” معسكرات إعادة التثقيف ” .. شهادات محتجزات عن الاغتصاب الجماعي والتعذيب في الصين

قضت تورسوناي زياودون تسعة أشهر حبيسة شبكة معسكرات الاحتجاز الصينية.

كان الرجال يرتدون الكمامات طيلة الوقت، حسب ما تقول تورسوناي، رغم عدم انتشار الوباء في ذلك الوقت، كما كانوا يرتدون البدلات المدنية، وليس زي الشرطة.

وبعد انتصاف الليل بقليل، جاءوا إلى الزنزانات بحثا عن نساء واقتادوهن من خلال ممر إلى “غرفة سوداء” خالية من أجهزة الرقابة.

وتقول تورسوناي إنهم اقتادوها إلى هذه الغرفة في ليال عدة، مضيفة: “ربما كانت هذه أسوأ تجربة مررت بها في حياتي”.

قضت تورسوناي تسعة أشهر في معسكرات الاحتجاز الصينية الواسعة والسرية في إقليم شينجيانغ. وحسب التقديرات المستقلة، يقال إن أكثر من مليون من الرجال والنساء قد احتجزوا في هذه المعسكرات الكبيرة التي تقول الصين إنها أسست “لإعادة تثقيف” الإيغور وغيرهم من الأقليات الإثنية.

وتقول المنظمات المعنية بحقوق الإنسان إن الحكومة الصينية قد جرّدت الإيغور تدريجيا من الحريات والحقوق الدينية التي كانوا يتمتعون بها، وتكلل هذا الأمر في تأسيس نظام من الرقابة الشاملة والاحتجازات والتثقيف القسري وحتى عمليات التعقيم القسرية.

مصدر هذه السياسات هو الرئيس الصيني شي جينبينغ، الذي سبق له أن زار إقليم شينجيانغ في عام 2014، في أعقاب هجوم وصف بأنه “إرهابي” نفذه انفصاليون من الإيغور. وبعد فترة وجيزة، وحسب وثائق سربت لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أمر شي جينبينغ المسؤولين المحليين في تشينجيانغ بالرد “بدون رحمة”.

وقالت الحكومة الأمريكية في الشهر الماضي إن سلوك الصين يرقى إلى الإبادة الجماعية، ولكن بكين تقول إن التقارير التي تتحدث عن الاحتجازات الجماعية والتعقيم القسري ليست سوى “أكاذيب ومزاعم لا أساس لها من الصحة”.

يندر أن تصدر عن معسكرات الاعتقال أي تقارير موثقة، ولكن عددا من المحتجزين السابقين، علاوة على أحد الحرس، قالوا لبي بي سي إنهم شهدوا أو شاهدوا أدلة تشير إلى وجود نظام ممنهج للاغتصاب الجماعي والاعتداء الجنسي والتعذيب.

وقالت تورسوناي، التي فرت من إقليم شينجيانغ بعد أن أطلق سراحها، ولجأت إلى الولايات المتحدة، إن النسوة كن يجبرن على مغادرة زنازينهن “طوال الليل”، ويغتصبن من قبل رجل أو رجال صينيين ملثمين.

وقالت إنها عذبت ومن ثم اغتصبت بشكل جماعي في ثلاث مناسبات، شارك في كل منها اثنان أو ثلاثة من الرجال.

كانت تورسوناي قد تحدثت للإعلام من قبل، ولكن من كازاخستان حيث كانت تقيم “في خوف ورعب من إمكانية إعادتها إلى الصين”، حسب تعبيرها.

وقالت إنها كانت تعتقد بأنها لو كشفت عن مدى الاعتداءات الجنسية التي تعرضت لها وشاهدتها، ستتعرض لعقوبات صارمة عند عودتها إلى شينجيانغ. وأضافت أنها تشعر بالإذلال علاوة على ذلك.

تمكنت تورسوناي من الفرار إلى كازاخستان، ومن ثم إلى مكان أمان نسبي في الولايات المتحدة.

من المستحيل تأكيد ما تقوله تورسوناي بشكل كامل، بسبب القيود المشددة التي تفرضها الحكومة الصينية على المراسلين العاملين في البلاد. ولكن وثائق السفر والهجرة التي أطلعت بي بي سي عليها تؤكد روايتها.

فوصفها للمعسكر الواقع في منطقة شينوان – التي يطلق عليها الإيغور اسم كونيش – يتوافق مع الصور الفضائية التي حللتها بي بي سي، كما أن روايتها عن الحياة اليومية في المعسكر، ومن ضمنها الانتهاكات الحاصلة هناك، تتوافق مع روايات غيرها من المحتجزين السابقين.

وتشير وثائق داخلية حصلت عليها بي بي سي من نظام كونيش القضائي في عامي 2017 و2018 من خلال خبير السياسات الصينية في شينجيانغ أدريان زينز، بالتفصيل إلى التخطيط والانفاق على “التحويل من خلال التثقيف” لـ”مجموعات رئيسية” – وهو تعبير عام في الصين يشير إلى إعادة تثقيف الإيغور.

وتوصف عملية إعادة التثقيف هذه في إحدى وثائق كونيش بأنها “غسل الأدمغة وتطهير القلوب وتعزيز الاستقامة والقضاء على الشرور”.

كما التقت بي بي سي بامرأة كازاخية في إقليم شينجيانغ كانت قد احتجزت لمدة 18 شهرا في المعسكرات، وقالت هذه إنها أجبرت على تجريد نساء إيغوريات من ملابسهن وتقييد أياديهن قبل أن تتركهن مع رجال صينيين. وعقب ذلك، قامت بتنظيف الغرف.

وقالت المرأة، واسمها غولزينا أولخان، “كان علي رفع ألبستهن إلى فوق أوساطهن ومن ثم تقييد أيديهن بحيث لا يستطعن التحرك”.

وتضيف: “ثم تركت النساء في الغرفة حيث دخل إليها أحد الرجال، رجل صيني من الخارج أو رجل شرطة. جلست بصمت إلى جانب الباب، وبعد مغادرة الرجل ساعدت المرأة في التوجه إلى الحمام”.

وقالت، “كان الرجال الصينيون يدفعون الأموال من أجل الاستحواذ على أجمل المحتجزات”.

ووصفت محتجزات سابقات في المعسكرات كيف كن يجبرن على مساعدة الحرس وإلا فكن يتعرضن للعقاب. وتقول أولخان إنها لم تكن تمتلك القدرة على المقاومة أو التدخل.

وقالت ردا على سؤال عما إذا كان هناك نظام للاغتصاب الممنهج، “نعم هناك اغتصاب”.

وقالت، “أجبروني على دخول تلك الغرفة، وأجبروني على خلع ملابس النساء فيها وربط أيديهن ثم المغادرة”.

وقالت تورسوناي إن بعضا من النساء اللواتي أخذن من زنزاناتهن في الليل لم يعدن أبدا، والعائدات منهن كن يهددن بالامتناع عن إخبار الأخريات بما حصل.

وقالت، “لا يمكنك إخبار أي أحد بما حصل، كل ما كنت تتمكن من فعله هو الاستلقاء بصمت… الأمر مصمم لتدمير عزائم الجميع”.

يذكر أن الويغور هم أقلية تركستانية مسلمة يبلغ عددهم حوالي 11 مليون نسمة ويسكنون في إقليم شينجيانغ شمال غربي الصين. وللإقليم حدود مشتركة مع كازاخستان، وتسكنه أيضا أقلية من الكازاخ.

وتنتمي تورسوناي زياودون البالغة من العمر 42 عاما إلى أقلية الويغور، أما زوجها فهو كازاخي.

وعاد الزوجان إلى شينجيانغ في أواخر عام 2016، بعد أن قضيا خمس سنوات في كازاخستان، واستجوبا عند عودتهما وصادرت السلطات جوازي سفرهما، حسبما تقول تورسوناي.

وبعد مضي بضعة شهور، أمرتها الشرطة بحضور اجتماع بمعية آخرين من الإيغور والكازاخ حيث تم اعتقالهم جميعا.

وقالت إن فترة الاحتجاز الأولى التي قضتها كانت يسيرة نسبيا، إذ كان الطعام المقدم للمحتجزين لا بأس به، وكان يسمح لها باستخدام هاتفها. ولكن بعد شهر واحد بدأت تشتكي من تقرحات في المعدة وأطلق سراحها.

وأعادت السلطات جواز سفر زوجها، وغادر إلى كازاخستان من أجل العمل، ولكنها (السلطات) تحفظت على جواز سفر تورسوناي مما جعلها عالقة في شينجيانغ. وتلمح تقارير إلى أن الصين كانت تتعمد إبقاء الأقارب واحتجازهم لثني المغادرين عن الحديث عما كان يجري في الإقليم.

وفي التاسع من آذار / مارس 2018، وبينما كان زوجها في كازاخستان، أمرت تورسوناي بالحضور إلى مركز للشرطة حيث قيل لها إنها بحاجة “إلى المزيد من التثقيف”.

وحسب روايتها، نقلت إلى نفس المعتقل الذي كانت قد قضت فيه فترة احتجازها الأولى والواقع في دائرة كونيش. ولكنها لاحظت بأن المنشأة قد خضعت للتطوير بشكل كبير. وكانت الحافلات تنقل المحتجزين الجدد إلى المعتقل “دون توقف”.

وصادرت السلطات مجوهرات المحتجزات وحليهن، وتقول تورسوناي زياودون إن قرطيها انتزعا من إذنيها انتزاعا مما سبب لها نزيفا في الأذنين. ثم أودعت حجرة مع مجموعة من النساء. وكانت من ضمن هؤلاء سيدة كبيرة السن أصبحت لاحقا صديقة لتورسوناي.

وانتزع حرس المعتقل حجاب تلك السيدة قسرا، حسب ما تقول تورسناي، ووبخوها لارتدائها بدلة طويلة – وهو من التعابير الدينية التي أصبحت سببا لاعتقال الإيغور تلك السنة.

وقالت ، “نزعوا ملابس تلك السيدة العجوز وتركوها بملابسها الداخلية فقط. وحاولت من فرط خجلها أن تغطي جسمها بذراعيها”.

“بكيت كثيرا بعد أن شاهدت الطريقة التي عوملت بها، فقد كانت دموعها تنهمر كالمطر”.

وفي وقت ما في شهر أيار / مايو 2018 – “لا أتذكر التاريخ بالتحديد، لأنك لا تستطيع التأكد من التاريخ داخل المعتقل” تقول تورسوناي زياودون إنها أخرجت ومحتجزة أخرى في العشرينيات من عمرها من الزنزانة ليلا وجلبتا إلى رجل صيني مقنع، حسب ما تقول. وأخذت زميلتها الشابة إلى غرفة منفصلة.

وتضيف: “بدأت بالصراخ حالما أدخلت تلك الغرفة. لا أعرف كيف أصف الأمر لك، ولكنني اعتقدت بأنهم كانوا يعذبونها. لم يتبادر الاغتصاب إلى ذهني”.

أخبرت المرأة التي جلبتهما من زنزانتهما الرجال عن النزيف الذي كانت تعاني منه تورسوناي زياودون، مؤخرا.

“وبعد أن أخبرتهم المرأة عن حالتي، شتمها الرجل الصيني. وقال الرجل المقنع “خذوها إلى الغرفة الظلماء”.

“اقتادتني المرأة إلى غرفة مجاورة لتلك التي أخذت إليها الفتاة الأخرى. وكانت لديهم عصاة مكهربة. لم أكن أعلم ما هي هذه العصاة، ولكنهم أدخلوها في عضوي التناسلي وصعقوني بالتيار الكهربائي”.

وقالت إن التعذيب الذي تعرضت له في تلك الليلة في الغرفة المظلمة انتهى بعد أن تدخلت المرأة مشيرة إلى حالتها الصحية، وأعيدت إلى زنزانتها.

وبعد حوالي الساعة، أعيدت زميلتها إلى الزنزانة أيضا.

وتقول: تورسوناي: “تغيرت الفتاة تماما عقب ذلك، فلم تعد تتحدث إلى أحد وكانت تجلس بصمت وكأنها في غيبوبة. فقد الكثير من نزلاء تلك الزنزانات عقولهم”.

بجانب الزنزانات، تعد صفوف الدراسة من المقومات الأساسية لهذا المعسكرات. فقد تم استجلاب مدرسين من أجل “إعادة تثقيف” النزلاء والنزيلات – وهي عملية يقول ناشطون إنها مصممة لتجريد الإيغور وغيرهم من أفراد الأقليات العرقية من ثقافتهم ولغتهم ودينهم، وإدماجهم قسرا في الثقافة الصينية.

قلب النور صدّيق، وهي أزبكية من شينجيانغ، كانت ضمن مدرسات اللغة الصينية اللواتي جلبن إلى المعسكرات وأجبرن على تدريس المحتجزين. هربت صديق من الصين منذ ذلك الحين، وتحدثت عن تجاربها.

قالت صديق لبي بي سي إن معتقل النساء كان “يخضع لسيطرة مشددة”، ولكنها سمعت قصصا تتحدث عن وقوع حوادث اغتصاب. وفي أحد الأيام، أثارت صدّيق الموضوع مع شرطية في المعسكر كانت تعرفها.

“سألتها، لقد سمعت بقصص مروعة عن الاغتصاب، فهل لك علم بذلك؟” ردت الشرطية بأن علينا التحدث في هذا الموضوع في الباحة خلال فترة الغداء. ولذا توجهت إلى الباحة التي لم يكن فيها عدد كبير من أجهزة التصوير. قالت لي، أجل أصبح الاغتصاب ثقافة قائمة بحد ذاتها. إنه اغتصاب جماعي، ولا تقوم الشرطة الصينية باغتصابهن فحسب، بل تعرضهن أيضا للصعق بالتيار الكهربائي. إنهن يتعرضن لأبشع أشكال التعذيب”.

تقول صدّيق إنها لم تتمكن من الخلود إلى النوم في تلك الليلة، وقالت “كنت أفكر بابنتي التي تدرس في الخارج، وبكيت طوال الليل”.

وفي شهادة منفصلة أدلت بها لمشروع حقوق الإنسان الإيغوري، قالت صدّيق إنها سمعت عن قيام سلطات المعسكرات بإدخال عصي مكهربة في أجهزة المحتجزات التناسلية من أجل تعذيبهن، وهو ما أكد ما ذهبت إليه تورسوناي زياودون.

وقالت صدّيق إنه “كان هناك أربعة أشكال من الصعق الكهربائي، الكرسي والقفاز والخوذة والاغتصاب عن طريق الشرج باستخدام العصي”.

وقالت “كان الصراخ يدوي في أرجاء المبنى، وكنت أسمع الصرخات في فترة الغداء وأحيانا أثناء الدروس”.

وقالت مدرسة أخرى أجبرت على العمل في المعسكرات، واسمها سايراغول ساويتباي، لبي بي سي إن “الاغتصاب كان أمرا مألوفا” وإن الحرس “كانوا ينتقون الفتيات والنساء اللواتي كانوا يريدونهن ويقتادوهن”.

ووصفت حادثة اغتصاب جماعي مروعة تعرضت لها امرأة لم يتجاوز عمرها الـ 21، كانت قد أجبرت على الاعتراف أمام حوالي مئة من المحتجزين.

وقالت، “بعد ذلك، وعلى مرأى من الجميع، تناوب رجال الشرطة على اغتصابها”.

وأضافت، “كانوا يراقبون الحاضرين عن كثب أثناء ذلك، وكانوا يمسكون بكل من يبدي أي شكل من أشكال الاعتراض أو يلوح بقبضته أو يغمض عينيه، ويخضعونهم للعقاب”.

وقالت ساويتباي إن الشابة كانت تستصرخ الحاضرين لمساعدتها. وقالت، “كان الموقف مروعاً إلى أبعد الحدود. شعرت بأني متّ. بل كنت ميتة فعلا”.

وأجهشت تورسوناي زياودون،بالبكاء عندما شاهدت صور وأشرطة المعسكرات.

ففي معسكر دائرة كونيش، تقول تورسناي إن الأيام التي قضتها هناك امتدت لأسابيع ثم أشهر. فقد تم حلق رؤوس المحتجزات، وكن يحضرن الدروس، ويخضعن لفحوص طبية لم يعرفن طبيعتها، وكن يبتلعن الحبوب ويجبرن على أخذ “لقاح” كل اسبوعين يسبب لهن غثيانا وخدرا.

وتقول إن المحتجزات كن يجبرن على الخضوع لعمليات تعقيم وتركيب لوالب لمنع الحمل في أرحامهن، بمن فيهن امرأة لم تبلغ من العمر 20 عاما (وقالت “رجوناهم ألا يفعلوا ذلك نيابة عنها”).

وحسب تحقيق أجرته مؤخرا وكالة أسوشييتيد برس للأنباء، فإن التعقيم القسري للإيغور يعد ظاهرة واسعة الانتشار في شينجيانغ. ولكن الحكومة الصينية قالت لبي بي سي إن “هذه المزاعم ليس لها أي أساس بالمرة”.

وبالإضافة الى التداخلات الطبية، تقضي النزيلات في المعسكر الذي احتجزت فيه تورسوناي زياودون ساعات طويلة في ترديد الأناشيد الصينية الوطنية ومشاهدة البرامج التلفزيونية التي تمجد الزعيم الصيني شي جينبينغ.

“تنسى كل شيء عن الحياة خارج المعسكر. لا أعلم إن كانوا قد غسلوا أدمغتنا أم إن كان ذلك تأثير الحبوب والحقن الجانبي، ولكنك لا تستطيع أن تفكر إلا بملء بطنك. كان الحرمان من الطعام شديدا جدا”.

كان النزلاء يحرمون من الطعام لمخالفات شتى، مثل عجزهم عن حفظ مقاطع لكتب لشي جينبينغ بشكل دقيق، حسب ما أدلى به لبي بي سي حارس سابق تحدث بالفيديو من بلد خارج الصين.

وقال هذا الحارس، “كنا في احدى المرات نصطحب عددا من المعتقلين إلى المعسكر، ورأيت الجميع وهم يحاولون حفظ هذه الكتب. كانوا يجلسون لساعات وهم يحاولون حفظ النصوص، وكان الجميع يحملون الكتب في أيديهم”.

وأضاف إن الذين يخفقون في هذه الاختبارات كانوا يجبرون على ارتداء ملابس بألوان ثلاثة مختلفة حسب عدد المرات التي أخفقوا فيها، وكانوا يتعرضون لدرجات مختلفة من العقاب نتيجة ذلك ومن ضمنها الضرب والحرمان من الطعام.

وقال: “دخلت إلى تلك المعسكرات، وأخذت محتجزين إليها. رأيت أولئك الناس المرضى البؤساء. كانوا قد تعرضوا لشتى أشكال التعذيب… أنا متأكد من ذلك”.

لم يكن من الممكن تأكيد شهادة الحارس بشكل مستقل، ولكنه قدم وثائق يبدو أنها تؤكد أنه خدم في أحد المعسكرات بالفعل. ووافق على التحدث شريطة عدم الكشف عن هويته.

وقال الحارس إن لا علم له عن وقوع حوادث اغتصاب في مباني الزنزانات. وعند سؤاله عن حقيقة استخدام حرس المعتقلات للصعق الكهربائي بحق النزلاء، أجاب، “أجل، يستخدمون ذلك. إنهم يستخدمون آلات الصعق هذه”.

وقال إن المحتجزين كانوا يجبرون – بعد خضوعهم للتعذيب – على الاعتراف باقتراف شتى المخالفات. وأضاف، “أحتفظ بهذه الاعترافات في قلبي”.

للرئيس شي جينبينغ حضور كبير في المخيمات. فصوره وشعاراته تزين الجدران، وهو محور برنامج “اعادة التثقيف”. يعد شي مهندس السياسات المتبعة ضد الإيغور، حسب ما يقول تشارلز بارتون، الدبلوماسي البريطاني السابق في الصين والذي يعمل الآن زميلا رفيعا في معهد الخدمة الملكية المتحدة.

وقال بارتون: “إن الأمر ممركز جدا، ويرتقي إلى أعلى المستويات. ليس هناك أي شك بالمرة بأن هذه هي سياسات شي جينبينغ”.

وأضاف الدبلوماسي البريطاني السابق أنه من غير المحتمل أن يكون شي أو غيره من كبار قياديي الحزب الشيوعي الصيني قد أمروا أو صدقوا على عمليات الاغتصاب أو التعذيب، “ولكنهم على علم بها بالتأكيد”.

ومضى بارتون للقول، “أعتقد بأن المستويات العليا من الدولة الصينية تفضل أن تغض الطرف عما يحدث. فالأمر قد صدر بتطبيق هذه السياسات بأكبر قدر من التشدد، وهذا هو الذي يحصل”.

وقال إن ذلك لم يترك أي مجال لأي شكل من القيود، مضيفا، “لا أرى أي قيود قد تمنع مقترفي هذه الأفعال من القيام بها”.

التعذيب بالعضّ

وحسب شهادة ضياودون، لا قيود على تصرفات هؤلاء الحراس. وقالت وهي تحاول استعادة رباطة جأشها، “إنهم لا يغتصبون فحسب، بل يقومون بعض كل أجزاء الجسم. لا تعلم إن كانوا بشرا أم حيوانات”.

“لم يتركوا أي جزء من الجسد، فقد كانوا يعضون في كل مكان تاركين آثار مخيفة. كان الأمر مقززا”.

“لقد خبرت هذا الأمر ثلاث مرات، ولم يكن في أي منها شخص واحد يقوم بذلك، بل كان هناك دائما رجلان أو ثلاثة”.

وقالت إن امرأة كانت ترافقها في زنزانتها، والتي قالت إنها احتجزت لإنجابها عددا كبيرا من الأطفال، اختفت لثلاثة أيام، وعندما أعيدت إلى الزنزانة كان جسدها مغطى بنفس العلامات.

وتضيف: “لم تقدر على البوح بأي شيء، بل عانقتني وبكت بحرقة ولم تقل شيئا”.

لم ترد الحكومة الصينية بشكل مباشر على أسئلة وجهتها إليها بي بي سي حول إدعاءات وقوع حالات اغتصاب وتعذيب. وقالت ناطقة رسمية إن المعسكرات في شينجيانغ ليست معسكرات احتجاز بل “مراكز للتأهيل المهني والتديب”.

وقالت الناطقة “إن الحكومة الصينية تحمي حقوق ومصالح كل الأقليات العرقية بشكل متساو” مضيفة أن الحكومة “تولي حماية حقوق النساء أولوية قصوى”.

أطلق سراح تورسوناي زياودون في كانون الأول/ ديسمبر 2018، ومعها محتجزات أخريات كان لهن أزواج أو أقارب يقيمون في كازاخستان، وذلك في تحول سياسي لم تفهم مغزاه إلى الآن بشكل كامل.

وأعادت الدولة الصينية إليها جواز سفرها، وقامت إثر ذلك بالسفر إلى كازاخستان من ثم إلى الولايات المتحدة بمساعدة مشروع حقوق الإنسان الإيغوري.

وتقدمت بطلب للإقامة في الولايات المتحدة. وتقيم الآن في ضاحية هادئة لا تبعد كثيرا عن واشنطن العاصمة في منزل تملكه أيغورية.

وتقوم الإمرأتان بطهي الطعام سوية، وتتجولان في الشوارع المحيطة بالمسكن. إنها حياة رتيبة لا تشوبها المشاكل والأحداث.

وتحرص تورسوناي زياودون على إبقاء الإنارة في المنزل خافتة لأن الإضاءة كانت ساطعة جدا في المعسكر.

وبعد أسبوع من وصولها إلى الولايات المتحدة، خضعت لعملية لإزالة الرحم، نتيجة للتعذيب الذي تعرضت له في المعسكر.

وقالت، “فقدت فرصة أن أكون أما”. وتريد أن ينضم إليها زوجها المقيم في كازاخستان حاليا.

وبعد فترة من إطلاق سراحها، وقبل تمكنها من الفرار، انتظرت لفترة في شينجيانغ. وشهدت تجارب آخرين خبروا نظام المعسكرات وأطلق سراحهم لاحقا. وشهدت تأثيرات السياسات على شعبها.

فقد انخفض معدل الولادات في شينجيانغ في السنوات الأخيرة، حسب ما توصلت إليه بحوث مستقلة نشرت مؤخرا، وهي ظاهرة يطلق عليه اسم “الإبادة البشرية”.

لجأ كثيرون إلى الكحول، حسب ما تقول، فقد شهدت في العديد من المناسبات رفيقتها السابقة في الزنزانة – التي سمعت صرخاتها من الغرفة المجاورة – وهي ملقاة في الشارع.

وقالت إن تلك الفتاة قد أدمنت الكحول، وإنها “أصبحت امرأة تعيش فقط، وإلا فإنها ميتة فقد قضى عليها الاغتصاب المتكررة تماماً”.

وقالت: “يقولون إن الناس يطلق سراحهم، ولكن برأيي فإن كل من يغادر المعسكرات قد انتهى”.

وقالت إن هذه هي الخطة والهدف منها. الرقابة والاحتجاز والتثقيف ونزع الإنسانية والتعقيم والتعذيب والاغتصاب. وقالت، “هدفهم تدمير الجميع، والكل يعلمون ذلك”. (BBC)

 

 

 [ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

تعليق واحد