دويتشه فيله : انتخابات ساكسونيا أنهالت .. كل الأحزاب في مواجهة ” البديل ” الشعبوي
يبدو رئيس وزراء ولاية ساكسونيا أنهالت، راينر هازلهوف، قلقاً جداً وعصبياً، وسبب قلق وعصبية الفيزيائي البالغ من العمر 67 عاماً والذي يحكم الولاية منذ 10 أعوام، هي الانتخابات البرلمانية للولاية.
وحالياً يقود هازلهوف ائتلافاً مكوناً من حزبه المسيحي الديمقراطي والحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر، ومن غير المعلوم إن كان سينجح في البقاء بالسلطة على رأس حكومة الولاية بعد الانتخابات أم لا، فحزب “البديل من أجل ألمانيا” الشعبوي قوي جداً هذه المرة، رغم أن حظوظه كانت دائماً قويةً في هذه الولاية، وبحسب استطلاعات الرأي الأخيرة، فإنه سيحصد نحو 24% من الأصوات، نفس النسبة التي حصل عليها في الانتخابات الماضية قبل خمسة أعوام، بل أن الحزب في بعض الاستطلاعات قد تجاوز فعلاً الحزب المسيحي الديمقراطي، ولهذا يظهر الامتعاض والقلق على وجه هازلهوف، خلال حوار مع إذاعة “Mitteldeutschen Rundfunk”، حيث يقول: “هناك إعلان واضح، أوضحه الآن شخصيًا، أنني أكدت على عدم الدخول في ائتلاف حكومي مع حزب البديل”، ثم يعود ليؤكد: “إذا حصل الحزب المسيحي الديمقراطي على تفويض لتشكيل حكومة في المستقبل، فلن يكون إلا مع أحزاب معينة”.
ولن يكون ذلك أمراً سهلاً أبداً، فالائتلاف الحالي مهدد بفقدان الأغلبية التي تؤهله لتشكيل حكومة، حيث أن الأحزاب الثلاثة المشتركة في الائتلاف دخلت في صراع فيما بينها مرات عديدة، حتى أن بعض الساسة من جناح اليمين في الحزب المسيحي الديمقراطي في ساكسونيا أنهالت يغازل علنًا، موضحًا احتمالية بناء ائتلاف حكومي مع حزب البديل من أجل ألمانيا الشعبوي، الأمر الذي يعلم هازلهوف جيداً مدى خطورته، إذا أن ذلك سيرسل إشارةً خطيرةً تهدد زعيم الحزب ومرشحه للانتخابات البرلمانية لمنصب المستشارية، أرمين لاشيت، قبل ثلاثة أشهر من إجراء الانتخابات البرلمانية على المستوى الاتحادي.
وحسب الاستطلاعات الأخيرة، تبدو حظوظ الحزب الديمقراطي الحر جيدةً جداً في العودة إلى مقاعد برلمان الولاية من جديد، وفي حال حدوث ذلك فإن فوز أعضاء هذا الحزب سيمكن هازلهوف من تشكيل حكومة ائتلافية قادمة، إذ أن غالبية مواطني الولاية ترغب باستمرار هازلهوف في منصبه، مع وجود كثير من المتشككين الذين يرون أن ائتلافاً من أربعة أحزاب فقط لمنع حزب البديل من أجل ألمانيا الشعبوي من الوصول إلى السلطة أمر غير جيد بالنسبة للديمقراطية في ألمانيا.
وقبل خمسة أعوام، تمكن الخضر بصعوبة من الوصول إلى برلمان الولاية، واستطلاعات الرأي تتحدث هذه المرة عن فرص أفضل للحزب تبلغ حتى عشرة بالمئة من مجموع مقاعد برلمان الولاية، وذلك بسبب ارتفاع حظوظهم على المستوى الاتحادي.
وزعيمة الحزب ومرشحته لمنصب المستشارية، أنالينا بيربوك، تحدثت خلال حملة انتخابية بعاصمة الولاية ماغديبورغ عن مشاكل معاداة الأجانب ومعاداة السامية، ولكن ليس فقط في ولاية ساكسونيا أنهالت فقط، وقالت: “تم التعرض لشخص ما في الأمس لأنه يرتدي غطاء الكيباه في بلدنا، أصبح حدثاً حقيقياً!.. يجب الوقوف معنا ضد مثل هذه التصرفات كل يوم، سواء في الشارع أو مكان العمل”.
ويسكن ولاية ساكسونيا أنهالت عدد قليل من المواطنين، مقارنةً بالولايات الأخرى، لكنها تعاني من مشاكل كبيرة، وأكبر مدنها مدينة هي هاله، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 237 ألف نسمة، وعاصمتها ماغديبورغ يسكنها نحو 235 ألفا.
وتنتشر في الولاية أفكار ترفض الديمقراطية وتتبنى الشعبوية اليمينية، وفي مدينة هاله، أطلق النار أحد اليمنيين على شخصين في تشرين الأول من عام 2019، بعد محاولته دخول معبد يهودي، الأمر الذي أثار موجة استنكار عالمية.
وفي هذه الولاية، يبلغ متوسط دخل الفرد الواحد نحو 700 يورو، وهو تحت المعدل الاتحادي، والمناطق الريفية فيها تفتقد إلى عدد كاف من المعلمين، وكثير من المستشفيات أغلقت أبوابها، وفي الولاية يوجد عدد كبير من طواحين الهواء، مقارنةً بالولايات المجاورة، إذ أن قرار الحكومة الاتحادية عدم استعمال الفحم أثر كثيراً على قطاع مناجم الفحم في الولاية، وحزب البديل يقوم بحملة ضد سياسة حماية المناخ والبيئة وإغلاق مناجم الفحم.
ومرشح حزب البديل، أوليفر كيرشنر، يقول لقناة “MDR” العامة: “الطبقة الوسطى لا تريد قانون لمصادر طاقة مستدامة، الطبقة الوسطى لا تريد ضريبة على ثاني أوكسيد الكربون، الطبقة الوسطى لا تريد أن يتم انقاذ المناخ العالمي من جانب ألمانيا، بل انقاذها من الهند والصين وروسيا”.
ويحاول كيرشنر دائمًا حصد المزيد من الأصوات من خلال توجيه أصابع الاتهام إلى اللاجئين، فخلال اتصال هاتفي مع صحيفة “Volksstimme”، يقول: “يجب إرجاع الناس الذين جاءوا إلى نظامنا الاجتماعي، يجب عليهم إعادة بناء أوطانهم”.
وحاله حال العديد من أعضاء حزبه، لا يترك فرصةً إلا وينتقد فيها سياسة الحكومة الفيدرالية تجاه أزمة جائحة كورونا.
وكل الأحزاب الديمقراطية في الولاية تؤكد عدم نيتها الدخول في ائتلاف حكومي مع حزب البديل، على الرغم من حدوث تعاون معين في الأعوام الماضية بين حزب البديل والحزب المسيحي الديمقراطي على مستوى الولاية، ما أثار استياء هازلهوف.
وستتبقى مهمة الحيلولة دون تقارب الحزبين في المستقبل صعبة جداً على راينر هازلهوف، حتى إن كانت لديه فرص طيبة جداً لإعادة انتخابه.
وانتخابات يوم الأحد المقبل هي الانتخابات الأخيرة قبل الانتخابات البرلمانية الاتحادية وستكون تحت أنظار كل الأحزاب المشاركة في العملية السياسية بألمانيا.
ينس توماس توراو – دويتشه فيله[ads3]