دويتشه فيله : ألمانيا .. صوم رمضان في ظل قيود كورونا ” ليس صعباً ” !

يشكل المسلمون قرابة 6% من إجمالي تعداد سكان ألمانيا، وفقاً لتقديرات عام 2016 نشرها مركز “بيو” للأبحاث.

وتعد الجالية المسلمة شابة، مقارنةً بباقي أطياف المجتمع الألماني، إذ أن متوسط أعمار المسلمين في ألمانيا هو 31 عاماً، أي أنهم أصغر بـ13 عاماً مقارنةً بغير المسلمين.

وللعام الثاني على التوالي، يحل رمضان في ظل الإغلاق وتدابير الوقاية من كورونا، لكن بالنسبة للمسلمين الشباب، فإن تجربة رمضان في ظل هذه الأجواء في ألمانيا قد تغيرت.

“هُما أولاه” البالغة من العمر 19 عاماً من بين الشباب المسلم في ألمانيا الذين يرون أن ثمة ميزة في أن يحل رمضان ويحتفى به في ظل أزمة كورونا والإغلاق.

وفي حوار مع شبكة “DW” الإعلامية، تقول هُما إن الصيام يكون مريحاً وهادئاً في المنزل بين أفراد العائلة، خاصةً في بلد كألمانيا، حيث أن المسلمين أقلية دينية وطقوس وممارسات هذا الشهر ليست بالأمر المألوف أو الشائع.

تدرس هُما اللغة الإنجليزية والفلسفة في مدينة فيسبادن، غربي ألمانيا، وخلال شهر رمضان في الأعوام السابقة كانت تسأم من الأسئلة المعتادة التي يطرحها زملاؤها عليها عن ممارستها الدينية في رمضان، مثل سبب الصيام وغيرها، وفي بعض الأحيان تتضمن الأسئلة أحكاماً مسبقةً على حد وصفها، وتقول: “في الجامعة، كثيرون ليس لديهم معلومات عن الصيام ورمضان، ودائماً ما تطرح أسئلة مزعجة من قبيل: لا يمكن حتى شرب الماء؟ أليس ذلك مضر بالصحة؟ هل يُرغمك أهلك على الصيام؟'”.

لكن الفتاة تشعر ببعض الارتياح الآن فيما تدرس عن طريق الإنترنت، وليس في جامعتها، بسبب القيود المفروضة جراء جائحة كورونا، ومرتاحة من تلك الأسئلة، وتضيف: “هذا أمر يبعث على الارتياح، فصوم رمضان في المنزل أمر مريح وليس مستغرباً كالصوم في الجامعة”.

لكن بالنسبة للطلاب المسلمين الذين يتعين عليهم الذهاب إلى جامعتهم أو مدارسهم، فإن تجربة رمضان ليست ممتعة، كما يؤكد أمين (16 عاماً) من مدينة ميونيخ الألمانية، فيتعين على الطلاب في أماكن الدراسة ارتداء الكمامات لفترات طويلة ما يُضيف جفافاً إلى الفم خلال الصيام، ويقول إن “الأمر ليس بالسهل إذ أن الكمامات تحبس رائحة الفم الكريهة وأنت صائم”.

ووفر العمل أو الدراسة من المنزل مشقة الذهاب إلى أماكن العمل والدارسة خلال ساعات الصيام، لكن في المقابل، يضطر الموظفون والطلاب للجلوس أمام شاشة الكمبيوتر لساعات طويلة لكي ينجزوا أعمالهم، وخلال الصوم، فإن هذا الأمر يكون شديد الصعوبة وهو ما تؤكده هُما، وتوضح هذا، بقولها: “عندما يتعين عليك التحديق في شاسة الكمبيوتر خلال محادثة عبر تطبيق زووم، بينما تقرأ وتذاكر لثلاث أو أربع ساعات متواصلة، فتشعر بالإرهاق الشديد والحاجة إلى شرب بعض الماء أو تناول بعض الطعام كي تحصل على الطاقة اللازمة وتستطيع التركيز”.

كذلك فرضت قيود كورونا على المسلمين في ألمانيا شعوراً بالعزلة، فهذه القيود وإن كانت تختلف من منطقة إلى أخرى، لكن في مناطق عدة فإنه يُسمح لأفراد العائلة الواحدة بالتجمع مع أفراد عائلة أخرى، لكن بحد أقصى خسمة أشخاص إجمالا.

وتقول يوسور المظفر في مقابلة مع شبكة “DW”: “أعتقد أن الإغلاق قد جعل الأمر صعباً على العائلات التي كانت دائماً تتجمع مع بعضها البعض خاصة الأقارب وربما الجيران”، وتضيف يسور (25 عاماً)، التي تعمل في صناعة الحلوى بمدينة بون، أن قيود كورونا “قلصت التجمعات واللقاءات الرمضانية”، وتؤكد: “أفضل شيء في رمضان هو مشاركة وجبة الإفطار في تجمع كبير”.

وبسبب هذا الأمر وللمرة الأولى، تتجمع العديد من الأسر بعدد قليل وبشكل مقيد لتناول وجبة الإفطار، لكن هذا أعطى أفراد الأسرة، الفرصة لتوثيق الروابط وتجاوز الصعاب معاً، وهي الميزة التي تشير إليها هُما، وتقول: “أقضي الكثير من الوقت مع عائتلي ونتحدث كثيراً.. بات لدينا الفرصة لنتحدث عن حياتنا والانفتاح على بعضنا البعض.. يمكث أفراد عائلتي الأربعة حالياً في المنزل، وهذا يدفعنا للتقارب وبات التواصل والتقارب بيننا أقوى”.

ويرتبط شهر رمضان عند المسلمين بالصلاة وبالأخص صلاة التراويح في المساجد، لكن حظر التجمعات في ألمانيا جراء جائحة كورونا يسري على صلوات الجماعة، وهو ما أفسد بعض الشيء الأجواء الرمضانية كما يقول شيراز (19 عاماً)، ويضيف: “لم يعد الأمر بالسهل القدوم إلى المسجد لأداء الصلاة وهذا أمر مؤلم في رمضان.. الصلاة في المساجد واحدة من أفضل الأشياء في رمضان”.

وفي ولاية شمال الراين فيستفاليا، يُسمح للمسلمين بالصلاة في المساجد، لكن يتعين عليهم أولاً تسجيل أسمائهم وتقصير صلاة التراويح واستخدام “باركود” للدخول إلى المساجد والمحافظة على التباعد مسافة مترين بين المصلين وارتداء الكمامة أثناء الصلاة واستعمال سجادات الصلاة الخاصة بكل مصلٍ.

وتسعى الحكومة الاتحادية إلى تسريع وتيرة التصديق على تشريع من شأنه فرض تدابير طارئة لمكافحة جائحة كورونا في عموم البلاد، وفي حالة موافقة البرلمان، فإن التشريع الجديد يشمل فرض حظر تجول ليلاً من الساعة التاسعة مساء وحتى الخامسة صباحاً في المدن والمناطق التي تشهداً زيادة كبيرة في معدلات العدوى بفيروس كورونا، ومع ذلك، قالت سلطات معظم الولايات في ألمانيا إنها ترغب في إعطاء استثناءات لممارسة الشعائر الدينية.

ورغم ذلك، لم يحدث وباء كورونا تغييراً كبيراً على الأجواء الروحانية في رمضان، وإن كانت الجائحة قد فرضت بعض التحديات، وهو ما ظهر في المقابلات الصحافية التي أُجريت مع المسلمين لإعداد هذا التقرير سواء، أكان الإغلاق العام قد زاد صعوبة الاحتفاء أم لا فإن الأمر يتباين من شخص لآخر.

ويقول شيراز: “لدي قناعة بأن المسلمين حول العالم سوف يستغلون شهر رمضان أفضل استغلال وندعو الله أن يمنح الجميع القوة والمثابرة.”

غازية أوهانيس – دويتشه فيله[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها