، وهذه ليست هي القاعدة منذ مدة، “وقد يدفع ذلك واحداً إلى هامش اليأس القانوني”، كما يشتكي كنيسبيل أمام شبكة “دويتشه فيله” الإعلامية، ولاحظ كنيسبيل بأن الشهود الذين قدموا في السابق أمام الشرطة معطيات تنفع لإدانة المتهمين يتراجعون عن تصريحاتهم أمام المحكمة حيث يحضر الأصدقاء والمعارف.

وجماعة أبو شاكر التي تمثل مع بوشيدو أمام المحكمة هي واحدة من عائلات عربية كبيرة تجتذب اهتمام الشرطة وبضمها نحو 250 عضواً ليست هي الأكبر، فهناك مثلاً عصابة ريمو التي تضم نحو 500 عضواً، وإحدى العمليات المثيرة لهذه الجماعة هي سرقة عملة ذهبية تزن مائة كيلوغرام من متحف “بوده” في برلين عام 2017، وثلاثة أعضاء من العصابة حوكموا في شباط الماضي بعقوبات بالسجن لعدة سنوات، والقطعة الذهبية بقيمة تتجاوز ثلاثة ملايين يورو ما زالت مختفية.

وتبين أثر جريمة العصابات على مستوى المانيا في خريف العام الماضي عندما اهتمت الشرطة الجنائية في تقريرها بالجريمة المنظمة التي تنشط بالأساس في تجارة المخدرات والسطو، والجزء الأكبر من المحاكمات يحصل في ولاية شمال الراين فيستفاليا.

داخل الشرطة الجنائية في دوسلدورف يرأس توماس يونغبلوت قسم الجريمة المنظمة، “عكس مجموعات أخرى مثل الجريمة المنظمة الايطالية والروسية وكذلك مجموعات الروك تبقى العصابات الإجرامية مرتبطة جداً ببعضها البعض”، كما يشرح يونغبلوت أمام شبكة “دويتشه فيله”، “العائلة هي كل شيء، والدفاع بكل ثمن عن شرف العائلة،وهنا ينطبق أيضاً قانون القوي.. هنا تلعب تصورات عتيقة دورا”.

وفي منتصف آب، كان يونغبلوت يقف إلى جانب وزير داخلية شمال الراين فيستفاليا، هربيرت رويل، الذي قدم التقرير الثاني عن جرائم العصابات في شمال الراين فيستفاليا، موضحاً أن في عام 2019 هناك 111 عصابة ناشطة، وحوالي 3800 مشتبه بهم ارتكبوا أكثر من 6000 جنحة في شمال الراين فيستفاليا.

وفي إطار مكافحة هذه العصبات الإجرامية تم في مدينة إيسن، تم إطلاق مشروع فريد تحت اسم “مؤتمر أمن الرور”، “مدن من منطقة الرور التأمت وجمعت قدراتها وتجاربها مع سلطات الأمن المحلي وإدارات الأجانب ومجال الجمارك ومجال الشرطة”، كما يشرح رجل الشرطة الجنائية يونغبلوت.

ورئيس بلدية ايسن، كوفين، يتحدث بشكل ملموس، ويقول: “مقاهي الشيشة وقاعات القمار تتعرض باستمرار للمراقبة، ويتم النظر بدقة في المقاهي والمتاجر ومحلات الحلاقة”، هناك “حيث نشتبه في أنه لا أحد يجلس هناك ثم في النهاية يُعلن عن مداخيل لدى إدارة الضرائب بحيث أننا نشتبه في وجود غسيل أموال”.

والقمع وحده لا يكفي بالنسبة إلى توماس كوفين، فإلى جانب توضيح الحدود والبرهنة على الشدة يجب تقديم فرص، “فبواسطة المداهمات والتحرك الدقيق ضد جريمة العصابات نقدم أيضاً عروضاً ملموسةً للشباب الذين وُلدوا هنا ولا يتحملوا أي جنحة”.

ويعرف كوفين الوضع الاشكالي لكثير من أعضاء العصابات، بالرغم من أنهم وُلدوا في المانيا، لا يتوفرون على رخصة إقامة، ويؤكد رئيس بلدية إيسن أن الاندماج مرتبط أيضًا بآفاق في الإقامة ويأسف لكون البلديات من ناحية القانون ليس لها مجال تحرك كبير، لكن كوفين يوضح في آن واحد: “وضع قانوني غير كافي لا يشكل ذريعة ليصبح الشخص مجرماً في المانيا”، أما توم شرايبير فيستدل بدراسة، ويقول إن بعض الناس تم الدفع بهم إلى عالم الجريمة، وهذا الخبير في الشؤون الداخلية مقتنع “من أنه إذا لم يندمج الأشخاص لا في سوق العمل وليس لهم مثلاً إمكانية تعلم الألمانية والتحول إلى جزء من المجتمع، بل للتهميش، فلا عجب من أن تتكون بنا معينة في هذا الوسط”.

وبالتالي كانت علاقة عرفات أبو شاكر مع بوشيدو مفيدةً لزعيم العصابة من ناحيتين، فأولًا من خلال الملايين التي حصل عليها من مغني الراب، وثانياً من خلال اللمعان الاجتماعي الذي يسقط من بوشيدو عليه، فالوقوف إلى جانب الموسيقي في حفل فوق البساط الأحمر كان ربما أهم رمز يعكس تحقيق النجاح في المانيا.

ماتياس فون هاين – دويتشه فيله[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها