فيروس كورونا يصطدم بالسياسة الألمانية مع بداية عام الانتخابات في البلاد

تصطدم جائحة كورونا بالسياسة في ألمانيا، حيث تشرع البلاد في حملة التطعيم مع التحضير لإحدى أصعب الانتخابات التي لا يمكن التنبؤ بها في تاريخ البلاد منذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.

وبعد أشهر من الإدارة المتناغمة نسبيًا للوباء، يتهم يسار الوسط، وهو الشريك الأصغر في الائتلاف الحكومي، السلطات بما أطلق عليه “بداية فوضوية لتطعيم المواطنين”.

ومن المحتمل أن يكون الخلاف إحدى علامات الفترة المقبلة، حيث من المقرر أن يبدأ الماراثون الانتخابي في ألمانيا منتصف آذار المقبل، وسيتم تنظيم موعدين اثنين لانتخابات الولايات الست، المقرر إجراؤها هذا العام، وتبلغ ذروة الانتخابات في الـ 26 أيلول، عندما يختار الألمان برلمانًا وطنيًا جديدًا.

وستساعد خيارات ألمانيا في تحديد توجه أوروبا في السنوات القادمة، وتعتزم ميركل التي تقود ألمانيا منذ 2005 مغادرة منصبها في انتخابات الخريف.

وأظهرت استطلاعات الرأي قبول الألمان للسياسة التي اتبعتها أنغيلا ميركل، التي تبلغ من العمر 66 عاماً، للتعامل مع الوباء، حيث اعتمدت نهجًا قائمًا على العلم والأمان أولاً، وساعد حزب يمين الوسط، الذي تنتمي إليه، على تحقيق تقدم قوي في الاستطلاع، رغم أن ألمانيا تكافح منذ الخريف للسيطرة على الفيروس.

وأكد وزير الصحة ينس شبان، الأربعاء: “يمكننا أن نكون سعداء في ألمانيا وأوروبا بوجود مستشارة من ذوي الخبرة مثل أنغيلا ميركل في هذا الوباء”.

لكن مع بداية العام الجديد وقرب نهاية “عهد” ميركل، بدا الحزب الاشتراكي الديمقراطي، والذي دخل على مضض في ائتلاف مع ميركل بعيد آخر انتخابات ألمانية، محبطاً من البداية البطيئة للتلقيح، وهو ما يمهّد لفتح “العداوات السياسية”، والأمين العام للحزب، لارس كلينغبيل، قال: “كان من الواضح دائمًا أن بداية اللقاحات ستكون النقطة التي سنرى عندها نهاية النفق، والآن نرى أننا في وضع أسوأ بكثير من البلدان الأخرى، طلبنا لقاحًا قليلًا جدًا، بالكاد توجد استراتيجية معدة “.

وقال إن المسؤولية عن ذلك تقع على عاتق شبان، النجم الصاعد في اتحاد ميركل الديمقراطي المسيحي.

وبحسب ما ورد، أرسل وزير المالية أولاف شولتز، وهو نائب المستشارة ميركل ومرشح الديمقراطيين الاجتماعيين لمنصب المستشار في الانتخابات الفيدرالية لهذا العام، إلى شبان قائمة أسئلة حول القضايا المتعلقة باللقاحات.

ورفض شبان الانتقادات، قائلاً إن السياسيين يجب أن يتعلموا من الأخطاء، لكن حملة التطعيم الألمانية تسير وفقاً للتوقعات، وأضاف: “لقد كان من الواضح لأسابيع وشهور أنه سيكون لدينا القليل جدًا من اللقاح في البداية، لأن طاقات الإنتاج ما تزال محدودة”، وأشار وزير الصحة إلى أنه تم اتخاذ قرار متعمد بتطعيم الأشخاص الأكثر هشاشة في دور رعاية المسنين أولاً، وأن هذه العملية تستغرق وقتًا طويلاً نسبيًا.

وكانت ألمانيا قد لقحت ما يقرب من 477000 شخص بحلول يوم الجمعة، أي بعد أسبوع ونصف من بدء إعطاء اللقاحات ضد فيروس كورونا، وهذا عرض أفضل من العديد من الدول الأوروبية، لكن النقاد يشيرون إلى تقدم أسرع في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وإسرائيل.

واتهم البعض في الائتلاف الحاكم وفي أماكن أخرى الاتحاد الأوروبي بإفساد طلب اللقاحات، لكن ميركل تصر على أن تولي الاتحاد الأوروبي زمام المبادرة في طلب الجرعات كان وما يزال هو الشيء الصحيح الذي ينبغي القيام به.

وكانت إدارة ألمانيا لحالة طوارئ الصحة العامة نقطة إيجابية نسبيًا في أوروبا خلال المرحلة المبكرة من الوباء، ومع ذلك، زادت الوفيات المرتبطة بالفيروس بشكل كبير في الشهرين الماضيين، ومددت الحكومة هذا الأسبوع وشددت الإغلاق الثاني في البلاد.

ويبدو ينس شبان الهدف المغري للمعارضين السياسيين، ليس فقط كوزير للصحة، ولكن بسبب عدم ظهور أي مرشح لخلافة ميركل، يرى البعض في شبان مرشحاً محتملا.

ومن المقرر أن يختار حزب ميركل زعيمًا جديدًا في 16 من هذا الشهر، وترددت أسماء ثلاثة مرشحين رئيسيين لزعامة الاتحاد الديمقراطي المسيحي، وهي فريدريك ميرز، المحافظ والمنافس السابق لميركل، وأرمين لاشيت، حاكم ولاية شمال الراين فستفاليا، والنائب البارز نوربرت رويتغن، ولكن لا ندري هل سيتمكن هؤلاء من مضاهاة جاذبية وكاريزما ميركل الواسعة، وترددت أنباء أن شبان يسعى لأن يكون نائباً لأرمين لاشيت.

وفي مرحلة أخرى، ستختار كتلة يمين الوسط، بزعامة ميركل، المكونة من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي وحزب بافاريا الشقيق الوحيد، الاتحاد الاجتماعي المسيحي، مرشحًا لمنصب المستشار.

واكتسب حاكم ولاية بافاريا ماركوس زودر، زعيم الاتحاد الاجتماعي المسيحي، مكانةً خلال الوباء، كمدافع قوي عن إجراءات الإغلاق الصارمة، ويُنظر إليه كمنافس محتمل آخر لخلافة ميركل، أو يمكن أن يلجأ الطرفان إلى شخص آخر غير قادتهما.

وتعد الأحزاب الموجودة حاليًا في الحكومة الألمانية تقليديًا الأكبر في البلاد، لكن الديمقراطيين الاشتراكيين، الذين قدموا ثلاثة من ثمانية مستشارين في ألمانيا بعد الحرب، متراجعون في استطلاعات الرأي، بعد أن عملوا كشركاء “صغار” لميركل طوال فترة ولايتها، باستثناء أربع سنوات.

ويتمتع الحزب بتأييد أقل في استطلاعات الرأي من حزب الخضر البيئي، الذي من المرجح أن يقدم أول ترشح له إلى المستشارية هذا العام، لكن لم يتم إلى حدّ الآن التوافق على اسم معين.

ووصف الزعيم المشارك لحزب الخضر، روبرت هابيك، الخلاف في الائتلاف الحاكم بأنه “مثير للشفقة”، وقال لقناة “ان تي فاو” التلفزيونية الألمانية: “إن استراتيجية التطعيم جيدة لكن طريقة تنفيذها بائسة”.

يبقى أن نرى كيف ستتطور استطلاعات الرأي مع تشكل ساحة المعركة السياسية في عام 2021، وفي الأثناء يسعى تحالف ميركل إلى تلميع صورته بالشكل الذي كانت عليه قبل انتشار الوباء. (EURONEWS – AFP)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها