نمور سومطرة تثير الرعب في صفوف أهالي قرية إندونيسية
في صباح أحد أيام شهر إبريل/نيسان لعام 2020، خرج راميلان من منزله للعمل في إزالة الأعشاب الضارة وزراعة البرتقال في أحد الحقول، ولم يكُن يعلم أنها المرة الأخيرة التي سيرى فيها زوجته، بسبب هجوم من أحد نمور سومطرة.
يضيف تقرير موقع Vice الأمريكي، أنه في حوالي منتصف الليل، عُثر على جثة راميلان، المزارع البالغ من العمر 42 عاماً، على بعد 100 قدم من كوخ صغير بالقرب من محاصيله. تعتقد السلطات أن نمراً طارده ونصب كميناً له، وسحب جثته نحو كهف صغير مغطى بالشجيرات.
قال ليمبانغ هاتاسويت، حارس غابة في متنزه مونت ليوزر الوطني في مقاطعة سومطرة الشمالية، لموقع VICE World News الأمريكي: “أكل النمر الجسد من أسفل البطن، الحالة كانت مروعة”. وأضاف أنه بناءً على حالة الجسد، فإن النمر كان “شرساً وجائعاً”.
جدير بالذكر أن نمور سومطرة مهددة بشدة بالانقراض، مع وجود أقل من 400 منها في العالم. وتعيش الكثير من النمور في مناطق محمية في الحديقة الوطنية الخصبة المترامية الأطراف، التي تعد موطناً لمجموعة متنوعة من الحيوانات، بما في ذلك إنسان الغاب السومطري ووحيد القرن.
وفقاً للصندوق العالمي للحياة البرية، يعد موطن نمور سومطرة مهدداً بسبب إزالة الغابات لأغراض الزراعة والاستيطان.
فقد أدى هذا إلى تفاقم الصراع الإقليمي بين الحيوانات المفترسة التي تجوب المتنزه وآلاف المزارعين في القرى والنجوع المجاورة، الذين يعتمدون على وفرة المحاصيل المحلية للبقاء على قيد الحياة. يُعتقد أن راميلان قد قُتل عن طريق نمر في حقل يعد من الناحية الفنية منطقة غابة محمية. وبحسب زوجته، اشترى زوجها هكتارين من الأراضي في المنطقة في عام 2017.
تجدر الإشارة إلى أن العشرات من سكان مجتمع راميلان في منطقة بيسيتانغ الفرعية اعتادوا على الاستيلاء على الأراضي بشكل غير قانوني في المتنزه.
وبحسب ما ذكر موقع “عربي بوست”، سُجن بعضهم بسبب تعديهم على الغابة. لكن مع مرور الوقت ظهرت صفقة سُمح فيها للمزارعين بإدارة أو رعاية الأرض دون امتلاكها. وكان راميلان جزءاً من هذا الترتيب، وفقاً للمسؤولين.
أصبحت الحوادث الخطيرة شائعة بشكل متزايد. قبل أيام من مقتل راميلان على يد أحد نمور سومطرة، كان هناك موظف من جمعية الحفاظ على الحياة البرية يقف بالقرب من متنزه ليوزر عندما رأى نمراً يحدق من وراء أغصان كثيفة من بعيد. قال ديانسياه إنه حبس أنفاسه والتزم الصمت وحاول تنبيه زملائه بالإيماءات.
قال: “بقينا صامتين لبضع دقائق وكأنما أُصبنا بالهلوسة. لا أحد منا يمكنه فعل أي شيء، حتى تسجيل الحدث بكاميرا الهاتف المحمول”، مضيفاً أن النمر ذهب بعيداً بعد 30 دقيقة واختفى في الغابة.
وفقاً لمركز الحفاظ على الموارد الطبيعية في شمال سومطرة، قُتل نحو 22 حيواناً، معظمها من الماشية، خلال العام الماضي. كان راميلان أول ضحية بشرية، الأمر الذي أثار مخاوف أكثر.
في يناير/كانون الثاني 2021، زار صحفيو موقع VICE World News المجتمعات التي تعيش حياة مضطربة مع النمور. في قرية لاو داماك في منطقة باهوروك الفرعية، عرض السكان مسارات نمور سومطرة حيث تتجول الحيوانات، وأشاروا إلى وجود كاميرات جديدة مثبتة على أعمدة وكذلك أقفاص شَرَكِيَّة.
لإنقاذ الماشية، ساعد مركز متنزه مونت ليوزر الوطني أيضاً في بناء سياجين من الأسلاك الشائكة للحيوانات. ولكن ليس لدى جميع السكان أرض يبنون عليها مثل هذه الحماية وعليهم ترك مواشيهم تتجول.
قال المقيم هندري سمبرينغ إن النمور أكلت ما لا يقل عن سبعة ثيران وماعزاً واحدة في القرية. وأوضح أنه في خوف دائم منها.
بصرف النظر عن الدوريات المجتمعية، يشعل السكان كل ليلة النيران أملاً في أن تساعد في إبعاد الحيوانات. كما يطلقون مفرقعات نارية. ومع ذلك، فإن الحل لم يكن فعالاً للغاية. يقترح سيمبرينغ محاصرة النمور ونقلها إلى مكان آخر. وقال: “أعتقد أن هذا هو الحل الأفضل لأن السكان سئموا من الحراسة الليلية”.
لكن نقلهم بعيداً ليس فكرة جيدة، وفقاً للباحث سنارتو، المتخصص في دراسة نمر سومطرة، حيث عمل في الصندوق العالمي للحياة البرية في إندونيسيا.
إذ قال إن الأنشطة البشرية كانت السبب الرئيسي في تأجيج الصراع، حيث قللت الحقول التي جرى تطهيرها من المساحات المخصصة لتجول النمور، مما خلق مواجهات لا مفر منها. كذلك كان إدخال مزارع المطاط مشكلة أخرى، حيث يجري إزالة الغابة الكثيفة الضرورية لصيد النمور.
ويعتقد أن الصراع لا يمكن حله إلا من خلال إعطاء تقدير أفضل لنمر سومطرة باعتباره من الأنواع المهددة بالانقراض التي يجب حمايتها، مع تحقيق التوازن بين احتياجات المزارعين وسبل عيشهم.
خلق موت راميلان ضرورة ملحة للعثور على إجابات، لكن لم يكن هناك الكثير مما يجب فعله لمساعدة الأسرة في حزنها. بعد العثور على الجثة، نُقل راميلان إلى منزله في الساعات الأولى من الصباح. أخبر القرويون زوجته، سري أوتاري، أن زوجها مات بسبب هجوم النمر. وكان الخبر صدمة لها.
لم تستطِع زوجته تحمل النظر إلى جسد زوجها الممزق. كما أنها لم تكُن تريد أن يرى ابنه الأصغر الجسد. وقالت: “رأيت وجهه فقط”.
قالت أوتاري إنها اهتزت بشدة مما حدث واستغرق الأمر أسابيع للخروج من حالة الحزن المطلق. قالت إنهم لم يشكوا قط في أن شيئاً كهذا قد يحدث لهم. وظل أصغر أبنائها البالغ من العمر أربع سنوات يبكي كل ليلة لأكثر من شهر.
الآن تقول إنها لن تزور المنطقة مرة أخرى ولا تهتم بما يحدث للمحاصيل، وقالت: “أنا مصدومة ولا أريد العودة إلى هناك”.
[ads3]