دويتشه فيله : كونراد دودن .. ” أب علم الإملاء الألماني “
ولد كونراد دودن في الثالث من كانون الثاني 1829 في لاكهاوزن، وهي اليوم جزء من مدينة فيسيل، غربي ألمانيا، وكان والده ضابط سكة حديد وأسلافه من العائلات العريقة، وارتاد المدرسة الثانوية المحلية في فيسيل، وحصل على الشهادة العليا فيها، ثم بدأ بدراسة علم فقه اللغة الكلاسيكي وآداب اللغة الألمانية والتاريخ في جامعة بون.
ولعدم تمكنه من تمويل دراسته الجامعية، اضطر لترك الجامعة وانتقل إلى مدينة فرانكفورت ليعمل فيها كمدرس خصوصي، وبعد اجتيازه لامتحاناته الجامعية في عام 1854، قامت اللجنة القائمة على الامتحانات بتقييم مستواه بالمقبول ونصحته بضرورة تحسين معلوماته القواعدية في اللغة.
وبعد دراسته الجامعية، بدأ دودن بكتابة أطروحة الدكتوراه، ولكنه لم يكملها، وانتقل إلى جنوا بإيطاليا، ليعمل فيها كمدرس خصوصي، حيث تعرف على أديلينه ياكوب، ابنة القنصل الألماني في ميسينغ، وتزوج منها، لكن حنانه واشتياقه لألمانيا لم يمنعه من العودة إليها من جديد، حيث بدأ يتسلق السلم المهني بسرعة، فعمل في مدرسة “سويست” الثانوية، ليصبح فيها بعد وقت قصير نائباً لمدير المدرسة، ومن ثم انتقل إلى مدرسة ثانوية في ولاية تورينغن، حيث عمل مديراً لمدرسة “باد هيرسفيلد” الثانوية من عام 1876 وحتى عام 1905.
وكان دودن قد حدد هدفه منذ وقت طويل، ولهذا قام في عام 1872 بنشر أول عمل له بعنوان “قواعد الإملاء والتهجئة الألمانية، المقالات والمعجم الاشتقاقي”، تضمن المعجم طريقة كتابة ولفظ موحدة لألفاظ اللغة الألمانية، لم يكن توقيت دودن في تقديم عمله صدفةً، فقبل عام واحد فقط تم تأسيس الرايخ الألماني الثاني، ولهذا كان دودن يطمح بوضع أساس قواعدي موحد للكتابة في جميع ولايات الرايخ.
وفي عام 1876، باءت محاولته في توحيد طريقة الكتابة في اللغة الألمانية في المؤتمر الذي خصص لذلك بالفشل، وذلك لمعارضة مستشار الرايخ الألماني آنذاك، أوتو فون بسمارك، والذي قام بمنع استخدام هذه القواعد في الدوائر البروسية، لكن إصرار دودن كان كبيراً، ولأنه كان يعرف أنه بدون بروسيا لن يستطيع تحقيق حلمه، قام في عام 1880 بنشر أهم مؤلفاته بعنوان “المعجم الشامل لقواعد الإملاء في اللغة الألمانية”، وهو ما كان يعرف بـ “معجم دودن الأول”، وتم الاعتراف بهذا العمل كأساس لقواعد الإملاء الألمانية في المؤتمر الثاني الذي عقد في هذا الشأن.
وفي عام 1902، قامت معظم الولايات الألمانية باعتماد قواعد موحدة للإملاء تبعتها دول أخرى ناطقة بالألمانية مثل النمسا وسويسرا، ولم يكن هناك قواعد محددة لعلم الإملاء، ولذلك كان دودن مشغولاً بالبحث وجمع الكلمات وتصنيفها وكان معجمه مليئاً بالأخطاء، وأثناء قيامه بنشر الطبعة السابعة لمعجمه، صرح دودن أنه لم يصل بعد إلى هدفه المرجو وأنه ما زال في منتصف الطريق، ولهذا، بقي دودن يواصل العمل الجاد في تنقيح المعجم وتصحيح الأخطاء فيه وذلك حتى وفاته في الأول من آب 1911، في زوننبيرغ، بالقرب من مدينة فيسبادن.
وخلال عشرين عاماً، ارتفع عدد كلمات معجم دودن الأول ليصل إلى الضعف، ومنذ عام 1905 وحتى يومنا هذان تحمل النسخة المعتمدة لقواعد الإملاء الألمانية اسم مؤلفها الأول: دودن. (DW)[ads3]