رشوة انتخابية .. نتنياهو يعلن خطة اقتصادية تتضمن منحاً مالية للإسرائيليين

تبدو مهمة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو البقاء في الحكم بعد الانتخابات العامة الرابعة في مارس/ آذار القادم أصعب مما كانت عليه في الجولات الانتخابية الثلاث منذ العام 2018.

وتنبع صعوبة مهمة البقاء في الحكم من إنقلاب أوساط في اليمين عليه أبرزها الوزير المنشق عن “الليكود” غدعون ساعر مؤسس ورئيس حزب “أمل جديد”، حيث بات الاصطفاف داخل الحلبة السياسية الإسرائيلية مختلفا ويتركز بين معسكر نتنياهو ومعسكر المناهضين له من مختلف الأحزاب والاتجاهات السياسية، بحسب ما أوردت صحيفة “القدس العربي”.

كذلك تجري رياح الكورونا بما لا تشتهيه سفن نتنياهو فقد سارع قبل نحو الشهرين للاتفاق مع شركات اللقاحات المضادة للعدوى وفعلا تطعم عدد كبير من الإسرائيليين حتى الآن. وتحتل إسرائيل الدولة الأولى من ناحية نسبة المتطعمين ويواصل نتنياهو تسييس الموضوع والتلويح بذلك في محاولة لكسب نقاط انتخابية. غير أن ظهور أنواع جديدة من الفايروس المتحوّر في إسرائيل أيضا يزيد من عدد المصابين ويحول دون نجاح نتنياهو بتحقيق هدفه المعلن بتوفير اللقاحات لكل الإسرائيليين قبيل الانتخابات الرابعة مما يمس بحملته السياسية وبمخططه في زيادة قوة “الليكود” لحد الـ40 مقعدا.

وتنبه “هآرتس” إلى أن جزء كبير من حملة نتنياهو الانتخابية تقوم على إظهار إنجازات بتراجع اتشار فيروس كورونا وتلقي ملايين المواطنين التطعيمات بلقاح مضاد للفيروس، إلا أن انتشار طفرة كورونا البريطانية والجنوب إفريقية سريعة الانتشار والأكثر خطورة من شأنها قلب حسابات نتنياهو.

وأوضحت أن نتنياهو أمل بالوصول إلى تطعيم خمسة ملايين مواطن حتى يوم الانتخابات، وفتح المرافق الاقتصادية، وأن يظهر بذلك وجود فجوة بين إسرائيل وبين الدول الأوروبية والولايات المتحدة، التي مازالت متورطة بالعدوى.

وعلى خلفية هذه المعطيات كان نتنياهو قد غيّر تعامله مع المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل واستبدل هذه المرة الاستعداء بمحاولات الاحتواء بالتزلف والكلام المعسول والتأكيد على رغبته بتلبية الحقوق المدنية للمواطنين العرب وعلى رأسها المصادقة على خطة حكومية لمحاربة العنف والجريمة المتفشية في الشارع العربي.

ومن أجل تحقيق هدفه المراد برفع قوة حزبه “الليكود” لا يكتفي نتنياهو بالتلويح بالتطعيمات وبمحاولة قنص مقعدين وأكثر من البلدات العربية فقد أعلن نتنياهو ووزير المالية يسرائيل كاتس عن خطة اقتصادية جديدة تتضمن العديد من المنح والتخفيضات المختلفة للمواطنين وهذا ما اعتبرته أوساط سياسية مناهضة له وجهات إعلامية “رشوة سياسية” عشية الانتخابات، مرجحة أن يشطب المستشار القضائي للحكومة الكثير من بنودها.

منحة لكل مواطن

وقدم نتنياهو وكاتس الخطوة، دون مشاركة المسؤولين الماليين رغم أن المستشار القضائي لحكومة الاحتلال أفيحاي ماندبليت أوضح لهما أنه يجب الحصول على الموافقة القانونية لأي خطوة من هذا القبيل بسبب القرب من موعد الانتخابات العامة.

وتشمل هذه الخطة منحًا للأعمال التجارية، بالإضافة إلى خطة لتوزيع المنح مباشرة على المواطنين- وهي خطوة تم تنفيذها على مرحلتين في الماضي. وهذه المرة يقترح توزيع الأموال على جميع المواطنين إذ سيحصل كل مواطن بالغ على 750 شيكل (200 دولار) ومبلغ أقل لكل طفل. ويتضمن البرنامج أيضًا منحة للأعمال المتأثرة بنسبة 25% أو أكثر من حجم أعمالها.

ويذكر أنه تم إعداد الخطة ونشرها دون إطلاع وزير الأمن ورئيس الحكومة البديل بيني غانتس ودون مشاركة المستوى المهني في وزارة المالية التي لم تعرف ما ينوي نتنياهو وكاتس تقديمه للجمهور.

وقالت صحيفة هآرتس إن “الخطة الاقتصادية” التي اقترحها نتنياهو وكاتس هي “خطة سياسية” ويقودها المتحدث باسم حزب “الليكود” وليس المتحدث باسم وزارة المالية. يذكر أيضا أنه في الأيام الأخيرة، أرسل المستشار القضائي للحكومة مذكرة إلى كاتس يحذره فيه من استخدام ميزانية الدولة لتعزيز ما يسمى بـ”اقتصاد الانتخابات” وتوزيع المنح، وعدم القيام بدعاية انتخابية حول توزيع المنح على الجمهور. ولذلك من المرجح ألا تخرج خطة الرشاوى هذه لحيز التنفيذ لكن نتنياهو يتطلع لزيادة شعبيته بفعلها وتوجيه التهم للموظفين الكبار الذين “يحولون دون قيامه بمد يد العون لهم وللمتضررين من تبعات انتشار عدوى الكورونا”.

ردا على خطة نتنياهو الاقتصادية وكاتس أوضحت وزارة القضاء في حكومة الاحتلال أنها أيضا لا تعرف ما هي الخطة ولم تتم الموافقة عليها وقالت إن تفاصيل أي خطة اقتصادية- طالما أنها موجودة- لم تعرض على المستشار القضائي وبالتالي لا يمكن تنسيق أي شيء على أي حال. وتابعت وزارة المالية بمستواها المهني “حتى الأسبوع الماضي لم يتم تقديم أي خطة إلى المستشار القضائي وأن ما قيل في رسالته استند فقط إلى المعلومات العامة والأولية التي تم لفت انتباهه إليها”.

استطلاعان متشابهان

وأظهر استطلاع للرأي جديد للقناة 13 استمرار تصاعد قوّة الليكود إلى 32 مقعدًا وثبات القائمة المشتركة عند عشرة مقاعد. وجاءت النتائج على الشكل الآتي: الليكود (32 مقعدًا)، “هناك مستقبل” برئاسة يائير لبيد ( 18 مقعدًا) وحزب “أمل جديد” برئاسة غدعون ساعر ( 14 مقعدًا) والقائمة المشتركة (10 مقاعد) “يمينا” برئاسة نفتالي بينيت (10 مقاعد) “يهدوت هتوراه” (7 مقاعد)، “شاس” (6 مقاعد) “يسرائيل بيتينو” برئاسة أفيغادور ليبرمان ( 5 مقاعد) “ميرتس” (5 مقاعد ) و “أزرق- أبيض” (4 مقاعد) و”الإسرائيليّون” برئاسة بلديّة تل أبيب، رون حولدائي (4 مقاعد).

كما بيّن استطلاع الرأي تجاوز حزب العمل نسبة الحسب لأول مرّة منذ أشهر، إثر فوز عضو الكنيست، ميراف ميخائيلي، برئاسة القائمة في انتخابات تمهيدية جرت أمس الأول. ولكن ورغم تصاعد قوّة الليكود، إلا أن نتنياهو لن يكون قادرًا على تشكيل حكومة، حتى لو انضمّ إليه نفتالي بينيت. بينما لن يتمكّن خصومه من تشكيل حكومة دون القائمة المشتركة، ما يوحي بأزمة على شاكلة الأزمات السياسية السابقة ويفتح الباب أمام ذهاب إسرائيل لانتخابات خامسة نظرا لتكريس حالة تعادل بين معسكر نتنياهو وبين معسكر المناهضين لنتنياهو.

كما أشار استطلاع الرأي إلى استمرار تراجع حزب ساعر، من 21 مقعدًا عند انطلاق حزبه في كانون أوّل/ ديسمبر الماضي، إلى أقلّ من 14 مقعدًا الآن، ما يعطي انطباعًا باحتمال أن يشكّل لبيد الحكومة المقبلة، لا ساعر.

وأظهر استطلاع آخر نشرته إذاعة تل أبيب أن حزب “الليكود” ارتفع قليلا وحاز على 31 مقعدا لكن احتمالات تشكيله حكومة ما زالت قليلة رغم حالة التشظي والشرذمة في معسكر الوسط – اليسار الصهيوني المناهض لنتنياهو.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها