بريطانيا : اكتشاف عنكبوت “ الثعلب ” المختفي منذ ربع قرن

شاهد عاملون بمنظمة اتحاد حماية الحياة البرية، عنكبوت الثعلب الكبير، وهو أحد أكثر الفصائل عرضةً للانقراض في بريطانيا، للمرة الأولى منذ أكثر من ربع قرن.

المعنيُّون بالحفاظ على البيئة قالوا حسب صحيفة The Daily Mail البريطانية، إنه قد شوهِد 22 عنكبوتاً إجمالاً من فصيلة الثعلب الكبير، ومن بينهم 10 ذكور بالغين وأنثى بالغة واحدة، بحجم يزيد قليلاً على إنشين (5 سنتيمترات) بقطر 55 ملليمتراً، متضمنةً أرجل العنكبوت الشائكة المشعرة.

أحد هؤلاء المهتمين بالبيئة مايك وايت، وهو مُراقب عناكب هاوٍ تابع لمنظمة اتحاد حماية الحياة البرية بمقاطعة سري (Surrey Wildlife Trust) والذي وجد أن الفصيلة بأعدادها المذكورة في منطقةٍ تدريبية تابعة لوزارة الدفاع البريطانية.

يندرج عنكبوت الثعلب الكبير (واسمه العلمي alopecosa fabrilis) تحت قوائم الفصائل “المعرَّضة بشكلٍ حرِج لخطر الانقراض”، وخُشِي أن يكون قد انقرض بالفعل، إذ لم يُرَ منذ عام 1993. وتقول المنظمة إن فصيلة العنكبوت هذه تمتلك حاسة بصرٍ ممتازة، وسرعة وقدرة على التخفّي، إضافة إلى أنَّه حيوانٌ مفترس يتحيَّن فرصة الصيد ليلاً.

سُمّي العنكبوت باسمه الشائع “العنكبوت الكبير” نسبةً إلى عادته الشبيهة بالثعالب، بأن يطارد فريسته عبر الأراضي الرملية، والحصى والصخور، قبل الانقضاض عليها.

تُشَل حركة فريسته، وقد تكون من حشراتٍ كالخنافس، والنمل، والعناكب الأصغر حجماً، بعد أن يحقِنها الثعلب الكبير بسمِّه، الذي يذوّب أعضاءها الداخلية. عندئذٍ يحين للعنكبوت وقت التهام صَيده، باستخدام الزوائد الأمامية المزوَّدة بأنياب لدى العنكبوت، وتُسمَّى الخطاطيف (chelicerae).

لم يفقد وايت قَط الأمل في أن يتمكَّن من إيجاد العنكبوت المتوحّش، وقضى ساعاتٍ في وقتٍ متأخر من الليل يبحث عن الفصيلة النادرة باستخدام مصباحٍ يدوي على مدار العامين الماضيين. ثم شوهِدت الفصيلة أخيراً على أرضٍ تابعة لوزارة الدفاع البريطانية، يديرها اتحاد الحفاظ على البرمائيات والزواحف.

وايت قال إنَّ العنكبوت موجودٌ في المملكة المتحدة على أطراف نطاق وجوده الطبيعي، وهذا يفسر نُدرة وجوده هنا. وهذا الكائن مُدهش المنظر لهو وحشٌ مُبهِر الخواص؛ نظراً إلى براعته في التخفّي ونشاطه الليليّ، ومع أنَّ حجمه ليس بقليل، فقد عُرفَ عنه أنَّه صعب المنال.

كما أضاف وايت أنه في غاية السعادة لأنّه استطاع أخيراً أن يثبت استمرارية وجود الثعلب الكبير في المملكة المتحدة. وأضاف: “ومع أنِّي لطالما كان لديَّ اهتمام كامن بالعناكب، باعتباري عالِم عناكب حسن النية، إلا أنِّي ما زلتُ مستجداً، وهذا يُضاعف سعادتي بأن يكون لي إسهامٌ بهذه الأهمية في معرفتنا العلمية بالعناكب”.

هذه الفصيلة، وهي كائناتٌ حفَّارة بالأرض يتركّز أغلب نشاطها ليلاً، واحدة من كبرى الفصائل حجماً من عائلة الثعلب الذئب، وتُسمَّى Lycosidae.

عند الحاجة للمأوى، تحفر هذه العناكب جحوراً أو حفراً تحت الصخور وجذوع الأشجار، وتصنع لأنفسها جحراً مبطناً بالحرير تحتمي به في الشتاء.

جو فوت، من منظمة اتحاد حماية الحياة البرية بمقاطعة سُري، قال متحدثاً للموقع الإلكتروني لصحيفة “ديلي ميل” البريطانية: “لدى الذكور جسمٌ أصغر قليلاً وأرجل أطول قليلاً، لكنَّهم تقريباً بحجم الإناث نفسه”.

أضف إلى ذلك ما قاله نيك بيكر، وهو عالم طبيعة، ومقدّم برامج تلفزيونية، ورئيس جمعية علماء العناكب البريطانية من أنه ربما لا يكفي وصفه بـ”الكبير”، ربما يجب أن يُسمَّى عنكبوت الثعلب العظيم، أو المدهش. وأضاف: “وحتى إن لم تؤخَذ بالحُسبان القصة وراء نُدرته واكتشافه، فإنَّ هذا العنكبوت رائعٌ في حد ذاته”.

كما قال إنَّه أجمل ما يكون بمقاييس العناكب، وهو كبير الحجم، والآن أخيراً قد عاد ليكون فرداً رسمياً من الحيوانات القاطنة المملكة المتحدة. وأخيراً قال إنَّ “إعادة اكتشاف عنكبوت الثعلب الكبير لهي بحقٍّ أكثر الأنباء إثارةً في دوائر الحياة البرية منذ وقتٍ طويل. وأنا سعيدٌ أنَّ هذا الاكتشاف في أيدٍ أمينة”.

كانت قد شوهِدت الفصيلة في 3 مواقع لا غير -موقعان في مقاطعة دورسيت وموقع بمقاطعة سري- لكنها لم تُرَ مجدداً حتى العام الجاري (2020). وينوي وايت أن يستمرّ في بحثه، ليقدّر عدد عناكب الثعلب الكبير في المملكة المتحدة.[ads3]