دويتشه فيله : نهاية حقبة ميركل .. لماذا سيواجه الاتحاد المسيحي خطراً في الانتخابات ؟

تستمر شعبية الحزب المسيحي الديمقراطي (CDU)، الذي تنتمي إليه المستشارة أنغيلا ميركل، في التراجع في استطلاعات الرأي داخل ألمانيا بسبب ما يعتبره الكثير من سكان ألمانيا سوءا في تدبير جائحة كورونا، خصوصاً منذ الموجة الثانية، لكن من أكبر من أدوا ضريبة هذا التراجع هي ميركل نفسها، رغم أنها لن تكون من الأصل مرشحةً في الانتخابات، كما سيدفع إرثها السياسي ضريبة هذا الانزلاق، خصوصاً طبيعة التحالف الذي قادته منذ مدة طويلة بين حزبها وبين الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري (CSU).

ويدافع مسؤولون من التحالف المسيحي عن حصيلة ميركل خلال سنوات ترؤسها المستشارية في ألمانيا، ويرون أن سكان ألمانيا عموماً وثقوا في التحالف، ويمكن أن يكون كذلك صحيحًا قبل الجائحة، لكن أثناءها الكثير من السكان يرون أن الحزب الذي يقود الحكومة لم ينجح في اختبار مواجهة كورونا، فالإجراءات التي أعلنتها لم تنجح في وقف انتشار الفيروس، وبالتالي مزيداً من الإصابات والوفيات.

وأعطت الإجراءات في الأشهر الأولى نتائج جيدةً، لكن مع مرور الوقت، بدأ الخلل يظهر، خصوصاً التردد حول اتخاذ الإجراءات الجديدة عند انطلاق الموجة الثانية، وسوء إدارة والبطء في توزيع اللقاح، وفضيحة الكمامات التي تورط فيها مسؤولون من حزب ميركل، وكلها أمور كانت لها تأثير سلبي على مستقبله.

وبالنسبة للكثير من الألمان، فالسير البطيء لعملية التطعيم (ارتفع الرقم مؤخرًا منذ تمكين أطباء العيادات الخاصة من المشاركة) يعدّ دليلاً على عدم الكفاءة داخل الحكومة.

واعترف المتحدث باسم التحالف المسيحي، يورغن هارت، بأن الحكومة الاتحادية واجهت مشاكل في عملية التطعيم، لكنه يرجع ذلك إلى التنسيق الأوروبي وضعف عمليات إنتاج اللقاح داخل أوروبا، مشيراً إلى ضرورة تنسيق جهود التطعيم على الصعيد الأوروبي، فلن تكون هناك فائدة كبيرة إذا ما تمّ تلقيح كل الألمان، لكن سكان بقية البلدان الأوروبية ما زالوا عكس ذلك.

وفي السنة الأخيرة من فترة ميركل، عانى تحالفها المسيحي من سلسلة من الفضائح، لكن أكثرها تأثيرًا على صورته كانت فضيحة الكمامات بعد الكشف عن أن مسؤولين من الحزبين المسيحيين تلقوا أموالاً ضخمةً من شركات لأجل فوز هذه الأخيرة بصفقات أعلنتها الحكومة حول توريد الكمامات.

وأولى النتائج كانت في الانتخابات الجهوية بولايتي بادن فورتمبيرغ وراينلاند بفالتس، حيث سجل حزب “CDU” أسوأ حصيلة له منذ عقود، ثم تأكد ذلك عندما صعد نجم حزب الخضر، وصار ينافس حزب “CDU”، رغم أن الخضر كان يعتبر حزباً صغيراً قبل سنوات، ولا يحظى بأكثر من 15% من الأصوات.

وإذا ما كانت الاستطلاعات دقيقة، فإن الانهيار الذي حصل في الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) المصنف في وسط اليسار سيتبعه انهيار في الاتحاد المسيحي المصنف في وسط اليمين في الانتخابات العامة القادمة، إذ تم إحصاء تراجع بـ10 % في نسبة عدد الناخبين الذين سيصوتون لحزبي التحالف المسيحي، ما قد يجعل هذا الاتحاد يعيش أشهره الأخيرة، وبالتالي يتهدده خطر التفكك.

والأمر لا يخص فقط الاتحاد المسيحي، ففكرة الثنائية الحزبية التي شهدتها عدة دول أوروبية في النصف الثاني من القرن العشرين هي كذلك مهددة، لكن في الجانب الآخر كانت عملية التحول في التحالف السياسي داخل ألمانيا متأخرةً، مقارنةً بدول في الجوار، وفي الوقت الذي تراجعت فيه تحالفات مشابهة في أوروبا، كان الاتحاد المسيحي يحوز الثقة قبل أن تأتي موجة كورونا لتؤثر على واقعه.

ويثق التحالف المسيحي في أرمين لاشيت، رئيس وزراء ولاية شمال الراين فيستفاليا، كي يكون مرشحه في الانتخابات المقبلة، بعد تنافس داخلي محموم بينه وبين ماركوس زودر، رئيس وزراء ولاية بافاريا، غير أن التحديات ليست داخلية فقط، فالسياسة الخارجية لألمانيا في السنوات الأخيرة محط جدل كذلك، ومن ذلك الانتقادات الواسعة لخط الغاز مع روسيا “نورد ستريم 2″، خاصةً أن الولايات المتحدة ودول شرق أوروبا تعارض هذا المشروع، بذريعة التخوف من أن تمكن الصفقة موسكو من نفوذ واسع في أوروبا، بينما يزداد اعتماد الاتحاد الأوروبي على الطاقة الروسية.

ولا يرى خبراء أن العلاقات الاقتصادية مع روسيا تهدّد أمن ألمانيا، لكنهم يعترفون بأن السياسة الخارجية الألمانية تحتاج إلى إعادة تقييم، ويشيرون إلى أن روسيا والصين لديهما سجل متعارض مع القيم الألمانية والأوروبية، كما يتحدثون عن أن السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي يجب أن يعاد النظر فيها حتى توازن بين الاهتمامات السياسية والمصالح الاقتصادية.

مارتن كاغ – دويتشه فيله[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها