دويتشه فيله : ما صحة ارتفاع نسبة الإصابات بكورونا وسط المهاجرين في ألمانيا ؟

مقال صادم ذلك الذي نشرته صحيفة “بيلد” الألمانية واسعة الانتشار الأسبوع الماضي، تتحدث فيه عن عدد المعالجين في غرف العناية المركزة بسبب الإصابة بفيروس كورونا في ألمانيا، خصوصاً من الألمان من “أصول مهاجرة”.

الصحيفة تحدثت عن حوار دار بين مدير معهد “روبرت كوخ”، لوتر فيلر، مع رؤساء أطباء في مستشفيات مختلفة في ألمانيا، كشف عن أن 90% من الذين يعالجون في غرف العناية المركزة من أصول أجنبية، فهل أخفى الساسة والباحثون الأرقام التي ذكرها التقرير كي لا يتهموا بكراهية الأجانب؟.

وكما يظهر، فإن الأرقام التي ذكرها تقرير صحيفة “بيلد” خاطئة، إذ بعد بضعة أيام وضع لوتر فيلر محتوى التقرير الذي كتبته صحيفة “بيلد” في محله الصحيح، بعد أن تم اعتبار أن حديث بعض الأطباء يعمم على كل أطباء ألمانيا، لكنه أكد أنه قد جرى فعلاً حوار بينه وبين أطباء، إلا أنه يوضح: “كانت الحوارات شخصية، تبادل غير رسمي لوجهات النظر حول أشياء مختلفة من دون التوصل إلى استنتاجات نهائية، إذ لا يمتلك معهد روبرت كوخ هذه الأرقام، ووفقاً للمادة 11 من قانون الحماية من العدوى لا يتم أخذ المعلومات”.

وتبلغ نسبة الذين يعيشون في ألمانيا ولا يحملون الجواز الألماني نحو 13% من السكان، كثير منهم لا يمكنهم التحدث بطلاقة أو فهم اللغة الألمانية، وبالخصوص من اللاجئين الذين قدموا إلى ألمانيا منذ عام 2015، هؤلاء تمثل الجائحة بالنسبة لهم تحدياً كبيراً، إذ غالباً ما يعيشون في أماكن ضيقة ويصعب عليهم الوصول إلى معلومات عامة، خصوصاً حول قيود السفر والتنقل والإجراءات الصحية المتبعة.

ولا توجد أرقام دقيقة في عموم البلاد حول أعداد الإصابات بين المهاجرين، فالأعداد التي تصل إلى معهد “روبرت كوخ” من قبل المستشفيات والمؤسسات الصحية لا تحدد هوية أو جنسية المصابين.

وعلى افتراض أن النسبة في أوساط فئة المهاجرين مرتفعة، فإن لذلك في حالة كان صحياً عوامل تنطبق على فئات أخرى أيضًا وليس بالضرورة على المهاجرين فقط، ومن هذه الأسباب الحواجز اللغوية.

وفي هذا السياق، يقول زيباستيان غولده، المتحدث باسم وزير الصحة الألماني ينس شبان: “كررنا مراراً بما في ذلك معهد روبرت كوخ، أن الحواجز اللغوية تلعب دوراً أساسياً في الحفاظ على صحة الناس، وعوامل أخرى تلعب دوراً مهماً في ذلك، مثل الظروف الاجتماعية والاقتصادية، مثل بيئة العمل طبيعة الحياة عموماً، وبيئة السكن”.

ويؤكد المتحدث باسم وزير الصحة الألماني بأنه وللحد من مشكلة اللغة، “تم ترجمة المعلومات المتعلقة بحملة التطعيم إلى 10 لغات أجنبية، وخدمة أرقام الهواتف 116 و117 متاحة بلغات مختلفة منذ منتصف شهر آذار الجاري، مثل التركية والعربية والروسية والإنجليزية”، إلا أن السؤال المهم يبقى مفتوحاً: كيف يمكن بالضبط استفادة هذه المجموعات من الناس من هذه المعلومات؟.

كتبت صحيفة “تاغس شبيغل” البرلينية أن كثيرًا من الذين يتم معالجتهم في مستشفيات العاصمة رجال من أسر كبيرة من المنطقة العربية وتركيا، وأن هناك مشادات تحدث غالبًا مع أعضاء من هذه الأسر بسبب عدم الالتزام بقواعد التباعد خلال زيارتهم إلى ذويهم المصابين.

كذلك يشير الأطباء إلى أن الإصابة بالفيروس وكذلك المعرفة بطبيعة الوباء لها علاقة بالحالة الاجتماعية، وبشكل أقل بأصول الأشخاص. باختصار: الفقراء، من يسكنون بمكان ضيق مع آخرين، يصابون بنسبة أعلى من غيرهم، وكذلك من يعملون في ظروف عمل صعبة.

عالم الاجتماع الطبي نيكو دراغانو، من كلية الطب في جامعة دوسلدورف، يشير إلى اختلاف مهم في هذا السياق، إذ يرى أنه يجب على المرء أن يميز بين خطر الإصابة بالعدوى وخطر المعاناة من مسار حاد للمرض، وقال دراغانو في لقاء مع شبكة “DW” الإعلامية: “هناك حالات مسبقة معينة موجودة تزيد من خطر التعرض لدورة شديدة بعد الإصابة بالعدوى، وهي على سبيل المثال أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والسمنة والسكري.. هذه هي الأمراض التي يهتم بها الناس في كثير من الأحيان”.

ويذكر في هذا السياق أن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) أشارت في دراسة لها أن المهاجرين في كل الدول الأعضاء في المنظمة البالغ عددها 37 دولة، ومن بينها ألمانيا، يشكلون 24% من الكادر الطبي و16% من كادر التمريض من المهاجرين، وهم بذلك يقاتلون في الخطوط الأمامية ضد جائحة كورونا.

ينس توماس توراو – دويتشه فيله[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها