دويتشه فيله : ألوان العلم الألماني الثلاثة .. خلفيتها التاريخية و دلالتها

منذ فترة طويلة، كان يعتقد أن جذور ثلاثي الألوان هذا الأسود والأحمر والذهبي تعود إلى العصور الوسطى، وعلى الرغم من أن شعار النبالة لإمبراطورية الرومانية المقدسة للأمة الألمانية يظهر نسراً أسوداً بأرجل حمراء على خلفية ذهبية، إلا أنها لم تكن الألوان الرسمية للإمبراطورية.

وأصبحت تركيبة الألوان رمزاً سياسياً فقط في أعقاب حرب التحالف السادس (المعروفة أيضاً باسم “حروب التحرير”)، التي بدأت في عام 1813 ضد الإمبراطورية الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت، الذي احتل أجزاء كبيرة من ألمانيا آنذاك.

وخلال الحرب، سلطت الدعاية البروسية الضوء على وحدة قتالية واحدة على وجه الخصوص: فيلق المتطوعين للرائد لودفيغ أدولف فيلهلم فون لوتسو، والذي أصبح يعرف فيما بعد باسم “Lützower Jäger”.

ويدين الفيلق بشهرته على الأقل لأعضاء بارزين مثل فريدريش لودفيغ يان، الذي أطلق عليه لقب “تورن فاتر” (أب الجمباز) بسبب إنجازاته الرياضية، والمؤلف الموسيقي في العصر الرومانسي كارل ماريا فون فيبر، والكاتب تيودور كورنر، الذي كرّس عمله بقصيدة شعبية “Lützow’s Wild Hunt ” إلى الفوج.

وصنع فيلق “Lützow Free” اسماً لنفسه أيضاً من خلال مظهره: زي أسود وشارة حمراء وأزرار ذهبية، وقد ظهر الأسود بدافع الضرورة، إذ أحضر المتطوعون زيهم الخاص، ولجعلها تبدو متشابهة قدر الإمكان، كان من الأسهل صبغها باللون الأسود، فقد كان من الصعب الحصول على ألوان أخرى في ذلك الوقت.

وفي عام 1815، في نهاية حروب التحرير، اجتمعت الأخويات الطلابية من جميع أنحاء ألمانيا في مدينة يينا لتشكيل “Urburschenschaft” (جماعة إخوة طلابية)، التي بدأها إلى حد كبير “أب الجمباز” يان، فاختاروا علماً مخططاً عمودياً باللون الأحمر والأسود والأحمر مع وجود فرع ذهبي في المنتصف، بناء على ألوان زي “Lützow”.

وتم تبني هذه الألوان من قبل القوى التي تشكلت في ألمانيا في أوائل القرن التاسع عشر، والتي دعت إلى جمهورية ووحدة وطنية.

وفي مهرجان هامباخ عام 1832، رفعت الأعلام المخططة بالأصفر والأحمر والأسود في مهرجان ضخم للحركة الديمقراطية، وتم بعد ذلك مواجهة العلم الفرنسي ذو الألوان الثلاثة بعلم ألماني ثلاثي الألوان، التي ترمز إلى الوحدة الوطنية والحرية المدنية.

وفي عام 1848، في فرانكفورت، أعلن البرلماني الألماني الاتحادي “بوندستاغ”، مثل الجمعية الوطنية الألمانية، أن الذهبي والأسود والأحمر هي ألوان الاتحاد الألماني أو الرايخ الألماني الذي كان من المقرر تأسيسه، وبناء عليه، رفعت أعلام بالألوان الأسود والأحمر والذهبي على بعض حواجز برلين أثناء ثورة 1848/49، وأيضاً في الجمعية الوطنية الألمانية في كنيسة القديس بولس في فرانكفورت، وتم تنصيب “جرمانيا” فوق الجمعية الوطنية في كنيسة القديس بولس في فرانكفورت عام 1848، ولكن بعد القمع الدموي للثورة، لم يبق سوى الاتحاد الألماني الذي يهيمن عليه البروسيون، والذي لم يعد يريد أي علاقة بهذه الألوان، وتم فيما بعد حظر الألوان الثلاثة هذه في بعض الولايات الألمانية.

وفي 18 كانون الثاني 1871، قرأ أوتو فون بسمارك الإعلان الإمبراطوري في قاعة المرايا بقصر فرساي، وأدى الانتصار على فرنسا في الحرب الفرنسية البروسية (1870/1871) إلى تأسيس الإمبراطورية الألمانية، فأصبحت ألوان بروسيا، الأبيض والأسود، مكملة باللون الأحمر للمدن الهانزية، ألوان العلم الوطني.

وفي عام 1919، حددت الجمعية الوطنية، التي اجتمعت في فايمار بعد انهيار الإمبراطورية الألمانية، الألوان الذهبي الأسود والأحمر مرة أخرى كعلم لجمهورية فايمار المؤسسة حديثاً.

وكان قد سبق ذلك “نزاع على العلم” مرير بين الجمهوريين، الذين طالبوا بالذهبي الأسود والأحمر، والملكيين والشيوعيين، الذين أرادوا علماً أحمر بالكامل.

وفي نفس العام، قرر المجلس البرلماني، بتصويت مخالف واحد، لصالح الأسود والأحمر والذهبي كألوان علم دولة جمهورية ألمانيا الاتحادية، لكن حتى الدولة الفتية لم تستطع الاستغناء عن الرموز، وفي عام 1950 أضيف شعار النبالة الوطني إلى العلم الأسود والأحمر والذهبي: نسر أسود منمق على خلفية ذهبية بمخالب حمراء تتجه إلى اليمين.

وأوضحت وزارة الداخلية الاتحادية في ذلك الوقت أن “علم الخدمة الاتحادية هذا مخصص للوكالات الرسمية للحكومة الاتحادية”، وعلى سبيل المثال، إذا قام أي شخص بالتلويح بالعلم في إحدى مباريات المنتخب الوطني، يعتبر ذلك مخالفة قانونية يعاقب عليها بدفع بغرامة، كما استمر الجدل حول استخدام “النسر الاتحادي” على قمصان الفريق الوطني الألماني لكرة القدم وكرة اليد.

وحققت الأعلام الاتحادية ذات الألوان الأسود والأحمر والذهبي قبولاً كبيراً خلال ما عرف بالثورة السلمية في ألمانيا الشرقية في عام 1989، حيث لوح المتظاهرون ضد النظام االشيوعي بأعلام سوداء – حمراء – ذهبية، لكن دون رموز الدولة في جمهورية ألمانيا الديمقراطية.

أما اليوم، يرمز ثلاثي الألوان الأسود والأحمر والذهبي إلى ألمانيا المنفتحة على العالم، لكن المتظاهرين اليمينيين المتطرفين والعنصريين يسيئون استخدام الأعلام بهذه الألوان لأغراضهم الخاصة.

سفين تونيغس – دويتشه فيله[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها