دويتشه فيله : ألمانيا .. لماذا تكون اللاجئة لقمة سائغة للعنف المنزلي ؟
“مطالبون جميعاً بالتدخل عندما يكون هناك تهديد بالعنف (ضد النساء) أو حتى عندما يحدث ذلك، كما يجب أن يعرف الجناة أنهم سيواجهون عقوبات، ويجب أن تعرف المتضررات أيضاً من أين يحصلن على الدعم”.
بهذه الكلمات، دعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل مواطنيها إلى عدم قبول العنف ضد النساء بمناسبة اليوم العامي للقضاء على العنف ضد المرأة الذي يوافق الـ25 من تشرين الثاني.
ويشكل العنف المنزلي معضلة حقيقية في ألمانيا، كما ترى يوليا شيفر، رئيسة مكتب التنسيق الحكومي لمكافحة العنف المنزلي في وزارة العدل لولاية هيسن الألمانية.
وتقول شيفر في مقابلة مع شبكة “DW” الإعلامية: “كل يوم في ألمانيا يحاول رجل تصفية زوجته/ شريكته أو زوجته/ شريكته السابقة جسدياً، فيما يٌسجل هذا النوع من الجرائم كل ثلاثة أيام”، وتضيف المستشارة القانونية الألمانية: “جريمة القتل لا تحدث بين عشية وضحاها، بل إنها غالباً ما تكون ذروة نهاية قصة طويلة من العنف المنزلي الذي يبدأ بالإهانات وممارسة الضغط الاقتصادي”.
وأوردت إحصائيات من مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية، أن العنف المنزلي في ألمانيا ازداد خلال السنوات الأخيرة، وشهدت فترة العزل المنزلي بسبب كورونا ارتفاعاً ملحوظاً في عدد بلاغات العنف، حيث وصلت إلى زيادة قاربت 10% في المدن، بحسب تصريحات وزيرة الأسرة الألمانية فرانتسيسكا غيفي لموقع صحيفة “دي تسايت” الألمانية في نيسان الماضي.
وسُجلت 141 ألف حالة عنف منزلي حسب دراسة لوزارة شؤون الأسرة وكبار السن والنساء والشباب الألمانية أجريت عام 2018، وتقدم هذه الدراسة التي تحمل عنوان “أمن وصحة المرأة وحالتها المعيشية في ألمانيا” مؤشرات على أن النساء اللاجئات والمهاجرات أكثر عرضة للعنف في العلاقات الزوجية من نظيراتهن دون خلفيات مهاجرة.
وأظهرت الدراسة أن كل سادس امرأة من أصول تركية سبق وأن تعرضت للعنف الجسدي والنفسي الشديد أو العنف الجنسي من طرف شريكها الحالي، ونفس الأمر تعرضت له نسبة 9% من النساء المنحدرات من دول الاتحاد السوفييتي السابق، بينما جاءت هذه النسبة في حدود 5% عند النساء الألمانيات.
وأكد المشرفون على الدراسة أن نتائجها لم تٌبن أساساً على الأصل العرقي، وإنما تمت فيها مراعاة سياق الهجرة والأعباء المرتبطة بها، والتي تزيد من ارتفاع العنف النفسي، وهو ما تظهره قصة لاجئة سورية مع العنف المنزلي عرضتها صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” الألمانية في عددها الصادر في الـ 25 من تشرين الثاني 2020، تزامناً مع اليوم العالمي للعنف ضد المرأة.
هذه اللاجئة وصلت إلى ألمانيا في خضم موجة اللجوء قبل خمس سنوات هاربة من جحيم الحرب في بلادها، لتجد نفسها بعد ذلك مضطرة للهرب مرةً أخرى، لكن هذه المرة من جحيم زوجها.
مشاكلهما بدأت، كما تقول، عند انتقالهما إلى شقتهما بعد فترة طويلة من العيش في مراكز إيواء اللاجئين، وهنا “تغير الزوج، وكأنه خلع قناعاً كان يرتديه، تضيف اللاجئة السورية، مؤكدةً توالي الشجارات بينهما، والتي بدأت بالإهانات اللفظية قبل أن تتطور للعنف الجسدي والاغتصاب الزوجي.
وهناك بعض العوامل الأساسية التي تفسر تعرض المهاجرات للعنف بشكل أكبر، مقارنةً بغيرهن، ويمكن إجمال هذه العوامل في وضعيتهن الاجتماعية الصعبة ونقص التعليم وضعف اندماجهن المهني، بالإضافة إلى قلة مواردهن الاقتصادية.
ونظراً لاعتماد المهاجرات على أزواجهن بشكل كامل، كما توضح هذه الأسباب، وأيضاً بسبب ضعف المهارات اللغوية لديهن، يصعب عليهن تحرير أنفسهن من العلاقات العنيفة، وهذا ما يزيد من ارتفاع حالات العنف وتكرارها، كما يزيد من ظهور حالات العنف الحاد.
ويشار إلى أن ألمانيا وضعت خطة عام 2018 لاستثمار 35 مليون يورو في برنامج عمل لمواجهة العنف ضد النساء، وذلك بإقامة المزيد من مراكز تقديم الاستشارة لضحايا العنف من النساء وتشييد المزيد من المراكز لإيواء النساء المتضررات.
وبإمكان النساء من ضحايا العنف في ألمانيا الاتصال بعدة مراكز متخصصة والاستفادة من خدمة هاتف مركز معالجة “العنف ضد النساء” التابع لمكتب شؤون العائلة ومهام المجتمع المدني، حيث يمنح هاتف الإغاثة دعماً أولياً على مدار اليوم بشكل سري وبسبع عشرة لغة. (DW)[ads3]